السيمر / السبت 21 . 04 . 2018 — مؤخراً، وفي اطار التسابق الانتخابي في انتخابات 2018 البرلمانية المنتظرة، ظهرت، الى جانب الاحزاب الاسلامية، احزاب وقوى جميعها تدعي المدنية وتمثيلها للتيار المدني وترفع شعارات بناء دولة المواطنة.
في حالة اتخاذ تلك الشعارات منهجاً للعمل عليها والسير على وفق خطواتها لبناء الدولة فلا غبار عليها وتعد من أهم متطلبات بناء الدولة الحديثة، إلا ان الاشكالية، كما يرى مراقبون، ان بعض تلك الاحزاب، تحاول ركوب الموجة مستغلة الانتقاد الموجه للأحزاب الدينية والتوجه نحو المدنية متخذةً لنفسها شعاراً يرفع لأغراض انتخابية تتبدد حال وصوله لكرسي الحكم.
المفكر العراقي، والعضو السابق في حزب الدعوة الحاكم، غالب الشابندر، يرى ان “العراق لا يوجد فيه احزاب مدنية خالصة، بقدر وجود مرشحين مدنيين، لان المجتمع العراقي، في الوضع الراهن، غير قادر وليس بمستوى ان ينتج افكار واحزاب مدنية حقيقية”.
ويضيف لـ (وان نيوز) ان “الاحزاب التي تدعي المدنية الان، حتى شعاراتها هي بعيدة عن المدنية وعن عن روح المعنى، اذ كانت شعارات غامضة وقائمة على الابهة والاغراض التجارية ووصلت الى درجة التسقيط السياسي للخصوم، كما ان التيارات التي ائتلفت مع اخرى مدنية، لا تبقى على حالها بعد الانتخابات، وسترجع الى طبيعتها الاصلية، نظرا الى ان مزاج الناخب العراقي غير ميال للمدنية حاليا”.
في 26 شباط الماضي، أطل رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، من على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية الفضائية ليعلن تشكيله كيانا سياسيا غير مرتبط بالحزب الإسلامي العراقي الذي ينتمي إليه والذي وصل من خلاله إلى أعلى منصب في السلطة التشريعية للبلاد.
لم يكن غريبا كلام الجبوري عن أن كيانه السياسي الجديد لن يكون مرتبطا بشكل مباشر بحزبه القديم على اعتبار أن تأسيس الحركات السياسية الجديدة والانشقاق عن الأحزاب التي يبرز من خلالها هذا السياسي أو ذاك بات تقليدا متبعا من قبل الكثير من الشخصيات لاسيما تلك التي تحظى بمناصب رفيعة بعد فوزها في الانتخابات أملا في استثمار فرصتها الذهبية من خلال وجودها في المنصب لتحقيق مكاسب مستقبلية أعلى.
غير أن الجديد في الأمر هو اختيار مسمى مدني لا إسلامي للكيان الذي ينتظر منحه إجازة التأسيس من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حيث اختار الجبوري اسم (التجمع المدني للإصلاح) معللا هذا التغيير في وجهته السياسية بأن الظرف الموجود للبلاد يسير نحو الدولة المدنية بأسس قانونية تخالف المفاهيم الفكرية للإخوان المسلمين (وهي الحركة التي يتبعها الحزب الإسلامي العراقي فكريا).
في هذا الاطار يقول الكاتب الصحفي، محمد وهاب، ان “هذا النموذج اخذ يتسع لا سيما في المدد الاخيرة وقبيل الانتخابات وهذه اشكالية تشتت ذهن الناخب العراقي فأحزاب الامس نفسها اليوم بلباس المدنية ومن كان يرفع شعار الدين اولاً اليوم يرفع الدولة المدنية المخلص الوحيد ومع ذلك لا يمكن نكران وجود احزاب مدنية لها تاريخها ومنهجها”.
ويعتقد وهاب، خلال حديثه لـ (وان ينوز) ان “الحل هو للمواطن العراقي والكفاءات والجهات المتصدية والوطنية فعليها حث المواطن ونشر الوعي بين الناس لمعرفة وفرزنة من يستحق التمثيل بجدارة ويملك رؤية عملية لبناء الدولة والتمييز ما بين الصالح والمسيء، وذلك لان الخطأ في هكذا مرحلة حساسة لا يغتفر والمفروض بعد هذه التجارب ان تتراكم خبرة لدى المواطن بالرغم من الاحداث ما حوله، ايضاً الصرامة في تطبيق قانون الانتخابات وصياغة نظام انتخابي يحقق العدالة في التمثيل واختيار الاشخاص ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة املاً بالخروج بنخبة سياسية تصحح المسار”.
ومع قرب الانتخابات، أعلن التيار الصدري تأسيس حزب الإستقامة والذي يرأسه النائب السابق جعفر الموسوي الذي دخل في كتلة واحدة مع الحزب الشيوعي العراقي. أما أعضاء التحالف المدني الديمقراطي أعلنوا تشكيلهم إئتلاف باسم تمدن برئاسة فائق الشيخ علي.
وتسعى التيّارات، التي تدعي المدنية، إلى تحقيق نتائج أفضل خلال الانتخابات البرلمانية، المزمع إجراؤها منتصف مايو/أيار المقبل، الا ان المحلل السياسي، واثق الهاشمي، استبعد ذلك قائلا ان “من الصعب على الاحزاب المدنية ان تحقق نتائج كبيرة في الانتخابات المقبلة، نتيجة لوجود كتل كبيرة وعريقة منافسة لها ولها جمهورها الكبير”.
ويضيف لـ (وان ينوز) ان “بعض الاحزاب رفعت شعار المدنية حتى تلائم الموضة الحالية على اعتبار ان الجميع يدعو اليوم الى هذا الاتجاه، والانتخابات المقبلة ستثبت اذا كانت، تلك الاحزاب، مدنية بالفعل، وتثبت على مواقفها وافكارها على ارض الواقع ام هي مزيج من التيارات المختلفة ستنتهي بانتهاء موسم الانتخابات”.
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / الاحزاب المَدنية في انتخَابات 2018؛ شعارات انتهازيّة وَالهدفُ كرسّي الحُكم!