السيمر / الأربعاء 15 . 11 . 2017 — يقف المعلم قاسم العبدلي امام مجموعة من العراقيين، يقود حملة لتحسين الذات في وسط مدينة الفلوجة. يتساءل العبدلي عن أسباب قتل مسلحي داعش الحلاقين والموسيقيين والمغنين؟، يجب على سؤاله قائلاً “لان نسخة تنظيم داعش تعني القتل والكراهية والازدراء للاخرين، لكن الاسلام الحقيقي يدعو الى الحب والسلام والحب والمساواة للجميع”.
يجلس الطلاب في غرفة بدون كهرباء، وهم يستمعون بإهتمام لمحاضرة العبدلي وبعض الطلاب يدون ما يقوله. شارك الطلبة في دورة من خمسة ايام تُقدم مجاناً من قبل مجلس الرباط المحمدي وهي منظمة الشيخ المحمدي التي تتخذ من الفلوجة مقراً لها لمحاربة التطرف الذي يضرب الفلوجة من عشر سنوات.
التدريب هو جزء من برامج نزع التطرف الذي تديره المنظمة، ويهدف الى تحويل علم النفس الديني في الفلوجة الى مرحلة ما بعد تنظيم داعش، فقد اشتهرت الفلوجة الى جانب 200 مدينة في العراق بالتطرف واحتضانها للتنظمات الارهابية وعدائها للغزو الامريكي. ومنذ فترة طويلة والفلوجة تشهد عمليات عنف.
وبعد أن غادر الجنود الامريكان سرعان ما اصبحت الفلوجة مرتعاً للنشاط الارهابي المتمثل بتنظيم القاعدة وتنظيم داعش الذي ظهر عام 2014.
ويوضح كامل الفهداوي وهو أحد علماء الدين كيف ان “الوهابية بدأت تنتشر في مساجد المدينة منذ عام 2003 لاسيما حين بدأ المتطرفون بإغتيال الأئمة السنة وتدمير مقابر الائمة الصوفيين المعتدلين”.
وأضاف “قبل سيطرة تنظيم داعش على المدينة، كانت وسائل الاعلام تظهر المدينة على أنها مدينة للارهاب، فقد شعرنا بأن هذا عقاب لان المدينة رفضت الاحتلال الامريكي”.
ويسار هذا المجلس القلق ازاء الانتشار المحلي للافكار الوهابية التي يقول الشيوخ انها تستند اساساً الى احاديث مسندة زورا الى اقوال النبي محمد. وبدأ المجلس مكافحة الفكر المتطرف من جذوره.
ويحاول المجلس الاضطلاع في مهمة ضخمة وهي فحص كل حديث يشوه القرآن ضمن مشروع يُعرف بإسم “الاسلام المحمدي” بعيداً عن التسميات الطائفية السنية والشيعية.
ولفت الشيخ الى أن “الوهابية تقوم على احاديث مشوهة وغير صحيحة وهي اساسها قبيح وكاذب”. فقد اخذ تنظيم داعش هذه الاكاذيب للعمل بها. فهذه الاحاديث لا تمثل التفكير الحقيقي للنبي محمد والاسلام الحنيف.
حين هربت الاهالي من المدينة
لم يحظ المجلس بدوره المنشود لاسيما حين ظهر تنظيم داعش في الفلوجة عام 2013، فقد هرب شيوخ المجلس بعد تلقيهم تهديدات بالقتل بسبب عملهم، والى جانب هروب بنسبة 90٪ من سكان الفلوجة، حيث كان يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 275 الف نسمة في عام 2011.
ومن بلدة حديثة على بعد 200 كم شمال غرب الفلوجة، عزز المجلس جهوده الرامية لازالة التطرف. وعلى الرغم من انها كانت محاطة تماما بمخاطر تنظيم داعش وآثاره. وكان قضاء حديثة هي اول مدينة تمكن الشيوخ من السيطرة على المساجد التي كان يديرها الدعاة الوهابيين والراديكاليين.
وبعد تحرير القوات المسلحة للفلوجة في حزيران من العام 2016، عاد المجلس الى مبانيه السابقة ولو كانت مدمرة ومستهدفة من قبل تنظيم داعش، فرفع الشيوخ علمهم الأبيض فوق المجلس التي تركه تنظيم داعش.
ويقول سكان المدينة انها باتت اكثر امناً من ذي قبل. اذ يقول حيدر عباس 29 عاماً وهو حارس شخصي “لدينا المزيد من الامن والحرية الان اكثر مما كان عليه الوضع قبل داعش لانه قبل ذلك كان لدينا تنظيم القاعدة، ولكن الآن لدينا خلايا نائمة ارهابية”.
الشيخ محمد النوري، الذي يرأس مجلس الشيوخ قال في مؤتمر مكافحة الارهاب الذي نظمته هيئة الحشد الشعبي في اواخر تشرين الأول الماضي “بعد ان استعدنا جميع مساجدنا اصبحت الفلوجة مدينة عراقية مؤمنة بالتعايش السلمي”.
وأضاف “النجاحات في نزع التطرف بحديثة والفلوجة يمكن ان تكونان مثالاً يحتذى به للبلدان الاخرى، بما في ذلك البلدان في اوربا. واشار الى أن العراق “اصبح نواة لمحاربة الارهاب في العالم بأسره”.
وكان عمل المجلس ناجحاً جداً، حيث طلبت الحكومة العراقية من الشيوخ نشر نشاطهم ولقد بثوا اكثر من 67 برنامجاً على التلفزيون الرسمي العراقي ويقولون إن افكارهم هي معركة جديدة في الفلوجة ضد التطرف، بدأت تدور رحاها الآن وبقوة.
الفهداوي قال “لقد انتجنا رسالة مدتها دقيقة واحدة نشرناها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مفادها، تغيير عقول الناس بشأن المسائل الدينية الاكثر فعالية فضلاً عن مناقشتها في المآذن وداخل المساجد”.
غسل الأدمغة لدى الاطفال
يقترب المجلس من نهاية عملياته التفتيشية على الالاف من الاحاديث، وحقق المجلس نجاحات ملحوظة وهي بصدد الانتهاء من البحث للخروج بنتيجة مميرة.
ويقول كامل الفهداوي “لدينا معركتان لمحاربة داعش والتطرف، الاولى، هي معركة عسكرية والثانية هي فكرية، فان معركة الافكار ستكون الاكثر صرامة في الفلوجة وبدأت رحاها الان”.
وكجزء من أهدافه طويلة المدى، يقوم المجلس بتعزيز جهود نزع التطرف من خلال محاولة تحسين فرص التعليم من مكاتبه في قلب البلدة القديمة، وتقديم دورات تحسين الذات للبالغين، لتعزيز مهارات الاتصال والقيادة.
وأصبحت العديد من العائلات متطرفة من خلال اطفالها، بعد ان سيطر مسلحو داعش على جميع مدارس الفلوجة واستطاعوا ان يغسلوا ادمغة الفتيان الذين تقل اعمارهم عن 10 اعوام، وفقاً لما ذكره عباس الذي تمكن من الهروب مع اسرته حين دفع مبلغاً قدره 4000 دولار امريكي للشخص الواحد.
وقال عباس “لقد علموا أطفالنا على مفاهيم الشر واستخدموا الكتب التي تدرس الأطفال عن الجهاد التي تظهر لهم كيفية القتال صناعة القنابل”.
وكان الأطفال الذين غالبا ما يقنعون عائلاتهم بالاعتقاد بأيديولوجيات داعش. حتى الفتيات هنا تم غسل أدمغتهن ليصبحن انتحاريات.
المصدر: MEE
ترجمة: وان نيوز