أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / من قطع رواتب كردستان؟ :: فترة العبادي /2

من قطع رواتب كردستان؟ :: فترة العبادي /2

السيمر / الاحد 01 . 10 . 2017

صائب خليل

كما ذكرنا في المقالة السابقة(1) والتي غطت فترة المالكي، سعى مسعود البرزاني وملحقاته من ساسة وكتاب، لاستحضار تعابير مدروسة لغرض تهييج الكرد من اجل الاستفتاء، وقام هو بتذكيرهم بلا مناسبة بحلبجة والانفال وادعى بأن بغداد “قطعت رواتب الإقليم”. وبينا كيف ان المالكي في سعيه للحصول على الولاية الثالثة قدم لكردستان الكثير جداً من التنازلات المدمرة، اقلها ما بقي اليوم رسميا بشكل 36 مليار دولار، وغيرها الكثير. لكن كردستان طلبت أكثر مما يستطيع، فجاءت ببديله الذي يقبل بكل شيء! فـ “تكرم” بـ “مليار دولار بناءاً للثقة” ثم وضع وزيري المالية والنفط بما يناسب محاصرة كردستان لثروة العراق، ووقع الأخير معها اتفاقية مخزية تحدثنا عنها في مقالات أخرى، وشرعن بها ليس احتلال نفط كركوك فقط، بل أوقف أيضا ملاحقة بيع النفط المهرب، وهو ما لم يفعله المالكي.(2)
ويؤكد فؤاد الأمير أن الإقليم باع (21) ناقلة في قبرص وموانئ بأسماء يونانية وإيطالية. مما يعني علنية بيع الإقليم للنفط –بضمنه النفط الاتحادي– دون أية متابعة قانونية من المركز!
لكن لا شيء يكفي كردستان التي تسير وفق خطة السفير الأمريكي كالبريث الذي اوصاها ألا تتجنب الصدام مع بغداد، بل ان تسعى اليه سعيا، لأنها ستحصل على مكسب جديد بعد كل صدام!
وحسب الأستاذ حمزة الجواهري في مقالته “أصبح للميزانية الاتحادية استحقاق في نفط كوردستان”، أن ما يعود لكردستان من تهريب النفط، أكثر من حصتها من الميزانية! مذكراً بأن قبة خورمالة وحقل كركوك العملاق بأكمله قد سيطر عليه الإقليم بقوة السلاح كما واستحوذ على المعدات التي اشترتها وزارة النفط الاتحادية لتوسعة الإنتاج من هذه القبة، … وتنبأ صادقاً، بسعي الإقليم للسيطرة على قبة أفانا وربط الأنبوب كركوك وباي حسن بأنبوب كوردستان الذاهب إلى تركيا. وبعد الانقلاب الذي وضعت فيه كردستان العبادي حاكما للعراق، تجاوز الواقع كل المخاوف.
المعلومات التالية من كتاب ” النفط الصخري وأسعار النفط والموازنة العراقية العامة” لخبير النفط الأستاذ فؤاد الأمير، والذي صدر في نهاية عام 2015، ومعظم النصوص مقتطع منه بشكل مباشر.
قامت حكومة الإقليم في تموز 2014، باستئجار ناقلة النفط United Kalavryta، وحملتها بأكثر من مليون برميل، ووجهتها إلى الولايات المتحدة. وفي 4/9/2014، قدمت الحكومة العراقية دعوى في محكمة في تكساس، مقابل دعوى من حكومة الإقليم. وقد نجحت الدعوى العراقية، حيث أكدت المحكمة أن “وزارة النفط الاتحادية لها كامل الحق في إقامة الدعوى، لأنها قدمت ما يكفي من الأدلة على أن الدستور العراقي يمكن أن يفسر على أنه يعطي وزارة النفط الاتحادية حق ملكية النفط على الناقلة”.
بعد النطق بالحكم أعلاه مباشرة، غادرت ناقلة النفط وأفرغت حمولتها في ميناء عسقلان الإسرائيلي، … تخوفاً من إصدار حكم آخر بمصادرتها، وإعطائها لوزارة النفط الاتحادية. حاولت حكومة الإقليم أن “تقنع” الآخرين، بأن: “قرار المحكمة الأميركية … أثبت أن على وزارة النفط الاتحادية أن تسحب جميع تلك الشكاوى التي لا أساس قانوني لها والمسجلة ضد حكومة الإقليم”!!
لقد بدأ تهريب النفط من كردستان منذ سنوات عديدة، إلا أن بدايات “التصدير المستقل”، كانت في النصف الثاني من 2013 وعلى امتداد عام 2014 بصورة سرية وذلك من خلال أنبوب التصدير “الكردي”. وأصبح الأمر علنياً ومن خلال مذكرات رسمية مرفوعة إلى الحكومة الاتحادية في حزيران 2015.

دور تركيا النفطي في إقليم كردستان
إن تركيا هي التي شجعت وساعدت الإقليم في مد أنبوبه وربطه بالأنبوب العراقي التركي إلى جيهان، ووفرت كل إمكانيات التصدير ونكثت بالاتفاقيات الموقعة مع الحكومة الاتحادية. مقابل ذلك حصلت على نفط رخيص، وعلى رقع تنقيب وتطوير نفطية كثيرة ومهمة في الإقليم، أغلبها بالتعاون مع شركة أكسن موبيل الأميركية، ووقعت اتفاقية في مجال الطاقة لمدة (50) عاماً مع الإقليم لا يعرف مضمونها أحد، إلا ما يصدر من الأتراك أنفسهم أحياناً.
وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي تانريلدز في آب 2015: “إن بلاده ستشتري الغاز الطبيعي بـ .. أقل من نصف السعر باعتبار أننا بلد مجاور”.
رئيس المجلس التنفيذي العام للطاقة في تركيا محمد سربيل أن: “سنخفض سعر الغاز الطبيعي الذي نشتريه الآن بسعر (12–13) دولاراً إلى (7) دولارات”. وقد يصل إلى (5–6) دولارات.
لم يسبق أن كانت هناك موافقات من الحكومة الاتحادية على تصدير نفط الإقليم بصورة مستقلة، بل بالعكس لدينا طلب للتحكيم قدم في أيار 2014 في مجلس التجارة الدولي في باريس ضد (تركيا) و..لا يوجد لدينا غاز كافٍ للتصدير حتى سنة 2020، وكانت الاتفاقيات “سرية جداً”!!،
هونر حمه رشيد قال: “إن حكومة الإقليم .. وقعت في 2013، اتفاقاً مع الحكومة التركية لمدة (50) سنة، لـ ..تجهيز السوق المحلية التركية بالنفط والغاز بأسعار مناسبة.”
وقال السيد علي حمه صالح، نائب رئيس لجنة الطاقة والثروات الطبيعية في برلمان كردستان أن هذا الاتفاق، هو الاتفاق الوحيد الذي لا يعلم عنه شيئاً سوى عدد قليل من الناس.

وزارة المالية الكردستانية تحتج
قالت وزارة المالية في الإقليم (2015) “إنه بموجب القوانين السارية فإنه لا يجوز أن تقوم وزارة الموارد الطبيعية بإنتاج النفط وبيعه واستخدام إيراداته بنفسها”. وزراة الموارد الطبيعية رفضت نقل الأموال (البالغة مليار و 240 مليون دولار) لحساب وزارة المالية قبل أيلول، فاضطرت وزارة المالية لدفع رواتب نيسان 2015 من خلال 508 مليار دينار التي وصلت من الحكومة العراقية و 357 مليار من إيرادات النفط.
يستغرب فؤاد الأمير النظام الذي تقوم فيه وزارة الموارد الطبيعية بتوزيع المبالغ على الوزارات وليس وزارة المالية!!، مشيراً إلى قرب الدكتور أشتي هورامي من مسعود بارزاني، وان ذلك يفسر اقصاء السيد ريباز بشكل تعسفي عن وزارة المالية في تشرين الأول 2015.
أعلنت وزارة الموارد الطبيعية أن واردات النفط فاقت ما وعدت به وبلغت (1,5) مليار دولاراً وألقت باللوم على وزارة المالية والاقتصاد في تأخير الرواتب. ونلاحظ هنا اعتراف بأن المشكلة لم تكن ابداً مع الحكومة العراقية المركزية ولم يتهمها أحد! وفوق ذلك قالت الوزارة، إنها ضمنت توفير (850) مليون دولار شهرياً للإقليم حتى عام 2016، عن طريق “البيع المسبق”، وأن حكومة الإقليم والأحزاب الكردية الخمسة صادقت على اتفاقية النفط، وتوفير رواتب الموظفين ودفع مستحقات الشركات النفطية”. وبرأت نفسها بالقول: “إن وزارة المالية مسؤولة عن استلام مبالغ الصادرات النفطية من مصرف كردستان الدولي وهالك بنك في تركيا”.
ولكن وزارة المالية لم تستلم أية دفعة من العائدات “الموجودة”، باسم وزارة الموارد الطبيعية، في مصرف “هالك بنك وحتى أواخر آب، لذا لم يتم دفع الرواتب للموظفين في تموز وحزيران!!.
وزير المالية والاقتصاد ريباز محمد حملان أخبر NRT أنه ذهب في أيلول 2015، إلى بنك هالك في تركيا لاستلام الحساب، فوجد في الحساب (14) مليون دولاراً فقط! تعود لنفط 2014. وتبين أن مبيعات النفط منذ بداية 2015 وحتى أيلول، كانت تودع في بنك آخر الماني!
وماتزال الكثير من تفاصيل وأرقام تلك القضية مجهولة، لاسيما وإن الوزير الذي تابع هذه القضية بهمة وجدية، السيد ريباز حملان، قد أقيل من منصبه في أواخر تشرين الأول 2015.
نتيجة كل ذلك، لم تستطع وزارة الموارد الطبيعية في الإقليم أن تحصل على موافقة “منظمة الشفافية العالمية” على تقارير الوزارة، بعكس وزارة النفط الاتحادية التي حصلت على شهادة هذه المنظمة لأكثر من مرة.
لقد قام النائبان شيركو جودت وسوران عمر، (وكليهما من الأحزاب الإسلامية)، في أيلول 2005 بتقديم اتهام رسمي إلى المدعي العام في الإقليم ضد (وزير الموارد الطبيعية) هورامي، متهمين إياه بتنفيذ عمليات بيع للنفط الأسود يشوبها الفساد، وخاصة بالنسبة لأسعار النفط المباغ للمصافي بشكل غامض، وما زاد الأمور غموضاً استقالة المدعي العام لأسباب غير واضحة! وزاد الطين بلة على هورامي حكم محكمة لندن لصالح شركة دانة غاز، بدفع ما يقارب ملياري دولار عن إنتاج لم يقم الإقليم بدفع مستحقاته، في حقل خورمور وحده.
وترينا موازنة الإقليم بأن استيرادات الإقليم للمنتجات النفطية في 2014 بلغ (888) مليون دولاراً!!. وهو رقم مهول، خاصة إن علمنا أن في الإقليم ما يقارب من (170) مصفاة نفطية!!!.
بعد الهجوم الشديد، دافع هورامي، وتحت ضغط المطالبات بإقالته ومحاكمته، كتب أن المشترين اكدوا له انهم “لن يشتروا النفط إلا إذا كنت أنا المسؤول، لأنهم لا يعرفون بمن يثقون (عداه)”(47)!!!. وحاول إلقاء اللوم على الأحزاب التي أخرت التصدير المستقل، وانه لولا ذلك لكانت موازنة الإقليم 1,5 مليار دولار شهريا!!
والحقيقة التي لا يذكرها هورامي هي أن المشكلة بدأت بعد “التصدير المستقل” الذي بدأ به –علنياً– في أواسط حزيران 2015. وكان قد نسي أيضا تصريح له يؤكد عزمه على المشاركة في ميزانية 2015، لإعطاء “فرصة” لحكومة العبادي التي كانت تواجه الضغط للمزيد من التنازلات التي لا تنتهي. وفي ذلك التصريح اكد سعيه لمنح بغداد جزء من النفط مقابل حصة الإقليم، على ان يحتفظ الإقليم ببقية نفطه ويصدره بنفسه، لتكون الموازنة الشهرية للإقليم 1,5 مليار دولار.
ويكتب الأمير: “أذا كانت هذه الأرقام صحيحة، يكون الاقليم قد حصل على حوالي 1,5 مليار دولار شهرياَ عندما قام بالتصدير المستقل لكامل النفط المنتج في الاقليم منذ اواسط شهر حزيران 2015 مضافاً إليه النفط الاتحادي من حقول محافظة كركوك، ومع ذلك لم يسلم الى وزارة مالية الاقليم ما يكفي لدفع رواتب الموظفين للأشهر الاربعة الاخيرة!”
فما تقوله كردستان هو “أن ما موجود من نفط الإقليم للإقليم، وللإقليم في بقية نفط العراق 17%، وعلى الحكومة ومجلس النواب الاتحاديين أن ينصاعا “غصباً لهذا المفهوم.
ويسخر الأمير من قول نيجرفان، عن أن “الإقليم لا يستطيع الاستمرار مع أناس لا يمكنه الوثوق بهم”. فيقول إن الحكومة اعطتهم صلاحيات لبيع كل ما زاد عن (250) ألف برميلاً من نفطهم، ولم تقم بملاحقة قانونية للنفط المهرب كما يفترض بأية حكومة، مشيراً إلى ان مثل هذا التقصير الخطير يجب ان لا يمر دون حساب عسير لكل من كان في موقع المسؤولية في وقته.
هذا ما جاء في كتاب فؤاد الأمير، ونكمله من خلال رسالة وجهها لي عن الفترة التالية، فذكر أن الاقليم استمر للعامين التاليين 2016 و2017 ولحد هذا ليوم بالتصدير المستقل للنفط الصادر منه ومن حقول كركوك، بضمنه نفط الحكومة الاتحادية من افانا وباي حسن، واستلام عوائد هذه الكميات كاملة وبدون اية ملاحقة قانونية من حكومة العبادي. ولم يستلم الاقليم لذلك عوائد مالية من الموازنة الاتحادية. ويصدر الإقليم حاليا من انبوب التصدير الى ميناء جيهان، ما بين 550 – 600 ألف برميل يوميا، اضافة الى ما يصدر بالصهاريج وما يسمى “البيع الداخلي”، وهو ما يتجاوز 20% (25% حسب تقدير العبادي) من الموازنة العراقية (خاصة ان تصدير جيهان يباع بزيادة 3 -4 دولار) ولا يدفع حصته من النفقات السيادية والحاكمة التي تصل الى 3-4 %، ورغم ذلك يعجز عن دفع رواتب موظفيه ويعاني مديونية عالية جدا لجميع الجهات!!
تلك كانت قصة “قطع الرواتب” التي يتشدق بها ساسة كردستان وابواقها.
……………..
صائب خليل – مقالات: اتفاق النفط – غسيل أموال النهب الكردستاني للعراق

http://saieb.blogspot.nl/2014/11/blog-post.html

اترك تعليقاً