السيمر / فيينا / الجمعة 13 . 08 . 2021 —— مع تحقيق حركة “طالبان” تقدما ميدانيا متسارعا في مختلف مناطق أفغانستان، تصعد دول غربية مساعيها لإجلاء آلاف الأفغان الذين ساعدوا قواتها على مدار سنوات الحرب الطويلة في البلاد.
ومنذ الربيع الماضي بدأت الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأكبر من حيث عدد القوات في أفعانستان، وضع خطط لإجلاء المترجمين الأفغان الذين تعاونوا معها وعائلاتهم من البلاد وسط مخاوف من استهدافهم لغايات انتقامية من قبل مسلحي “طالبان” بعد خروج القوات الأمريكية.
وحسب بعض التقديرات الأمريكية، فإن عدد من يفترض إجلاؤهم قد يبلغ 50 ألف شخص.
ومع تدهور الوضع الأمني في أفغانستان، انخرطت دول أخرى بنشاط أكبر في جهود إجلاء المتعاونين المحليين معها، وهو ما ضغطت لأجله منظمات حقوقية وجمعيات للمحاربين القدامى في أفغانستان بتلك الدول.
ودعا وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر اليوم الجمعة إلى سرعة خروج المواطنين الأفغان الذين دعموا الجيش الألماني خلال مهمته في البلاد.
وقال زيهوفر إن “الوضع في أفغانستان يزداد تهديدا” وأضاف: “سواء كانت رحلات طيران عارض أو إصدار التأشيرات بعد الوصول إلى ألمانيا – أنا أؤيد جميع الإجراءات التي تمكن موظفينا الأفغان وعائلاتهم من مغادرة البلاد بسرعة.. ليس هناك وقت للبيروقراطية وعلينا أن نتحرك”.
وفي أستراليا، صرح رئيس وزرائها سكوت موريسون بأن بلاده تعمل بشكل عاجل مع الولايات المتحدة لإجلاء آخر الأفغان الذين ساعدوا القوات والدبلوماسيين الأستراليين.
وأضاف أن أستراليا أعادت منذ أبريل توطين 400 أفغاني وعائلاتهم، دون أن يكشف إجمالي عدد المشمولين ببرنامج الإجلاء وإعادة التوطين.”
يأتي ذلك بعد أن أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أمس الخميس أن بلاده سترسل مئات العسكريين إلى أفغانستان لمساعدة الرعايا البريطانيين والمترجمين المحليين على مغادرة أفغانستان في ظل تدهور الوضع الأمني هناك.
وفي وقت سابق وافقت الحكومة التشيكية على برنامج لمساعدة الأفغان الذين عملوا مع القوات التشيكية خلال انتشارهم في مهمات الناتو، وتوطينهم في البلاد.
مشاكل وتحديات
وأعلنت واشنطن في نهاية يوليو عن استقبالها أول دفعة من المواطنين الأفغان الذين عملوا لحساب الجيش الأمريكي، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن برامج إجلاء المترجمين الأفغان تواجه عددا لا يستهان به من المشاكل.
وفي حالة ألمانيا، تشير وزيرة الدفاع أنيغريت كرامب-كارنباور إلى إن العقبة الرئيسية تتمثل في أن الموظفين المحليين يحتاجون إلى جوازات سفر أفغانية لمغادرة البلاد، والتي يقال إن السلطات الأفغانية تصدرها ببطء.
لكن مشاكل برلين لا تقارن بالمشاكل التي يصطدم بها برنامج اللجوء الأمريكي للأفغان المتعاونين مع الولايات المتحدة، الذي يثير “تحديات دبلوماسية ولوجستية وبيروقراطية كبيرة”، حسب اعتراف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
ويعود ذلك جزئيا لضخامة هذا البرنامج، لكن أيضا لكونه يتضمن فكرة تحويل أعداد من المتعاونين الأفغان إلى أراضي دول أخرى أولا، حتى استكمال كل الإجراءات اللازمة لنقلهم إلى الولايات المتحدة نفسها، ما أثارت اعتراضات في تلك الدول.
وقالت تركيا قبل أيام إنها ترفض “القرار الأمريكي غير المسؤول الذي اتخذ دون التشاور معنا” لجعل أراضيها “طريق هجرة” للأفغان، معتبرة أن هذه الخطوة “ستزيد من معاناة الأفغان في دروب الهجرة” وستشعل “أزمة هجرة كبيرة” في المنطقة، مضيفة أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد نقل هؤلاء الأشخاص إليها، يمكنها نقلهم مباشرة بالطائرات.
وفي الكويت، عبر عدد من النواب الكويتيين عن رفضهم لاستضافة بلادهم المترجمين الأفغان، مبررين موقفهم بعدة اعتبارات منها الأمن القومي والاستراتيجي والمخاوف من تداعيات الخطوة على التركيبة السكانية في البلد، وذلك بعدما تقارير عن “استعداد الجيش الأمريكي لإيواء ما يصل إلى 35 ألف مترجم أفغاني وأفراد عائلاتهم في قاعدتين أمريكيتين في الكويت وقطر”.
وفي الوقت الذي يبدو أن قلائل يصدقون تطمينات “طالبان” بأن الحركة لا تنوي ملاحقة المترجمين الأفغان الذي كانوا يتعاونون مع الولايات المتحدة، تبقى واشنطن وحلفاؤها في التانو في سباق محموم مع الزمن لإظهار أنهم فعلا أوفياء لمن ساعدوهم وقادرون على ضمان حمايتهم.
المصدر: RT