السيمر / الجمعة 20 . 04 . 2018 — شهد مسجد تركي في العاصمة النمساوية فيينا، فصول مسرحية تركية مرعبة جديدة، الأطفال كانوا أبطالها وضحاياها في آن، الأطفال النمساويون من أصول تركية، ظهروا في لقطات تحاكي مقاطع ترويجية مثل تلك التي دأب داعش على نشرها، يظهر فيها قاصرون وهم ينفذون عمليات قتل أسرى، أو يتدربون على شن هجمات إرهابية.
لكن صور الأطفال التي تم نشرها تعد أكثر خطورة من فيديوهات داعش، ذلك لأن الجهة التي تقف وراءها هي مؤسسة دينية تابعة للحكومة التركية، ما يعني أن السلطات في أنقرة تعد شريكا في هذه المسرحية التي تعد انتهاكا صريحا لحقوق الطفل، كما أنها تحث وتحرض على العنف والإرهاب.
ويظهر في الصور أطفال، من الجنسين، وهم يرتدون البزة العسكرية خلال عرض مسرحي داخل المسجد، حيث يعيدون إحياء معركة “تشاناقاله” التي انتصر فيها الجيش العثماني على القوات البريطانية والفرنسية خلال الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي أثار موجة من الغضب في النمسا.
الجهة التركية التي ترعى المسجد في النمسا هي منظمة أتيب وهي تابعة للهيئة الدينية الرسمية بأنقرة، تنصلت من القضية وقدمت المسؤول عن إقامة المسرحية كبش فداء مؤكدة أنه تمت إقالته، لكن الإجراء التركي يبدو غير كاف.
فالحكومة النمساوية أكدت عزمها اتخاذ إجراءات ضد أكبر مساجد البلاد قد تصل للإغلاق، ما يشير إلى أن فيينا لم تقتنع بهذه المزاعم.
وعاصفة الغضب لم تلجمها محاولات المنظمة التركية، فالمسرحية من وجهة نظر الأوروبيين تحمل أبعادا كبيرة، فهي تعتبر محاكاة لسلوك الدولة العثمانية عندما كانت ترسل الأطفال لتدريبهم على أساليب الحرب منذ نعومة أظفارهم في مدارس عسكرية تحت عنوان تعليم تعاليم الدين الإسلامي.
أما بالنسبة لجمعيات حقوق الأطفال، فإن زرع أفكار الحرب والقتال في أذهان الأطفال يتنافى مع حقوق الطفل الذي يفترض أن يتم حثه على الحياة وبناء المستقبل بدلا من تعليمه العنف وحثه على الموت.
ولابد من الإشارة إلى أن هذه اللقطات تأتي بعد نحو شهرين من قضية مماثلة شهدتها تركيا، وذلك حين أثار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات واسعة لقوله لطفلة ترتدي زيا عسكريا إنها ستتشرف إذا ما “استشهدت” في سبيل بلادها، وذلك خلال إلقائه خطاب في مؤتمر حزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة قهرمان مرعش.
كما ألقى، في الأشهر الماضية، أطفال يرتدون الزي الرسمي للقوات الخاصة التركية، قصائد وطنية خلال عدة فعاليات حضرها أردوغان، وهو ما اعتبرته المعارضة محاولات من الحزب الحاكم لزيادة عدد الأصوات المؤيدة له في الانتخابات الرئاسية عبر استغلال الأطفال وتلقينهم ثقافة الموت، قبل أن تتخطى هذه المشاهد الصادمة حدود تركيا، لتصل إلى أوروبا، حيث تعتبر حقوق الطفل من المقدسات
وتزامنا مع عاصفة “مسرحية المسجد”، أعلن مستشار النمسا، سيباستيان كورتس، أن حكومته ستسعى لحظر أي حملات محتملة على الأراضي النمساوية لأحزاب مشاركة في الانتخابات العامة المبكرة المرتقبة في تركيا، وقال إن القيادة التركية، بـ”زعامة أردوغان” تسعى “لاستغلال المجتمعات ذات الأصول التركية في أوروبا منذ سنوات كثيرة”.
صوت الجالية العراقية