التسمية
الكسنزان كلمة كردية تعني “لا يعلم به أحد” أطلقت كلقب على أسرة الشيخ محمد بعد أن لقب به جدهم الأول عبد الكريم بسبب انقطاعه لمدة أربع سنوات عن الناس مختليا في أحد جبال قرداغ بضواحي مدينة السليمانية، وحينما كان يُسأل عنه يجاب بـ (كسنزان). وبعد عودته جرى اللقب على ألسنة الناس وعَلَما لهذه الطريقة التي تبنى مشيختها عبد الكريم وأبناؤه وأحفاده من بعده.
أما العشيرة التي ينتمي لها الشيخ محمد الكسنزان فهي السادة البرزنجية، والأب الأعلى لها هو الشيخ عيسى البرزنجي أول من سكن في برزنجة شمالي العراق.
شيخ الطريقة محمد الكسنزاني (مواقع التواصل)
الانتشار
انتشرت الكسنزانية في تسعينيات القرن الماضي بالعراق في ظل حكم صدام حسين، وهو ما أكده المختص بالدعوة والخطابة في كلية الإمام الأعظم الشيخ لؤي السلماني قائلا إن انتشارها كان بغطاء من عزة الدوري نائب رئيس الجمهورية آنذاك الذي حضر لهم بعض حلقات الذكر وواظب على دعمهم لفترات طويلة.
وتابع السلماني حديثه أنه بعد عام 2003 ومع الغزو الأميركي نشطت الدعوة الإسلامية بالمساجد، وبدأت التوعية والتحذير من التصوف الخرافي كهذه الطريقة، من بعض المعارضين لها وخاصة السلفيين، مما أثر سلبا على الكسنزانية وأدى إلى تحجيمها، وساعد على ذلك إنكار المجتمع بعض التصرفات والتصريحات غير المنطقية كدعوتهم لأتباعهم عدم حضور صلاة الجمعة والجماعات بالمساجد وحلق اللحى وإطالة شعر الرأس وتجنب مقاومة المحتل والتوجه إلى التكايا (مقرات تعبدهم بدل المساجد) والدروشة والضرب بالخناجر وأكل الزجاج مما قلل بشكل ملحوظ الإقبال عليهم حتى أصبح وجودهم ضئيلا قياسا بما سبق.
ما يعتقده الكسنزانيون خارقة وكرامة يعده معارضوهم استدراجا من الشيطان (مواقع التواصل)
خوارق
عملية الضرب بالدرباشة -وهي الأداة الحادة التي يستخدمها مريدو هذه الطريقة لضرب أماكن محدودة من الجسم دون الشعور بالألم أو مضاعفات بالجرح- من أبرز عادات وطقوس الكسنزانية والتي تعتبر بنظرهم خارقة وبمثابة كرامة، لكن المعارضين يعتبرونها -وبحسب قول الأكاديمي وأستاذ التفسير بالجامعة العراقية في بغداد د. عبد الله الهيتي- استدراجا من الشيطان بنظر معظم العلماء المتفق عليهم في الأمة الإسلامية. وتشمل الدرباشة على العديد من الفعاليات أشهرها:
- إدخال أدوات حادة كالأسياخ والسيوف بمناطق مختلفة من الجسم كالخدين واللسان والبطن.
- غرز خناجر في جوانب مختلفة من الجمجمة.
- مضغ وابتلاع أمواس الحلاقة وقطع الزجاج المكسور.
- تعريض اللسان واليدين للنار ولدغات الأفاعي ولمس التيار الكهربائي.
وبحسب موسوعة الكسنزان -فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان- فإن المريدين وممارسي هذه الطقوس لا يتجاوز الألم عندهم قدر وخزة إبرة أثناء القيام بهذه الفعاليات، ويمكنهم تكرارها مرارا ولا تصاب الجروح بنزف أو التهاب كونها كرامة خصهم الله بها، بينما هي عند المعارضين استدراج شيطاني.
الظفيري اعتبر أن الكسنزانية انحرفت كثيرا فدخلها البدع والضلالات والخرافات (مواقع التواصل)
انحراف
ما نراه من عادات لدى مريدي الطريقة الكسنزانية لم يرد في كتب التصوف الأولى والتي امتاز رجالها بالزهد عن زينة الدنيا والتواضع، واتباع ما ورد من أذكار في الأحاديث النبوية أمثال الجنيد البغدادي وإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي والكيلاني.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر الشيخ فاروق الظفيري عضو شورى رابطة أهل السنة والجماعة بالعراق أن الطريقة الكسنزانية انحرفت مع تقادم الزمن، وتغيرت أحوالها فتحولت إلى طرق شتى دخلتها البدع والضلالات والخرافات في الأذكار والأوراد وطريقة تطبيقها.
وأضاف الشيخ الظفيري أن الضلال وصل بالكثير من أتباع هذه الطريقة إلى تبني الآراء المنحرفة من وحدة الوجود، والغلو في تقديس شيخ الطريقة كالانحناء أمامه والمشي للخلف عند الانصراف من مجلسه، إضافة الى البعد عن العلم الشرعي، ولهذا ما نراه اليوم من أغلب مدعي التصوف لا علاقة له بمن ادعوا الانتساب لهم بل هي طرق مبنية على البدع.
طقوس الكسنزانية حسب الشيخ الهيتي أساءت لصورة الإسلام بالغرب (مواقع التواصل)
نفور
عادات الكسنزانية العبادية تعتبر شاذة عما هو معتاد من المناهج الأخرى من الصوفية ناهيك عن رفضها عند السلفيين، حسب الهيتي، معتبرا أن الطقوس لدى الكسنزانية وبالتحديد الضرب بالآلات الحادة “الدرباشة” أساءت لصورة الإسلام لدى الغرب وأمام عموم الديانات الأخرى في العالم فقد صورت الإسلام أنه من دعاة إيذاء الجسد وتشويهه، فكانت سببا في نفور البعض من الدين الحنيف بسبب تقاليدها التي لا تمت للإسلام بصلة.
وأضاف الهيتي أن الكسنزانية وشحت بلغط الكثيرين حتى من أتباعها بسبب تأسيسها في بريطانيا قبل عقود طويلة ودخول رموز منهم السياسة، وهو غير معتاد لدى باقي الطرق المتصوفة التي تمتاز بابتعادها الكامل عن السياسة، وقد خاض نهرو محمد عبد الكريم (ابن رئيس الطريقة الكسنزانية) السياسة وأصبح عضوا في البرلمان والأمين العام لتجمع “الوحدة الوطنية” ورئيس تحالف “الوحدة الوطنية”.
ويعترف نهرو الكسنزاني بآرائه السياسية بشكل علني، وينادي بمواجهة عسكرية أميركية ضد إيران، وهو سبب آخر حدّ من مريدي الطريقة ومن انتساب جدد لها.
الوفاة والخلافة
توفي مرشد الطريقة القادرية الكسنزانية السبت الماضي عن 82 عاما بعد تدهور صحته مطلع فبراير/شباط الماضي نقل على إثرها للعلاج في الولايات المتحدة.
وأضاف مارف أن الشيخ كان قد أوصى منذ 25 عاما بخلافته لولده الشيخ نهرو.