الرئيسية / مقالات / الوطن والمواطنة مابين الفطرة والتطبع

الوطن والمواطنة مابين الفطرة والتطبع

السيمر / السبت 13 . 01 . 2018

محمد جواد الميالي

العشق والحب، لهما أواصر إرتباط عديدة، وحب الوطن رغم ما فيه من عذرية، إلا أنه يعتبر أكثر أنواع الحب، غموضاً وتعقيداً.
إن مقومات الحياة بسيطة جداً، حيث لا تخرج من إطار، توفير الحماية والكرامة للمواطنين، وأما العمل فلا يصعب إيجاده، لكنه يحتاج إلى جهد أحياناً.
الفطرة التي تتولد وتنشأ، داخل الإنسان منذ ولادته، عن مفهوم الوطن في نفوس العرب، تختلف عن الغرب، بسبب العادات الإجتماعية، التي يكتسبها الشخص من محيطه الخارجي، فالعرب لديهم قدسية لمفهوم الوطن، بالخصوص الذين ينشاؤون، نشأة قبلية أو عشائرية، خاصة عرب شبه الجزيرة العربية، حيث تكون الأرض بمثابة العرض لهم، وهذا شيء لا يختلف عليه إثنان، أما مفهوم المواطنة، فقد تكون ذات تاريخ حديث في نفوس العرب، أو بالأحرى مفهوم مكتسب من الإعلام الغربي، ذو الأهداف التهديمية، لانهم يعتبرون المواطنة، تأتي نتيجة الجهد الذي يبذلونه على أرضهم .
إن من أهم معالم تهديم المجتمع وتفككه، هو غياب وعدم أهمية، مفهوم الوطن في فكر الشباب، لأننا كما نعلم أن كل دولة ناجحة ومتطورة، تقوم على أساس قوي، وهذا الأساس هو عقلية الشباب، بعد 2003م تخلص العراق من نظام دكتاتوري، وتحول إلى الحكم الديمقراطي، وهذا الشيء كان نقلة نوعية، في فكر المجتمع العراقي المراهق، إلا أن ما حدث من فشل في إدارة السلطة، والفساد الذي إنتشر داخل الكابينة السياسية، وكثرة التفجيرات الإرهابية، وعدم وجود أبسط معالم المعيشة، التي يحتاجها المواطن، جعلت البعض من شبابنا يفكر في الهجرة، فأصبح مفهوم الوطن، مجرد مفهوم ثانوي، حسب ما روج له في الإعلام المرتزق، لكن ما أنتجته الحرب ضد داعش، أظهرت المعدن الحقيقي للشباب العراقي، أظهرت عقيده ومبدئ في حب الوطن، جعلت مفهوم الأرض والتمسك وعدم التفريط بها، بكل أنواع التضحيات المادية والجسدية، من المقدسات التي يؤمنون بها، بعيداً عن أي مستوى للفقر، أو عدم وجود أي دعم مادي، من الحكومة لرعاية الشباب والإهتمام بهم.
لكن مصطلح المواطنة، الذي ظهر حديثاً، بسبب الإعلام المضلل، الذي نشر مجموعة أفكار عن طريق أدواته، التي هيئها داخل بلدنا، لكي يحاول جاهداً أن يفكك مجتمعنا، جعلت البعض يستفسر، هل عليه أن يضحي من أجل وطن، لا يوفر له أبسط مقومات الحياة من أمن وعمل؟ الأجابة هنا بسيطة، الوطن عبارة عن عائلة كبيرة، لا تختلف عن عائلتنا المصغرة، فلو كان أبي فقير الحال، ومعوق إعاقة جزئية تنتفي بالعلاج، هل سأتركه أم أبقى معه إلى حين أن يشفى؟
إذا بالفطرة نولد ونحن نحب آباءنا، بعيداً عن مستوى الوضع المادي الذي هم فيه، وبعيداً عن مستوى الصحة الجسدية التي يتمتعون بها، فكذلك الوطن معاق إعاقة جزئية، تنتفي بتكاتف شبابة، عن طريق العمل على الدخول في كافة مفاصل الدولة، لتحقيق مفهوم الوطن والمواطنة، التي يرمون الوصول اليها، اذا هل سيتكاتف الشباب لينهض بالعراق من جديد؟

اترك تعليقاً