الرئيسية / منوعات / الفيلم الإيراني «محمد رسول الله»… وثيقة فنية عالمية بين القبول والرفض

الفيلم الإيراني «محمد رسول الله»… وثيقة فنية عالمية بين القبول والرفض

رضا زيدان

أنتجت الشركات السينمائية عدداً من الأفلام عن حياة نبيّ الإسلام محمد، منها ما كان في المستوى المطلوب فنّياً إنما أساء من حيث يدري أو لا يدري إلى شخصية النبيّ، لا بل إلى الإسلام بحدّ ذاته. ففيلم «الرسالة» مقبول من الناحية الفنية، لكنه أساء، حيث أظهر «الإسلام الداعشي» الذي انتشر بقوّة السيف.

«محمد رسول الله»، فيلم للمخرج الإيراني المبدع مجيد مجيدي. ويروي قصّة طفولة النبي محمد قبل الرسالة منذ ولادته حتى عمر 13 سنة، من خلال رؤية إنسانية لشخصية الرسول، والبيئة التي نشأ فيها، وعلاقته بأقرانه وبمن حوله، وسلوك الرحمة والرأفة والتسامح الذي تميّز به. وكيف كان يتعامل مع أبناء جيله صغاراً وكباراً، مع عدم الإشارة إلى أن هذا الصبي القرشي المختلف، سيصبح نبياً، يغيّر وجه الدنيا، وهي فترة، على رغم أهميتها، غير معروفة لدى معظم العرب والمسلمين.

اعتمد الفيلم على مراجع أهل السنّة في توثيقه وأبرزهم الطبري، لذلك نسخ كلّ الإشاعات التي دُسّت في الحديث النبوي «الراهب بحيرة»، كما يفضح الفيلم الثقافة العربية في الجزيرة قبل النبي محمد، ومشاهد مؤثرة في ثقافة وأد البنات وغيرها من الثقافات التقليدية المتوحشة التي كانت سائدة آنذاك.

الفيلم لم يُظهر ملامح النبيّ، واكتفى بظلّ جسمه وظهره. كما أن وجه الرسول لم يظهر، فضلاً عن أن صوته الذي لم يُسمع إطلاقاً، إذ كان هناك من يتحدث نيابة عنه. بمعنى أن المخرج الإيراني طبّق مبدأ المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد في فيلم «الرسالة». لكن بعض المؤسسات الدينية نظرت إلى الفيلم من زاوية سياسية وحكمت عليه لأن مخرجه… إيراني.

مفتي المملكة العربية الوهابية السعودية عبد العزيز آل الشيخ هاجم فيلم «محمد رسول الله» الذي عُرض في إيران وفي مهرجان مونتريال السينمائي الأسبوع الماضي، قائلاً إنه «تشويه للإسلام». وأضاف أنّه «فيلم مجوسيّ وعمل عدوّ للإسلام، وأن عرضه لا يجوز شرعاً».

ومن ناحيتها، انتقدت رابطة العالم الإسلامي الفيلم، مؤكدة «حُرمة تجسيد النبي محمد في الأعمال الفنية تحت أيّ ذريعة كانت، وتجسيده في الأفلام والمسلسلات». وطالب أمينها العام عبد الله التركي ـ في بيان أصدره ـ المسؤولين الإيرانيين بإيقاف عرض الفيلم ومنعه «لأنه انتهاك ما أوجبه الله علينا من توقير للنبي محمد».!

الفيلم صريح جداً في تصحيح التاريخ، كما ورد في الطبري والمصادر المتفق عليها من قبل جميع المسلمين. وكلّ هذه الأصوات الشاجبة والمستنكرة للفيلم من قبل الوهابية والسلفية و«الداعشية»، مفهومة دوافعها وواضحة، ولا تستند إلا على تعصّب مقيت يبيّن أن كلّ ما يأتي من إيران، مسيءٌ للإسلام. لذلك كانت الفتوى: «لا تجوز مشاهدته شرعاً». والأكيد أن فيلم «محمد رسول الله»، قدَّم الإسلام على نحو عجز عنه الوَعظة والخطباء وكلّ كتب التاريخ، لكن المؤسسات الإسلامية لم تدرك ولن تدرك بعد أهمية تأثير الدراما في الدفاع عن صورة الإسلام.

البناء