السيمر / الجمعة 12 . 02 . 2021
أياد السماوي
أرقام وإنجازات ضخمة وستراتيجيات واعدة لمحاربة الفساد , أعلنت عنها هيئة النزاهة الاتحادية في مؤتمرها الذي عقدته يوم أمس الخميس 11 / 02 / 2021 والذي حضره عدد من المسؤولين والنواب والقضاة ورجال الإعلام .. من ينظر إلى الأرقام التي أعلن عنها القاضي علاء جواد حميد رئيس الهيئة , سيخرج بنتيجة أنّ الفساد في العراق قد أصبح أثر بعد عين في عهد القاضي الهمام علاء جواد حميد , والقارئ لهذه الأرقام والإنجازات قطعا سيعيش لحظات من النشوة والفرح والأمل بأنّ عهد الفساد والنهب المنّظم للمال العام قد ولّى ولم يعد له وجود في بلدنا.. لكن ما أن تبدأ باستعراض هذه الأرقام والإنجازات رقما رقما حتى تصطدم بالواقع المرّير الذي وصلت إليه مؤسسات ووزارات الدولة , بما فيها هيئة النزاهة نفسها واللجان الرقابية الأخرى .. وأول سؤال يطرح على جناب القاضي علاء الذي تحدّث بزهو عن إنجازاته في المؤتمر , إذا كانت هذه الأرقام والإنجازات قد حقّقتها الهيئة فعلا خلال العام الماضي , فما هي موجبات تشكيل لجنة الأمر الديواني رقم 29 المخالفة للدستور والقانون , والتي ارتكبت أفضع الانتهاكات لحقوق الإنسان بعد سقوط نظام البعث المجرم ؟ ولماذا صمتت الهيئة على تشكيل هذه اللجنة التي صادرت اختصاصها الحصري في التحقيق بقضايا الفساد ولم ينبس رئيسها ببنت شفة ؟ السيد رئيس الهيئة المحترم يعتقد أنّ السادة الحاضرين ليس بينهم أحد يفهم بلغة الأرقام , ولهذا فلا بأس بطرح أي رقم سواء كان صحيحا أو غير صحيح ما دام الأمر هو الاستعراض وتضليل الرأي العام , وعلى سبيل المثال لا الحصر , السيد رئيس الهيئة تحدّث عن إعادة ومنع هدر أكثر من ترليون وربع دينار , من دون أن يذكر المبالغ التي استردّت فعلا إلى خزينة الدولة وكم هي نسبتها بالنسبة للأموال المتسرّبة والمنهوبة من الخزينة للفترة نفسها .. وكلّ الأرقام التي أوردها السيد رئيس الهيئة هي على هذه الشاكلة .. وكان الأجدر بالسيد رئيس الهيئة أن يخبر الرأي العام والشعب العراقي أنّ 99,9 % من القضايا المحالة إلى التحقيق والقضاء تتعلّق بقضايا الرشوة والإخلال الوظيفي ولم تتعلق بقضايا الهدر بالمال العام وصفقات الفساد الكبرى التي توّرطت بها الكتل السياسية الفاسدة والمجرمة …
في هذا المقال سأقدّم للرأي العام والشعب العراقي مثالين فقط من بين آلاف أمثلة الفساد والسطو على المال تغاضت عنها هيئة النزاهة وأسدلت الستار عليها , لأثبت للرأي العام والشعب العراقي أنّ هيئة النزاهة هي جزء لا يتجزأ من الفساد .. المثال الأول هو ملّف عقد الشركة العربية لنقل البترول الذي تمّ توقيعه في 1 / 7 / 2017 في زمن حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي والذي ألغي في زمن عادل عبد المهدي وتمّ الرجوع إليه مجددا بعد عشرة أيام من توّلي رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي , هذا العقد الذي يتسبب سنويا بخسارة مقدارها 130 مليون دولار لخزينة الدولة .. تفاصيل هذا الملف موجودة لدى القاضي علاء جواد حميد وهو نموذج بسيط عن كيفية تعامل الهيئة مع ملّفات الفساد الكبرى وصفقات سرقة المال العام .. والمثال الثاني هو ملّف الحاصدات الزراعية الذي تسبّب بضياع 127 مليار دينار عراقي لشراء حاصدات زراعية توّزع على الفلاحين ضمن المبادرة الزراعية التي أطلقها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ولم توّزع حاصدة واحدة على الفلاحين , وذهبت جميع الأموال في جيب الكتلة السياسية التي ينتمي إليها مدير عام هيئة التجهيزات الزراعية عصام عليوي الذي هرب من السجن في القصة المعروفة وحكم عليه بعد ذلك بسنتين , ولم يسترجع دينارا واحدا لخزينة الدولة وتمّ الاكتفاء بسجن عصام عليوي .. وما استعرضناه هو غيض من فيض من صفقات الفساد التي أسدلت عليها الستار هيئة النزاهة الاتحادية .. ولو كانت الهيئة قد استردّت عشرة بالمائة فقط من المال العام المهدور والمسروق من خزينة الدولة , لما وصلنا إلى هذا المستوى من الفساد والنهب المنظم للمال .. أمّا ما تحدّث به جناب القاضي علاء عن أوامر الاستقدام والتحقيق والقبض , فهو أمر مثير للضحك والسخرية .. أخيرا أقول لجناب القاضي علاء جواد حميد .. لا خير برئيس لهيئة النزاهة يجعل من مكتبه مكانا للالتقاء بالفاسدين من السياسيين ..
في 12 / 02 / 2021
الجريدة غير معنية وغير مسؤولة عن كل ما تم طرحه من آراء داخل المقال ، ويتحمل كاتب المقال كامل المسؤولية