الرئيسية / الأخبار / «داعش» ينشط من جديد!.. هل سيسيطر على مدن عراقية مجددًا؟

«داعش» ينشط من جديد!.. هل سيسيطر على مدن عراقية مجددًا؟

السيمر / الثلاثاء 03 . 04 . 2018 — أقل من خمسة أشهر مضت على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبّادي النصر النهائي على تنظيم (داعش) الارهابي، فقد أعلن العبادي في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي النصر النهائي على التنظيم، وتحرير كامل الأراضي العراقية، لكنّ الوقائع على الأرض تشير إلى عودة نشاط التنظيم مرة أخرى، واستخدامه أساليب حرب العصابات، موقعًا خسائر بين القوات الأمنية العراقيّة في أكثر من محافظة. في هذا التقرير نحاول قراءة دلالات عودة نشاط التنظيم، ومدى إمكانية سيطرته مرة أخرى على مدن عراقية.

قطع الطريق واستهداف القوات الأمنية.. استراتيجية التنظيم الجديدة
لعلّ أبرز العمليات النوعية التي نفّذها مسلحو داعش الارهابي بعد إعلان العبادي النصر النهائي على التنظيم كانت في محافظة كركوك، حين اعترض مسلحو التنظيم رتلًا من قوات الحشد الشعبي، وأوقعوه في كمين أسفر عن مقتل 27 فردًا من الحشد الشعبي في فبراير (شباط) الماضي، إذ تنكّر مسلحو التنظيم بزي عسكري، وأوقعوا القوة في كمين، واشتبكوا معهم قرابة الساعتين على الطريق المؤدي إلى مدينة الطوز جنوب محافظة كركوك وسط العراق، قبل أن يتمكنوا من قتل 27 مقاتلًا من الحشد، وقد كان لهذه العملية أثرها الواضح في مجمل الوضع الأمني في العراق، ما اضطر الحكومة العراقية إلى إعلان عملية عسكرية واسعة في المحافظة لمطاردة مسلحي التنظيم.
مشهد يماثل ما عايشته المدن العراقية قبيل سيطرة التنظيم على محافظات عراقية في يونيو (حزيران) 2014، عندما انقضَّ مسلحو التنظيم على مدينة الموصل، واستطاعوا في بضعة أيام السيطرة على عدَّة محافظات عراقية حتى وصلوا إلى تخوم بغداد، ففي ليل 12 مارس (آذار) الماضي، شهد الطريق الرابط بين محافظتي بغداد وكركوك نَصْبَ التنظيم لسيطرات وهمية مموّهة بسيارات رباعية الدفع شبيهة بالتي تستخدمها القوات الأمنية، وأدى ذلك إلى مقتل وحرق 15 مدنيًّا عراقيًّا.
وتعدّ الطرق الرابطة بين محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين ونينوى من أخطر الطرق التي ينشط فيها مسلحو التنظيم، ففي كركوك أيضًا أفادت مصادر أمنية بأن مسلحي التنظيم أقدموا على إعدام عدد من منتسبي الشرطة الاتحادية على الطريق الرئيس الرابط بين بغداد وكركوك، بالرغم من إعلان القوات العراقية تأمين الطريق بعدد من حواجز التفتيش والدوريات الأمنية، وكان التنظيم قد نشر تسجيلات مصوّرة أظهر فيها الإعدامات بحق المختطفين في مناطق شبه جبلية يرجح أنها في تلال حمرين.
ضابط في قيادة عمليات نينوى اشترط عدم ذكر اسمه قال إن مسلحي التنظيم اعترضوا سيارتين مدنيتين كانتا تُقلان ثمانية جنود من قوات الجيش العراقي، كانوا في إجازة متوجهين إلى بغداد في بداية شهر مارس الماضي في قرية «عين الجحش» على الطريق الرابط بين محافظتي نينوى وبغداد. وأضاف المصدر أن مسلحي التنظيم أقدموا على قتل الجنود والسائقين قبل أن يلوذوا بالفرار. وعن الأسباب التي أدت إلى هذه الحادثة، أفاد المصدر أن المنطقة التي استهدف فيها الجنود هي امتداد لصحراء الجزيرة التابعة لمحافظة نينوى، وهي منطقة واسعة تمتد حتى صحراء الأنبار والحدود السورية، وأن هذه الصحراء قاحلة، وقد شهدت عدة عمليات عسكرية لكنها لا زالت تضم بعض مخابئ مسلحي التنظيم. وأشار المصدر إلى أن القوات العراقية تمشط هذه الصحراء، لكن العملية تستغرق وقتًا بسبب المساحات الواسعة الممتدة، والتضاريس الصعبة التي تجعل من الصعوبة بمكان السيطرة المطلقة على هذه الصحراء، خاصةً أن مسلحي التنظيم وقبلهم القاعدة كانوا يتخذون من هذه الصحراء ملجأ لهم منذ عام 2003، تاريخ بداية الغزو الأمريكي للعراق، بحسب المصدر.
الباحث الأمني والاستراتيجي هشام الهاشمي قال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «إن ما جاء في تقارير إعلام (داعش) الأخيرة ليس بالمحتوى أو المضمون الذي يمكن إهمال دراسته، فبعضه تم إعداده بعناية ونشره في تويتر ويوتيوب وتيليجرام وواتساب، وذلك لتسليط الضوء على أولويات الأجندة الداعشية ضد سكان المناطق المحررة والقوات الأمنية المرابطة، ومنح شحنة تحفيز لفلول داعش المنكسرة، وممارسة ضغوط على الحشد الشعبي والمناطقي لفتح نافذة خصومة مع القيادة المشتركة العراقية؛ بسبب قلة الدعم اللوجستي، وعدم تلبية متطلباتهم».
وحتى ساعة كتابة هذا التقرير، أفادت مصادر أمنية بأن ثلاثة مقاتلين من الحشد الشعبي لقوا حتفهم خلال عملية أمنية للقوات العراقية المشتركة ضد مسلحي «داعش» في قضاء طوزخورماتو جنوبي كركوك، وكانت عملية عسكرية عراقية انطلقت في منطقة الطوز على بعد 75 كيلومترًا جنوب كركوك لتأمين المناطق المفتوحة، وبحثًا عن جثث أفراد الشرطة الاتحادية الذين كان التنظيم قد أعدمهم في وقت سابق.
وإثر هذه العملية، أمر زعيم التيار الصدري ورجل الدين الشيعي «مقتدى الصدر» مقاتلي سرايا السلام -فصيل مسلح تابع له- بتأمين الطريق الرابط بين محافظات بغداد وكركوك وصلاح الدين، والذي بات يعرف بـ«طريق الموت»؛ نظرًا إلى تكرار حوادث القتل والاختطاف فيه.
الصحافي «رغيد الحيالي» من مدينة كركوك قال إن الأوضاع الأمنية في المنطقة الممتدة بين جنوب نينوى وكركوك وصلاح الدين غير مطمئنة، وإنه ما لم تؤمّن الحدود العراقية السورية بشكل كامل ويقضى على التنظيم في سوريا، فإن الوضع الأمني في العراق سيظل يراوح مكانه، ويضيف الحيالي أن العمليات العسكرية التي تنفذها القوات العراقية الآن في صحراء الأنبار وفي «طوز خورماتو» لن تستطيع القضاء على التنظيم نهائيًّا ما دامت الصحراء ممتدة ومرتبطة بالجانب السوري، بحسب العلي.

هل سنشهد ولادة جديدة لتنظيم داعش في المدن العراقيّة؟
وضع أمني أقل ما يقال عنه إنه غير مستقر، دفع رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي في العاشر من مارس (آذار) الماضي إلى التحذير من مخططات داعش الارهابي في اجتياح مدينة سامراء التابعة لمحافظة صلاح الدين شمال البلاد، والتي تضمّ عددًا من المرافق المقدسة لدى «الشيعة». وبيّن الزاملي أن منطقة «الفتحة» جنوب سامراء المدينة تعد ملجأ لمقاتلي التنظيم بسبب الطبيعة الجغرافية للمنطقة وامتداداتها الصحراوية.
عدد من المسؤولين حذروا من مغبة الوضع الأمني المضطرب، كان آخرهم محافظ نينوى السابق «أثيل النجيفي»، الذي قال في منشور له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في 26 مارس الماضي: «إلى متى يبقى هذا الإهمال في الوضع الأمني؟ إلى متى يُسمح لداعش باستعادة قوتها ونشاطها؟ فبعد كركوك وأطراف الحويجة اشتبكت داعش مع الجيش العراقي في شمال محافظة صلاح الدين في منطقة (كنعوص)، ومن المتوقع أن تمتد هذه الأعمال الإرهابية إلى غرب الموصل بعد أن استطاعت داعش إيجاد بؤر تجمّع وانطلاق في جنوب غرب الموصل» بحسب ما نشره النجيفي.
وتشهد محافظات الشمال في العراق بصورة عامة وضعًا أمنيًّا مضطربًا منذ استعادة القوات العراقية السيطرة عليها من مسلحي داعش الارهابي، لكن وبعد كل هذه الأحداث الأمنية، هل سيشهد العراق اجتياح التنظيم مدنًا عراقية على غرار ما حدث في عام 2014؟
في هذا الصدد يقول المحلل الأمني رياض العلي : إن الوضع الذي تشهده محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار غير مطمئن البتة، ويضيف العلي أن الطرق الرابطة بين هذه المحافظات قد تشهد مزيدًا من الاضطراب الأمني، خاصةً أن عدد من قُتل من القوات الأمنية والحشد الشعبي وحرس الحدود وصل إلى أكثر من 180 قتيلًا خلال الأشهر الأربعة الماضية بحسبه، ويعزو العلي ذلك إلى أسباب عدة، أولها أن القوات الحكومية لم تكمل ما بدأته في العمليات العسكرية التي استهدفت عناصر تنظيم داعش وخاصةً في الصحارى المحيطة بهذه المحافظات، ويرى العلي أن الحكومة العراقية ما لم تقم بخطوات فعلية في إتمام ما قامت به فلا يستبعد أن تشهد البلاد مزيدًا من الاضطرابات الأمنية، من جهة أخرى يرى العلي أنّه من المستبعد جدًّا أن يستطيع التنظيم السيطرة على مدن عراقية على غرار ما حدث في يونيو (حزيران) 2014، ويعلل العلي ذلك بأن التنظيم فقد حاضنته الشعبية التي كانت تتستر عليه إلى غير رجعة، وأضحى سكان المحافظات «السُّنية» التي كانت تحت سيطرة التنظيم معادين للتنظيم وللفكر الذي يحمله بصورة غير مسبوقة، بحسب العلي.

المصدر: ساسة بوست
وان نيوز

اترك تعليقاً