الرئيسية / رياضة / كأس أوروبا في مرمى الإرهاب

كأس أوروبا في مرمى الإرهاب

الثلاثاء 17 . 11 . 2015

شربل كريم / لبنان

لم تكن مباراة فرنسا وضيفتها ألمانيا مجرد لقاء ودي بالنسبة إلى القيّمين على كرة القدم الفرنسية، ولو أن العالم نظر إليها بهذه الصورة قبل أمسية الجمعة، وقبل أن تتحول مع أصوات الانفجارات التي رافقتها الى ذكرى أبدية في أذهان البشرية.
هذه المباراة التي كانت عادية في نظر البعض، والتي أصبحت غير عادية قبل انتصافها حتى بالنسبة الى العالم أجمع، كانت «بروفة» حقيقية بالنسبة الى الفرنسيين الذين يستعدون لاستضافة 24 منتخباً وملايين مشجعي الكرة من «القارة العجوز» ابتداءً من 10 حزيران المقبل، أي اليوم الذي سيتم فيه قصّ شريط افتتاح كأس أوروبا 2016.
هي فعلاً كانت الحدث ــ النسخة المصغّرة عن «يورو 2016» بالنسبة الى البلد المضيف الطامح الى استعادة دوره الكروي الكبير من جديد، تماماً على غرار ما فعل عندما استضاف كأس العالم 1998، التي شكّلت محطة له للانطلاق في مسيرة مجدٍ تاريخية. وهذه المباراة حملت أهمية على هذا الصعيد، انطلاقاً من أن منتخب «الديوك» استضاف نظيره الألماني بطل العالم. ويكفي هذا العنوان للتأكيد على أن اللقاء كان فعلاً لاستعراض الفرنسيين ما وصلوا إليه على الصعيد الفني قبل أشهر قليلة على استضافة البطولة، والأهم على الصعيد التنظيمي. والنقطة الأخيرة أرادت فرنسا أن تظهرها بأفضل حلّة ممكنة، فكان الحضور الرسمي والرياضي كبيراً. ولإكماله بشكلٍ مثالي، حضر الرئيس فرنسوا هولاند.
لكن العرض سقط بالضربة القاضية، ولو أنه من الناحية الأمنية قد تُسجّل نقطة مهمة على صعيد تأمين الملعب الأساسي في «يورو 2016»، أي «ستاد دو فرانس»، على اعتبار أن قتيلاً واحداً سقط في العمليات الانتحارية الثلاث التي حصلت على ثلاثة مداخل للملعب، ما يعكس أن الخطة الأمنية الموضوعة كانت مقبولة حيث لم يتمكن الانتحاريون من تنفيذ خطتهم والدخول الى الملعب.
لكن المسألة لا تتوقف عند هذا الحدّ، إذ إن حجم الحدث الإرهابي يترك قلقاً كبيراً حول الوضع الأمني في فرنسا على أبواب بطولة ستستضيفها 10 ملاعب في مدنٍ أساسية في البلاد، بينها ملعبان في العاصمة باريس حيث فاق عدد الضحايا المئة في ليلة كان من المفترض أن تكون كروية بامتياز، حيث امتلأ «ستاد دو فرانس» حتى بكرة أبيه.
والقلق الحالي هو من الفشل المخابراتي الكبير الذي بدا واضحاً من خلال ضخامة العملية المأسوية وعدد الذين ذهبوا ضحيتها، والخوف سيكون أكبر بالتأكيد خلال «يورو 2016» مع اتساع الرقعة الجغرافية المضيفة للحدث، وبعدما ظهر من خلال تحقيقات معمّقة أن الخلايا الإرهابية النائمة تنتشر في أكثر من مدينة في البلاد. والأخطر أن ما حصل في محيط الملعب الأشهر في البلاد، أي العمليات الانتحارية الثلاث، تترك رسالة واضحة بأن هناك رصداً للأحداث الرياضية، حيث يبدو أن هدف الإرهابيين الأساسي هو مهاجمة الأماكن التي تكون فيها التجمعات حاشدة، وليس هناك أفضل من مباريات كرة القدم بالنسبة إليهم للوصول الى أهدافهم، إذ إن «ستاد دو فرانس» مثلاً يتسع لـ 81.338 متفرجاً.
كذلك، تنسحب الخطورة على ما يمكن تسميته ممرات المشجعين الى الملعب، أي الشوارع ومحطات المترو وغيرها، إذ إن شوارع العاصمة الفرنسية عرفت حمام دماء أيضاً ليلة الجمعة، ما يعني أن العمل المخابراتي ــ الأمني يُفترض أن يتضاعف منذ الآن حتى 10 تموز المقبل، وهو اليوم الذي سيشهد إقامة المباراة النهائية لكأس أوروبا.
بطبيعة الحال، كان القلق موجوداً أصلاً حول «يورو 2016» مع انغماس فرنسا في المستنقع السوري، وبالطبع أصبح أكبر اليوم، وهو ما عبّر عنه العديد من الوجوه الكروية المعروفة، وكان أوّلها مدرب المنتخب الإيطالي أنطونيو كونتي، في وقتٍ بدأت فيه حكومات البلدان المتأهلة الى البطولة تبحث عن السبل الآيلة الى تأمين سلامة بعثاتها في الصيف المقبل، إذ إن ما عاشه المنتخب الألماني (أمضى ليلته داخل الملعب) ليلة الجمعة لا يمكن أن يعرفه ملايين القادمين للاستمتاع بثانية أهم بطولة بعد كأس العالم.

الاخبار اللبنانية