السيمر / السبت 17 . 02 . 2018 — لا يزال موضوع تواجد القوات الأمريكية على الأراضي العراقية محط جدل وطني عراقي، فالفصائل التي قاتلت داعش تتساءل اليوم عن سبب تواجد ما يقارب من 5000 جندي أمريكي ينتشرون في سبع محافظات وثماني قواعد عسكرية تتمثل بـ” فيكتوري في مطار بغداد الدولي، الحبانية في الانبار، بلد الجوية في صلاح الدين، التاجي في بغدادا، عين الأسد في محافظة الانبار، القيارة الجوية في نينوى، رينج في كركوك، أربيل”.
وتقول القوات الأمريكية أن مهمتها في العراق تقتصر على ثلاث مهام ” تدريب القوات الأمنية، تقديم المشورة العسكرية، دعم القوات الأمنية بالعتاد”، ولاسيما وان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، قد اشار الى اهمية بقاء قسم من هذه القوات للحفاظ على المكتسبات القتالية ولعدم دحر تنظيم داعش نهائيا.
وزادت المطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق من قبل 15 فصيل مسلح يطالبون بخروجها من العراق ويهددون باستهدافها، ونذكر من هذه الفصائل ” عصائب اهل الحق، كتائب حزب الله، حركة النجباء وغيرها”.
الواضح ان واشنطن تريد ابقاء قسم من قواتها في العراق والحفاظ على بعض المكاسب التي حققتها، فعلى سبيل المثال نجد القوات الأمريكية اليوم تعمل على إنشاء قاعدة جديدة قرب الحدود مع سوريا، وهذا يدل على رغبتها بالبقاء وليس الخروج، بالخصوص في بعض المناطق الحساسة قرب منفذ الوليد على الحدود السورية في المنطقة الصحراوية الواسعة، لتكون قريبة من سوريا، لإحداث توازن في الصراع الدائر هناك مع روسيا وإيران”.
تتمترس الفصائل المسلحة خلف حقائق وطنية كرفض المحتل والتدخل الاجنبي والسيادة العراقية للمطالبة بالانسحاب الامريكي، وهذه شعارات براقة لواقع عراقي عاطفي يمكن ان يتناغم معها، لكن هل هذه هي الحقيقة المجردة المراد تحققها، وهل ان الاهداف تقف فقد عند هذا الحد من المطالبة الوطنية بالسيادة والاستقلال من الوجود الخارجي، وهل هذا الوجود الخارجي الامريكي وحده هو المرفوض فيما ان هناك وجودات خارجية اخرى لا تمس بالسيادة والوطنية والاستقلال؟.
هل السيادة والاستقلال يتحقق بالتهديد باستهداف الآخرين خارج اطار الدستور والقانون والاجماع الوطني، ام ان السيادة والاسقتلال في الانسجام مع العقد العراقي المتفق عليه والتعاون من الحكومة الوطنية في تحصين الوطن وفهم الاشكاليات الداخلية والخارجية والعمل على توازن المصالح العراقية.
لاشك ان مواقف الفصائل المسلحة متعددة الاغراض والاهداف وهي تخدم وتضر في درجات متفاوته.
على مستوى التحليل فان وجود الفصائل يخدم في ظل حالة عدم الاستقرار العراقي وضعفه امام دول الجوار القوية والتي تفكر بالتغطرس والتغول على العراق، وبالتالي فوجود الفصائل وبالرغم من من الخلاف معها الان انها رسالة قوة للاطراف الاخرى، وعلى النقيض من ذلك يمكن قراءة ان وجود الفصائل المسلحة هو أمر خارج عن اطار القانون والدستور ووجودها بالاصل مرتبط باطراف اقليمية تريد ان تفرض مساحة لها على الواقع العراقي، في مقابل مساحة تريد ان تفرضها امريكا ايضا.
بين الرؤية الايجابية والقناعة السلبية بمواقف الفصائل المسلحة، نحن بحاجة الى قراءة وطنية توازن بين الرؤيتين، والوطنية هي في ان تكون الفصائل قريبة من حكومة البلد ومتفاهمة معها وطنيا لتحصين الاستقلال العراقي، لا ان تكون ممثلة لاراء اخرى.
الموقف العراقي