أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالاتي / خيبة ” السلطان ” اردوغان وانكفاء دولة الميت للداخل التركي

خيبة ” السلطان ” اردوغان وانكفاء دولة الميت للداخل التركي

الاثنين 30 . 11 . 2015

وداد عبد الزهرة فاخر *

يخرق المعتدون الاتراك الاجواء العراقية بصورة مستمرة واحيانا بصورة يومية عند عدوانهم على مقاتلي حزب العمال الكردستاني ” PKK ” في شمال العراق ، وكأن الاجواء العراقية مكان لنزهة طائرات ” دولة الميت ” ، التي تحاول ان تتسيد في المنطقة دون طائل ـ فلم تجد سوى الارهاب طريقا لبروزها كـ ” دولة ” تفرد عضلاتها الخاوية ، وبرضاء تام من قوات حرس الحدود الكردية ” البيشمرگه ” ، وسكوت مطبق من حكومة الانبطاح التام في بغداد .
وعودة لشخصية غريبة ومثيرة للجدل كشخصية رجب طيب أردوغان بائع حلقات الكعك بالسمسم المعروفة في تركيا باسم “سميت” في حي قاسم باشا الفقير جدا في إسطنبول والأحياء المجاورة، ثم اصبح يعتمد بعد ذلك على تحصيل دخله من خلال لعبة كرة القدم عندما أصبح لاعبًا في شبابه. وقد تحدث بنفسه عن حالة الفقر التي كان يعيشها في مناظرة تلفزيونية مع دنيز بايكال رئيس الحزب الجمهوري ما نصه: “لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الإبتدائية والإعدادية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيرًا” . هذه الشخصية التي يحاول التحالف الصهيوامريكي بعد ان صنعها وزوقها بمختلف الالوان والمساحيق تسويقها لجموع المسلمين بتأييد وحماس ودفع من الجماعات الاسلامية ، لكي يتم حماية الكيان الاتاتوركي التقليدي القديم من السقوط ، بتحسين صورة “الامبراطورية العثمانية الجديدة ” وتبرئة الامبراطورية العثمانية القديمة من جرائمها التاريخية، ولفتح الطريق امام “العثمانية الجديدة” (التي لا تعدو كونها “خلطة خبيثة”: اتاتوركيةـ اسلاموية) .
فاردوغان المولود في 26 يناير 1954 في حي قاسم باشا الفقير في اسطنبول لأسرة من أصول جورجية , وكما يحلو لمريديه من الجماعات الاسلامية بان يضعوا خلف كلمة مسلم الكلمة المرادفة لتفكيرهم المتخلف الجامد وهي كلمة ” سني ” متعامين عن ذكر كلمة ” داعشي ” وهي الصفة الحقيقية لاردوغان. ، وقد أتم تعليمه في مدارس “إمام خطيب” الدينية ثم في كلية الاقتصاد والأعمال في جامعة مرمرة.
بعد ذلك انضم إلى حزب الخلاص الوطنى بقيادة نجم الدين أربكان في نهاية السبعينات، لكن مع الإنقلاب العسكرى الذى حصل في 1980، تم إلغاء جميع الأحزاب، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية إلى تركيا وعاد نشاط أوردغان من خلال حزب الرفاه، خاصةً في محافظة إسطنبول. و بحلول عام 1994 رشح حزب الرفاه أوردغان إلى منصب عمدة اسطنبول، واستطاع أن يفوز في هذه الإنتخابات خاصةً مع حصول حزب الرفاه في هذه الإنتخابات على عدد كبير من المقاعد . هذا الاردوغان يحاول أن يعيد مجد ” سلطنة بنو عثمان ” البائدة في شخصه ولكن من خلال زعران وذباحي واكلي قلوب الجنود السوريين ، ونابشي قبور الصحابة والاولياء ، وما سموه بـ ” دولة الخلافة ” ، او كما يردح اردني يدعي انه خبير في الحركات الاسلامية اسمه ” حسن ابو هنيه ” ، ويردد بنشوة المنتصر ” ومع شديد الاسف ومن على قناة المقاومة ” الميادين ” .. ” انه ” تنظيم الدولة ” ، ” الموجود أصلا كدولة لها مقوماتها ” ، وهو يحاول هنا اي – أبو هنيه – أن يؤكد مقولة تنظيم ” داعش ” الارهابي الذي يقول ” باقية وتتمدد ” ، ولا يدري انها ” زائلة وتتبدد ” ، كما هو تفكيره المريض .
لكن تصرفات خريج المدارس الدينية الفقيرة باسطنبول ذو الشخصية الحادة الطباع، والذي يمكن استفزازه بسرعة، كون طباعه هذه في جزء كبير منها نتاج الطريق الصعب الذي سلكه في حياته، والفقر الذي لازمه في طفولته وشبابة المشهور بانفعالاته وانفلاتات أعصابه وخطابات يكثر فيها من استعمال يديه ويتحدث كثيرا بحاجبيه وشاربيه ويستعمل طبقات صوتيه متفاوتة تعلو وتنخفض مع كل حرف ..ويحب كثيرا الظهور بمظهر القوي ..ويستعمل مفردات لاتليق يالديلوماسيين بل برجال الشرطة الأغرار ، فهو لا يستطيع بعد تصرفاتة البهلوانية الاخيرة اثر اسقاط الطائرة الروسية ان يحصد غير الفشل كونه شخص مسرحي بامتياز .. ونقطة ضعفه أنه لا يحب التصفيق الهادئ لخطاباته بل يكاد يرقص على هدير التصفيق الحاد .. وهو مغرم بالحفاوات والمدائح .. . فأردوغان الذي تسلق على انجازات المؤسس الكبير للتيار الاسلامي في تركيا (نجم الدين أربكان وانجازات حزبه على سنوات والذي وصف يوما أردوغان بالصهيوني القذر) .
ووفقًا لبرقيّة كتبها السفير الأمريكي في تركيا بتاريخ 20 كانوان ثاني / يناير 2004، ونشرتها “ويكيليكس”، فإن هناك خمس سلبيات في سلوك أردوغان تؤثر بشكل سلبي على قدرته في حكم تركيا بفعاليّة. ويشير السفير الأمريكي إلى هذه الصفات وفق وجهة نظره طبعًا بالقول: الفخر الزائد عن حدّه، طموح جامح ينبع من الاعتقاد بأنّه اختير في مهمة إلهيّة لقيادة تركيا، وجود نزعة تسلّطية تمنع من تواجد مجموعة من المستشارين الأكفاء والماهرين حوله، وتعيق وصول المعلومات المناسبة، وتمنع من تواصل مكاتب الحزب، الحكومة والبرلمان بشكل فعال.
بالإضافة إلى ذلك، تذكر برقيّة السفير الأمريكي أنّ لدى أردوغان رغبة قويّة في البقاء في السلطة مما يجعله يتردد ويماطل في لحظات تستوجب اتخاذ قرارات سريعة وحازمة، مضيفة أنّه لا يولي المرأة الأهميّة المطلوبة ، رغم تمثيله دور الحامي للمراة بمرافقة زوجته امينة له في تحركات الانتخابية والسياسية هو وتابعه أحمد داود اوغلو .
وما الذي يعنيه تصرف اردوغان للشعب الروسي أن «يطعنهم جار في الظهر» وما قد يترتّب على ذلك من تداعيات؟. وإسقاط تركيا مقاتلة روسية كانت في مهمة لمحاربة الإرهاب هو بكل صراحة «عمل إرهابي» بحسب بعض الصحافيين الذين كتبوا بأن : «لا يجيد الأتراك سوى أمر واحد: الفرار كالجبناء، تماماً كما فعلوا بعدما هاجم إسرائيليون سفينتهم في غزة»، كتب تيموثي بانكروفت هينتشي في «برافدا»، وتابع: «وها هم الآن يختبئون في تنورة الناتو ويعلنون إسقاط مقاتلة روسية كانت في مهمة لمحاربة الإرهاب» .
وقد اثبت عدم صحة قوله “لم أتغير؛ ولكنني تطورت”، بهذه الكلمات الموجزة دشَّن “رجب طيب أردوغان” مرحلة جديدة في مسار حركة الإسلام السياسي، وارتاد تياراً وسطاً بين ثنائية (العلمانية/الإسلام)، عُرف بتيار “الأردوغانية.
ولان كارل ماركس يقول “ان البرجوازية تخلق حفار قبرها بيدها” (اي تخلق البروليتاريا ) ، فاردوغان حفر قبره بنفسه من خلال دعمه للعصابات الارهابية ، والتي قدم لها الدعم اللوجستي والمادي من خلال جعل تركيا ممرا آمنا لآلاف مؤلفة من الارهابيين من جميع مختلف العالم ممن جمعتهم المخابرات المركزية الامريكية ، باموال سعودية قطرية خليجية . وقام بشراء النفط الذي يسرقه الارهابيون ، وتسويقه لخارج تركيا بالتعاون مع ربيبه مسعود بارزاني ، حيث يتم تحويل اموال النفط المسوق لحساب بتركيا تابع للارهابي والمطلوب للعدالة العراقية ” طارق الهاشمي ” ، ومن ثم كما تقول روايات الصحف الاوربية تحول المبالغ الى بنك باربيل ومن ثم يتم تسليمها للتنظيم الارهابي ” داعش” .
وقال شيخنا الجليل لينين زعيم الثورة الروسية “من الشرارة ينطلق اللهيب”، ولان الشرارة قد انطلقت من على جبل التركمان حيث كانت تحلق طائرة السوخوي الروسية لتصلي بنارها احفاد الدولة العثمانية التي يريد سليل القوزاق أن يعيد مجدها ويتربع على عرشها فـ ” على الباغي تدور الدوائر ” كما يقول مثلنا العربي ولن يحصل ” أفندينا العصر الحديث ” الا على العاصفة ، كونه كمتأسلم لم يقرأ او يفقه حركة التاريخ .
والحرب العصرية هي حرب اقتصادية بالدرجة الاولى ، حيث بدأت روسيا بوتين تحاصر تركيا اقتصاديا ، خاصة التفكير بايفاف تزويد تركيا بالغاز الروسي الذي سيجعل شتاء تركيا زمهريرا ، عكس سخونة المعارك التي تديرها تركيا على الارض السورية بواسطة وكلائها العديدين من ” داعش ” واخواتها .
فميزان التبادل التجاري الذي كان من المتوقع ان يصل في العام 2039 الى 100 مليار دولار سيتوقف عند حد اقل بكثير من المتوقع بعدما تم الايعاز اولا للسواح الروس الذين بلغ اخر عدد لهم في سجلات السياحة لتركيا 4 ملايين سائح روسي ، وسوف يتبع ذلك العديد من الاجراءات الاقتصادية ، خاصة في مجال استيراد الخضروات والفاكهة والمواد الغذائية من تركيا ، وتقليل اعداد العمالة الروسية كما جاء ذلك في البيان الرئسي الذي اصدره الرئيس بوتين .
وقال رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف خلال اجتماع للحكومة يوم الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني،” إن من بين الإجراءات التي من الممكن اتخاذها ضد تركيا، هو إلغاء المعاملات التفضيلية، مشيرا إلى ضرورة وقف المباحثات الرامية إلى صياغة اتفاق حول منح الجانب التركي معاملة تفضيلية على صعيد الخدمات والاستثمارات، نظرا للظرف الحالي ” . هذا وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى وقف تنفيذ برنامج التعاون الاقتصادي بين موسكو وأنقرة، وفرض قيود على واردات المواد الغذائية والزراعية التركية إلى السوق الروسية التي بلغت قيمتها العام الماضي زهاء 1.7 مليار دولار . ولم يستبعد وزير التنمية الاقتصادية الروسي إدراج تنفيذ مشروع نقل الغاز الروسي إلى تركيا عبر قاع البحر الأسود “السيل التركي” ضمن هذه القيود والإجراءات.
علما أن التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة بلغ في العام الماضي 31 مليار دولار، ووصل إلى 18.1 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
أي إننا نتوقع هزة اقتصادية للاقتصاد التركي ، وانخفاظ حاد في قيمة الليرة التركية ، اثر التصرف الجنوني لحد الانتحار الذي قام به اردوغان باسقاط طائرة السوخوي الروسية معتقدا انه يتعامل بالطريقة التي يتعامل بها مع دول يحكمها قادة وسياسيون لا يملكون القدرة على اتخاذ أي قرار كما حدث عندما زج هو والسعودية وقطر بالاف مؤلفة من الارهابيين في الاراضي العراقية ، دون ان يتخذ الحاكمون ببغداد أي اجراء ولو تحذيري لاردوغان وحكومتة ، لا بل ازداد ميزان التبادل التجاري بين بغداد ومن يطعنها بسكاكين الغدر من الاتراك والعرب .
يبقى شئ واحد يفكر به الان كل ذي لب سليم ، وهو بان ” القيصر ” الروسي يكون دائما ، وسيلة ردع لسلاطين آل عثمان عند اعتداءاتهم على دول البلقان كالبانيا وغيرها ، وسوف يتصرف ” القيصر بوتين ” ، مع المتهور اردوغان الذي يحلم بعودة ” السلطنة العثمانية ” كما كان يفعل قياصرة روسيا السابقين ، وسوف يكون مصير ” افندينا ” الغارق في احلامه السلطانية كمصير سلفه الرئيس التركي ” عدنان مندريس ” الذي تولى الوزارة في تركيا بين عامي 1950 – 1960. والذي شارك في تأسيس الحزب الديمقراطي، فقد إنقلب عليه العسكريون يوم 27 مايو 1960 وصدر قرار بالحكم عليه بالإعدام شنقاً في نفس اليوم بعد محاكمة شكلية، ونفد قرار الإعدام يوم 17 سبتمبر 1961.
فهل ننتظر اليوم الذي سوف تعلق فيه جثة ” افندينا ” اردوغان على منصة الاعدام بعد ان يحس جنرالات الجيش التركي أن لا مناص من انقاذ تركيا من الحكم الاسلاموي الا باسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية التركي الفاشي؟ .

* ناشط عراقي في مجال مكافحة الإرهاب

http://www.saymar.org

http://alsaymarnews@gmail.com