الرئيسية / مقالات / الاستدمار الفرنسي للجزائر.. جعل النفيس رخيصا

الاستدمار الفرنسي للجزائر.. جعل النفيس رخيصا

السيمر / الأحد 26 . 11 . 2017

معمر حبار / الجزائر

من حسن حظّ القارىء المتتبّع أنّه يقرأ ويقارن حتّى ولو لم يشر إليها صاحب الكتاب سهوا أو عمدا، ولمعرفة هول الاستدمار الفرنسي المفروض على الجزائر وكيف حوّل كلّ عزيز ثمين يملكه الجزائري إلى زهيد يباع بأبخس الأثمان، عليه أن يقف على حقيقة الاستدمار من أهله وأصحابه، ومنهم الكتاب الذي أنهيت قراءته البارحة في انتظار أن أقدّم قراءة بشأنه:
ALGERIE D’AUTREFOIS DESCRIPTION DU VOYAGE EN ALGERIE”, DE FRITZ PERNOD DE COUVET EN L’AN 1866 », Présenté par Docteur Mustapha Makaci, Thala Editions, Alger, Algerie, 2013, contient 80 pages.
جاء في صفحة 13، أنّ ثمن حصان جيد سنة 1866 أي السنة التي زار فيها الجزائر كان يساوي 400 فرنك، وثمن العجل يساوي 80 فرنك، بينما ثمن البغل يتعدى عادة 1200 فرنك. ومعنى هذا الكلام أنّ الجزائري وهو يملك ثروة كالحصان تحوّلت بفعل الاستدمار إلى سلعة لاتساوي شيئا لأنّ الحصان أمسى سلعة غالية لايقربها الجزائري بل أمسى عامل نظافة للمستدمر الفرنسي يرعى أحصنته التي هي في الأصل أحصنة عربية جزائرية أصيلة لم يحلم بها نابليون والذين احتلوا الجزائر.
وحين زار الكاتب الفرنسي باتنة ودائما في سنة 1866 يقول: أهديت لي أرض بمساحة 15 هكتار وتحتوي على مياه كثيرة وبستان بـ 1300 فرنك، وأضاف: لأبين لكم أنّ سعر الأرض ليس مرتفعا. وعليه أضيف: وكان عليه أن يقول: سعر الأرض في الجزائر زهيدا جدا ، لأنّ الجزائري إبّان الاستدمار الفرنسي لم يعد باستطاعته خدمة الأرض لأنّها مكلّفة من حيث الضرائب التي يفرضها عليه المستدمر الفرنسي لذلك تخلى عنها للمستدمر المحتل، وقد سمعت لأحد المؤرخين الجزائريين هذا العام عبر الإذاعة الجزائرية، أنّ الجزائري كان يخاف من النيران إن أتلفت حقله لأنّه حينها سيدفع ثمن الحريق رغم أنّه ليس السبب بل كان من المفروض أن تعوّض الخسائر الفادحة التي ألحقت به، فهو في كلّ الحالات يرهقه الاستدمار بالضرائب. وحدّثني شيخ طاعن في السّن فقال: “يٙاوْلِيدِي، كنّا ندفع بٙتِيتٙةْ الهْوٙا ” أي ضريبة الهواء حين ينثر الجزائري القمح في الهواء لتمييزه واستغلاله.
ويمكن للقارئ الآن أن يقارن بين سعر البغل بـ 1200 فرنك وسعر 15 هكتار بـ 1300 فرنك أيام الاستدمار الفرنسي ليعرف مدى الظلم والإجحاف الذي ألحق بكل عزيز ثمين يملكه الجزائري ليتحوّل إلى تراب لا يساوي شيئا ويتحوّل في نفس الرخيص الذي يملكه المستدمر إلى لؤلؤ وذهب يباع بأغلى الأثمان.
والمثال الثاني سبق أن ذكرته في مقال لي بعنوان: ” الجزائر كما يراها بيار لوتي”، بتاريخ: الإثنين 23 جمادى الأول 1438، الموافق لـ 20 فيفري 2017 أثناء عرض كتاب:
DE PIERRE LOTI « LES TROIS DAMES DE LA KASBAH », EDITIONS DU LAYEUR, 96 PAGES..
باعتباره زار الجزائر أوّل مرّة سنة 1869، وخلال سنوات 1869-1880، وتحدّث عن الذهب الذي يزيّن المرأة الجزائرية لكنه لايساوي شيئا وتبقى حاملته الجزائرية فقيرة رغم كميته الكبيرة جدا، وسيطرة اليهود على سوق الذهب والفضة والمال وتبعية الجزائريين لهم بسبب الفقر المفروض عليهم من طرف نهب الاحتلال والاستدمار الفرنسي”.

اترك تعليقاً