السيمر / الأربعاء 25 . 10 . 2017
أياد السماوي
بيان حكومة إقليم كردستان بتجميد الاستفتاء والدعوة الفورية إلى وقف اطلاق النار والبدء بحوار مفتوح مع بين أربيل وبغداد , ليس أكثر من مناورة مكشوفة الأهداف والنوايا , ودليلا على حالة التّخبط التي يمرّ بها الديكتاتور المتغطرس وحكومته بعد (جفصة ) الاستفتاء , ومسعود الذي أراد أن يدخل التاريخ بهذا الاستفتاء الغبي ويكون بسمارك الشعب الكردي , أخطأ البوصلة وأخطأ الحسابات , وأدرك متأخرا أنّ جوقة ( السيبندية ) التي أحاطت به قبل الاستفتاء والتي صوّرت له أنّ المضي بالاستفتاء إلى النهاية سيجعل منه القائد التاريخي الذي وحدّ الكرد وبنى لهم دولتهم المستقلّة وحقق حلمهم التاريخي , فهذه الجوقة قد خدعته ودفعت به إلى هذه النهاية المخزية , فالاستفتاء الذي أراد من خلاله إعلان دولة كردستان قد تحوّل إلى نقمة ولعنة عليه وعلى حكومته وحزبه وعائلته , ونعمة على العراقيين عربا وأكرادا وتركمانا وأقليات أخرى , فالدولة المستقلّة التي أوعد بها الشعب الكردي قد تبّخرّت وتحوّلت إلى لعنة تهدد الكرد بمستقبل مجهول .
فبسبب هذا الاستفتاء استعادت الحكومة الاتحادية سيطرتها على محافظة كركوك وجميع الأقضية والنواحي في محافظات نينوى وديالى , واستعادت سيطرتها على حقول النفط في كركوك ونينوى التي استولى عليها مسعود بالاتفاق والتنسيق مع داعش التي ساهم بإدخالها إلى الموصل , وها هي الحكومة الاتحادية عازمة اليوم على استكمال كافة مقررات مجلس النوّاب العراقي في قراره رقم 55 لسنة 2017 , وهي عازمة أيضا على استعادة السيادة الوطنية على كل شبر من أرض العراق واستعادة السيطرة على كل المطارات والمنافذ الحدودية , خصوصا منفذ فيشخابور مع تركيا الذي سيكون المنفذ الوحيد مع العراق لدخول البضائع التركية إلى العراق أو لتصدير النفط العراقي إلى تركيا , ومسعود يدرك تماما ما تعنيه خطوة السيطرة على آبار النفط من قبل وزارة النفط العراقية الاتحادية والسيطرة على خطوط نقل النفط من العراق إلى تركيا , وكذلك سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية والمطارات ودخول البضائع المختلفة إلى الإقليم والعراق بشكل عام .
وإذا كان مسعود يتصوّر أنّه قادر على خلط الأوراق من خلال استهداف وحدات من الجيش العراقي وجرّها لمعارك جانبية تتيح له الطلب من القوّات الأمريكية المتواجدة في العراق من التدّخل لوقف اطلاق النار وتدويل المفاوضات مع الحكومة الاتحادية , كما حدث يوم أمس في سيطرة مخمور حين هاجمت قوّة من مرتزقة مسعود الجنود العراقيين في السيطرة وقتلها البعض منهم وأسر البعض الآخر في هجوم غادر استفزّ مشاعر العراقيين وهيّج غضبهم , فهذا الهجوم الجبان والغادر على الجنود العراقيين في مخمور , لن يوقف تقدّم القوات العراقية نحو فيشخابور والسيطرة على المنفذ الحدودي , ولن يوقف عزم الحكومة على تحقيق كامل السيادة على كل جزء من العراق بما فيها محافظات الإقليم الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك , وليعلم مسعود أنّ الإعلان عن تجميد نتائج الاستفتاء وحتى إلغائها لن يعيد الوضع إلى ما قبل السادس عشر من أكتوبر , وإن كان هنالك ثمة مفاوضات وحوار لحل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد , فهذه المفاوضات لن تكون مع أربيل التي أرادت التقسيم , بل ستكون مع السليمانية التي وئدت التقسيم وحقنت الدماء وأعلنت عن استعدادها للقبول بالدستور والقوانين الاتحادية كسقف لحل كل المشاكل العالقة , فلا حوار مع قتلة الجنود العراقيين في مخمور والخارجين على القانون , وعلى مسعود اذا ما أراد حقن الدماء وتجنيب شعبه ويلات الحرب , فعليه الرحيل وتسليم السلطة إلى حكومة مؤقتة تتفاوض مع بغداد وتأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع وإعادة بناء جسور الثقة التي هدّمها مسعود وأبنائه وحزبه .