السيمر / الأربعاء 17 . 01 . 2018 — في عصر الحداثة والتكنلوجية يلجأ المواطنون العراقيون الى الطب بالاعشاب الذي كان يستخدم في زمن العصور القديمة بسبب ارتفاع اسعار معاينة الاطباء والادوية في الصيدليات وسط غياب الرقابة الحكومية من قبل وزارة الصحة، حيث بلغت تسعيرة معاينة الاطباء في مناطق مركز العاصمة بغداد الى اكثر من 50 الف دينار، كما ان تسعيرة الادوية مرتفعة جدا مقارنة للدول المجاورة والمنطقة.
وعلى الرغم من ان مهنة الطب تعتبر من المهن الانسانية الا ان الاطباء في العراق يستغلونها من اجل كسب الارباح والمال على حساب المرضى الذي اغلبهم من الكسبة والفقراء الذي ليس بمقدورهم دفع ما يطلبه منهم الطبيب والصيدلي، لاسيما وان العراق يمر بظروف استثنائية جعلت حالات المرضى كثيرة بسبب الحروب والتفجيرات والتلوثات البيئية.
ويقول المواطن علي حسين، إنه وعند مراجعته الطبيب المعالج لحالته المرضية وتوجهه للصيدلية لصرف العلاج، رفض عدد من اصحاب الصيدليات المجاورة لعيادة الطبيب، صرف الوصفة، ونصحوني بشرائها من صيدلية أخرى يتعامل معها الطبيب المعني، مردفاً كلامه بالقول، وحين تجاهلت نصيحتهم وطلبت منهم صرف العلاج الذي يبلغ ثمنه 35 ألف دينار، قالوا، لا بأس سنصرفه لكن سيرفضه الطبيب!.
وأضاف حسين، فوجئت بإصرار الطبيب على تغيير العلاج بحجة عدم مطابقته الوصفة، وأخيراً استسلمت وجلبت الدواء من الصيدلية التي يتعامل معها الطبيب، لكن مع فارق كبير بثمن العلاج. مشيراً الى أن بعض الصيدليات تتعمد ختم الوصفة ليعرف الطبيب أنها مجهّزة من قبلهم، وأخرى تستخدم أكياساً خاصة تحمل اسم الصيدلية كدلالة للتعريف. موضحاً أن، بعض الصيدليات باتت لا تصرف وصفات اطباء معينين وينصحون المريض بمراجعة الصيدلية التي يتعامل معها الطبيب لأنهم يعلمون أن الطبيب المذكور سيقوم بإعادة الدواء الذي يشتريه المريض من صيدلية أخرى.
اما المواطن عماد عبد الحسين الذي يعاني من مرض حصى الكلى فقد اشار الى انه ذهب طبيب في منطقة الحارثية وسط بغداد لمعاينة مرضه ووصفه العلاج له، الا انه فوجئ بسعر كشفية الطبيب بـ 50 الف دينار ، وغادر العيادة متجها الى محال لبيع الاعشاب واشترى العلاج الذي لا يتجاوز سعره الـ 5000 دينار.
الى ذلك قال عضو لجنة الصحة والبيئة النائب عبد الهادي السعداوي لـ(وان نيوز)، ان “تسعيرة الاطباء لا تدخل ضمن اطار عمل وزارة الصحة وانما نقابات الصيادلة والاطباء هي من تتابع وتشرف على التسعيرات التي يحددها الاطباء في عياداتهم الخاصة، كما ان ضعف الرقابة والتفتيش والمتابعة من قبل الجهات الرقابية في وزارة الصحة على العيادات الخاصة والصيدليات دفع هؤلاء الاطباء والصيادلة الى التلاعب بالتسعيرات كيفما يشاؤون”.
واضاف السعداوي ان “النقابات في العراق ومنها نقابتي الاطباء والصيادلى تعتبر من الحلقات الفاسدة في الدولة ومضى عليها زمن طويل فلا بد من تغييرها ، كما ان الجهات الرقابية المعنية مطالبة بتكثيف عملها لمتابعة ومحاسبة الذين يتلاعبون بالتسعيرات الخاصة بالطب”، مبينا ان “هناك اشبه بالبورصة ما بين الطبيب والصيدلية حيث يلزم المريض بشراء العلاج من الصيدلية التابعة لعيادة الطبيب الذي عالجه”.
واشار الى ان “قانون التامين الصحي ارسلته الحكومة الى البرلمان وبعد دراسته بشكل مستفيض تبين انه يخدم شركات التامين في القطاع الخاص ولا يخدم المواطنين، مما الزم لجنة الصحة والبيئة على تشريع قانون خاص بالتامين الصحي وقدمته الى رئاسة الجمهورية بانتظار موافقة رئاسة الجمهورية لكي يتم تشريعه في البرلمان”.
من جهته، رأى الكاتب والباحث شاكر العبادي ،ان ظاهرة العيادات الخاصة للاطباء والصيادلة، أصبحت حالة مخيفة جدا ومتعبة لشرائح المجتمع عامة، وخاصة الفقراء والمحرومين، في ظل ارتفاع اسعار (المعاينات) في تلك العيادات. فقد وصل سعر (المعاينة او الكشفية) الى مبالغ خيالية جدا، وهذا شيء مخيف بالنسبة للفقراء من مجتمعنا.
واضاف في حديثه لـ(وان نيوز) “اليوم نرى طوابير من الفقراء والمحرومين الذين لا يملكون اجرة الفحص اي (الباص) في المستشفيات والمراكز الصحية ومقداره 3000 دينار، وفي معظم الأحيان لا ترى من الطبيب المعالج اي عناية او اهتمام بمريضه. ولم نعد نجد الطبيب يفحص مريضه سريريا، فهو يكتفي بالاستماع له ومن ثم يكتب له العلاج (حبة البراسيتول) الشائعة في كل المستشفيات والتي تصرف لكل المرضى ويذهب المريض الى بيته فرحا بهذه الحبة، التي قد تشفيه من علته او مرضه”.
وتابع “هكذا حال مؤسساتنا الصحية ومستشفياتنا والتي وصف من يعمل فيها بأنه أحد ملائكة الرحمة ولكن اليوم لا نجد ملائكة الرحمة، انهم شياطين وعندما نتجه نحو المؤسسات الصحية والمستشفيات الحكومية، والى عالم العيادات الخاصة للاطباء والصيادلة، فنتيقن انها غدت لا علاقة لها بالقيم الإنسانية، المهم هو المتاجرة بحياة الناس. الفقراء لا مكان لهم في عيادات خاصة كهذه بسبب الاسعار الخيالية (للمعاينة او الكشفية) التي يحددها الطبيب. والتي لا يستطيع الفقير والمحروم ان يراجعها، ولا حتى الذهاب الى الصيدليات الاهلية التي اصبحت هي الأخرى تمتص دم الفقراء بأسعارها المرتفعة جدا والخيالية”.
وتساءل العبادي ” اين الرقابة الصحية من هؤلاء الاطباء والصيادلة؟ اين الرقيب على فسادهم المالي بحق الفقراء والمحرومين؟ اين هي من الصيادلة والتخمة التي رافقتهم؟ مثل هؤلاء الاطباء والصيادلة فقدوا كل مقومات الانسانية والخلق”.
واشار الى ان “الاغنياء والمترفون هم من يتوافدون على العيادات والصيدليات الخاصة، فلديهم المال ويستطيعون حتى السفر خارج البلاد للمعالجة او اجراء عمليات حتى وان كان ثمنها باهظا. اما الفقراء فلا يستطيعون ان يراجعوا حتى المراكز الصحية، لانهم لا يملكون سعر (التذكرة)”.
واوضح ان اسعار (كشفيات) الاطباء في العيادات الخاصة، والأدوية في الصيدليات الأهلية، يجب ان تخضع الى مراقبة من قبل وزارة الصحة، حتى تتمكن كل شرائح المجتمع من مراجعة هذه العيادات والصيدليات.
وان نيوز