أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / هل انتقل مسلحو القاعدة والدولة الإسلامية إلى بوركينا فاسو؟

هل انتقل مسلحو القاعدة والدولة الإسلامية إلى بوركينا فاسو؟

الارهابيون نشطوا في منطقة الساحل منذ فترة طويلة

السيمر / فيينا / الاثنين 14 . 10 . 2019 — لقي نحو 15 شخصا حتفهم وأصيب آخرون في هجوم على مسجد في شمال بوركينا فاسو أثناء الصلاة مساء الجمعة. بحسب مصادر أمنية في ذلك البلد.

وأفادت المصادر أن المسلحين دخلوا المسجد الموجود بقرية سالموسي بمنطقة أودالان المتاخمة لمالي وأطلقوا الرصاص.

ولم تتضح حتى الآن هوية المسلحين.

وانتقل تمرد إسلامي تقوم به جماعات على صلة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية من مالي المجاورة إلى بوركينا فاسو هذا العام مما ساهم في إذكاء التوتر العرقي والديني وخاصة في المناطق الشمالية.

وتخوض عدة دول بمنطقة الساحل في شمال وغرب أفريقيا حربا ضد الجماعات الإسلامية كما هو الحال في الجزائر ومالي والنيجر ونيجيريا . فهل جاء الوقت الذي يمكن أن تصبح فيه بوركينا فاسو قاعدة جديدة للمسلحين “الجهاديين”؟
وعلى الرغم من العمليات العسكرية المتواصلة في أنحاء المنطقة لاحتواء أنشطة الجماعات المتشددة إلا أنها تواصل نموها هناك.

فقد أسس المتشددون جبهة في شمال بوركينا فاسو وأدت هجماتهم المتكررة في المنطقة وما بعدها إلى اضطراب الحياة الطبيعية.
ما هي الجماعات المتشددة في هذه المنطقة؟

هناك ثلاث جماعات جهادية رئيسية في شمال وشرق بوركينا فاسو وهي : أنصار الإسلام، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.

وكان الهجوم الذي تعرض له فندق فاخر في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في يناير/كانون ثاني عام 2016، والذي يعد أجرأ هجوم شهدته المنطقة، من تنفيذ تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وأسفر عن مقتل 30 شخصا. ومنذ ذلك الحين اندمجت القاعدة في المنطقة مع تنظيمين آخرين هما أنصار الدين والمرابطون.

وينشط التنظيم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو ويقف وراء هجومين آخرين في واغادوغو، الأول على مقهى في أغسطس/آب عام 2017 والثاني على السفارة الفرنسية ومقر قيادة الجيش في مارس/أذار عام 2018.

أما جماعة أنصار الإسلام فهي جماعة محلية تأسست عام 2016 من قبل رجل الدين المتشدد مالام ديكو الذي يقال إنه قاتل مع المتشددين الإسلاميين في مالي لدى استيلائهم على شمال البلاد عام 2012 مما أدى إلى التدخل الفرنسي.

ومات ديكو في ابريل/نيسان عام 2017 ويقود شقيقه جعفر الجماعة الآن وهي تتلقى الدعم اللوجستي حاليا من القاعدة وتنظيم الدولة في المنطقة، بحسب منظمة ووتش لحقوق الإنسان.
يذكر أن حالة الإحباط الشديد في بوركينا فاسو الناجمة عن نقص الوظائف وضعف البنية الأساسية جعلت ذلك البلد تربة خصبة لتجنيد المسلحين “الجهاديين”، وهناك العديد من الجماعات الصغيرة لكنها ليس جميعها على ارتباط بجماعات أكبر.

وبحسب صحيفة الإيكونوميست فإن الكثيرين يقاتلون من أجل المزارع أو ضد فساد الحكومة ولكنهم يتبنون الفكر الجهادي لأنهم ببساطة “مسلمون”.

كيف أربك المتشددون الحياة في بوركينافاسو؟

يقول لويس أوديت غوسلين، من الشبكة الكندية لمكافحة الإرهاب: “إن الوضع الأمني في البلد يتدهور بشكل يومي، فالجماعات “الجهادية” تكسب أرضا كل يوم مما يضطر المسؤولين للنزوح من مناطق ريفية عديدة بل ومن بعض المدن أحيانا”.
ويستهدف الجهاديون مسؤولي الدولة من عمد وضباط شرطة وموظفين مدنيين حيث يتهمونهم بالتعاون مع الجيش.

ويعد المدرسون والمدارس أهدافا سهلة للمسلحين “الجهاديين” الذين يعارضون التعليم العلماني. وقد تم إغلاق أكثر من ألف مدرسة في شمال البلاد مؤخرا مما أثر على الحياة الدراسية لنحو 15 ألف تلميذ.

ورصدت منظمة هيومان رايتش ووتش العديد من الانتهاكات من قبل القوات الحكومية خلال عمليات مكافحة الإرهاب بما في ذلك عمليات إعدام ضد عرقية الفولاني، وهم جماعة عرقية مسلمة من الرعاة المتنقلين.

وقال غوسلين: “إن الجيش يتعامل بوحشية للقضاء على الفولاني تماما مما يؤدي إلى مزيد من التمرد من جانب شباب هذه المجموعة”.

كما خلق نقص الخدمات فراغا تستغله الجماعات الجهادية التي يؤدي وجودها غالبا إلى مزيد من العنف والفوضى.
وقال أحد سكان مدينة ديجو الشمالية لبي بي سي، والذي رفض الكشف عن هويته : “العديد من المنازل هجرها سكانها، والكثير من الأحياء في جيبو باتت خالية”.

وأضاف قائلا: ” إن الأنشطة الاقتصادية توقفت، ولم نعد نسهر، وغادر الغربيون المنطقة”.

ويقوم مسلحون من وقت لآخر بأعمال سلب ونهب للمتاجر وللناس.

وقال أحد سكان قرية إيناتا لبي بي سي: “عندما يأتي المسلحون وهم يطلقون النار في الهواء يهرب الناس من بيوتهم ولا يعودون إلا بعد مغادرة المسلحين”.

وتابع قائلا: ” إنهم عادة لا يقتلون بل غالبا يمارسون السلب والنهب، نحن في حالة ذعر. لقد أغلقت المدرسة المحلية بل أغلقت كل المدارس في إقليم سوم”.

ويقول السكان المحليون إن هناك المزيد من الجنود العاملين في المنطقة ورغم ذلك فإن المسلحين الإسلاميين يتفوقون عليهم بمعرفة الأرض التي يقاتلون عليها.

كيف أثر ذلك على جيران بوركينافاسو؟

هناك مخاوف من انتشار الجماعات الجهادية جنوبا للوصول إلى الموانئ لتهريب السلاج والمخدرات وغيرها من السلع غير الشرعية لتمويل أنشطتهم.

وحذر ألفا باري وزير خارجية بوركينافاسو من أن بلاده تعد “حاجزا بين الساحل والدول الشاطئية التي تخوض حربا ضد الإرهاب، فإذا انهارت فإن جيرانها سيتأثرون”.

ففي أبريل/نيسان الماضي عندما تم اعتقال أومارو ديالو، الذي ينشط شرقي بوركينا فاسو مع 20 من أتباعه، قالت مصادر أمنية لبي بي سي إنهم وجدوا دليلا على اتصالات له بأناس في توغو وبنين وغانا.

ولعل من أبرز الأدلة على الوضع غير الآمن لدى الجيران اختطاف سياح فرنسيين من حديقة عامة في شمال بنين في مايو/أيار الماضي.

وعندما نجحت القوات الفرنسية الخاصة في إطلاق سراحهم كان المختطفون قد نجحوا في العبور فعلا إلى شمال بوركينا فاسو، ويعتقد أنهم كانوا يعتزمون تسليم السياح لمتشددين في مالي.

وتقول فلورنس بارلي وزيرة القوات المسلحة الفرنسية إن هناك مجموعتين تنشطان قرب الموقع الذي اختطف فيه السياح إحداهما ترتبط بالقاعدة والأخرى بتنظيم الدولة.

كما نسبت صحيفة لوموند لمصدر لم تكشف عن هويته القول إن جماعات متشددة مسلحة في شمال توغو وبنين استقرت في مناطق غابات يصعب الوصول لها.
من الذي يدعم الجهاديين؟

يقول مراسلون إن الكثيرين ينخرطون في صفوف هذه الجماعات ليس بدوافع أيديولوجية وإنما ببساطة لأن ذلك هو البديل للفقر المدقع.

لكن ما يزعج الحكومة أن حركة أنصار الإسلام محلية ولدت ونمت داخل بوركينا فاسو ولكن أكثر ما يقلق أن المسؤولين الاستخباريين يعتقدون أن جنودا سابقين في قوة النخبة الرئاسية RSP يساعدون مقاتلي الحركة.

ونسبت صحيفة في مالي عام 2017 لمسؤولين القول إنهم اعترضوا اتصالا بين بوباكار ساوادوغو، الهارب من قوة النخبة، وزعيم أنصار الإسلام.
يعتقد أن عناصر من قوة النخبة الرئاسية تقاتل إلى جانب المتشددين

وأكد ذلك ما تشك فيه الحكومة منذ وقت طويل من أن أعضاء سابقين بالقوة الرئاسية يشاركون في هجمات في مالي وبوركينا فاسو.

ولأكثر من 27 عاما ظلت القوة الرئاسية بمثابة الكابوس في بوركينا فاسو. وكان قد أسسها الرئيس السابق بليز كومباوري لضمان أمنه الشخصي.

ويذكر أن القوة الرئاسية ذات سمعة سيئة في العمل خارج الحدود الرسمية، وبعد الإطاحة بكومباوري عام 2014 وجدت هذه القوة نفسها دون هدف واضح وشعرت بأنها مهددة.

وفي محاولة للبقاء قامت بانقلاب قصير ضد الحكومة الانتقالية قبل إجبار عناصرها على تسليم السلطة على أيدي دول جوار بوركينا فاسو.

وهربا من مواجهة العدالة، اتجه العديد من أعضاء هذه القوة، ومن بينهم بوباكار سوادوغو إلى التخفي والحياة السرية، وبتحالفهم الغريب مع الجهاديين في الشمال باتت القوة الرئاسية كابوسا في شكلها جديد.

ما هي الإجراءات التي اُتخذت لمواجهة تهديدات المتشددين؟

تم إعلان حالة الطوارئ في العديد من المناطق في ديسمبر/كانون أول الماضي، ومنحت قوات الأمن تفويضات إضافية لتفتيش المنازل وتقييد حرية الانتقال.

الحكومة عينت قائدا جديدا للجيش ولكن يرى منتقدوها أنها لم تتخذ إجراءات كافية للتصدي لتهديد المتشددين

وبحسب الأمم المتحدة فإن أكثر من خمس ميزانية الدولة تنفق على الدفاع والأمن.

ولكن هذه المستعمرة الفرنسية السابقة بلد فقير حتى بمعايير الدول الواقعة في غرب أفريقيا، وهي تكافح للتعامل مع هذا النطاق الواسع من التهديد “الجهادي” وبقوات أمن ضعيفة التجهيز.

وهي جزء من قوة إقليمية مكونة من خمس دول هي التي تشكلت في سبتمبر/أيلول عام 2017 للتعامل مع المتشددين.

ويقول سيمون غنغو مراسل بي بي سي في بوركينا فاسو إن أغلب التمويل الذي تعهد به الشركاء والمانحون، ومنهم الاتحاد الأوروبي، لم يصل حتى الآن.

وتقول مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها عن بوركينا فاسو”إن إعادة بناء قوة أمنية فعالة، وجهاز استخبارات مؤثر، ووحدة قوات خاصة، وتحسين جاهزية قوة G5 الإقليمية، أمور تستغرق وقتا”.

وتنشر فرنسا قوة عسكرية في منطقة الساحل قوامها 4500 جندي مكرسة لمكافحة الإرهاب.

اترك تعليقاً