السيمر / الثلاثاء 12 . 12 . 2017 — بين بغداد برلين آلاف الكيلومترات، لكن ذلك لم يثني العراقيين الهاربين من ويلات بلادهم من التوجه الى حيث توجد فسحة من الأمل، في عام 2014 وتحددا مع هجمة تنظيم داعش على البلاد، توجه آلاف العراقيين الى مختلف الدول الاوربية عن طريق التهريب، متحدين بذلك خطورة الطريق ومشاكل رحلة البحث عن الحياة، أكثر من نصف مليون عراقي يتواجدون الآن في المانيا فقط، في حين يتوزع اخرون على مختلف دول العالم، هذا التقرير يتناول حياة العراقيين هناك، ولماذا لا تقوم الحكومة بتوفير منح تشجيعية تدفعهم للعودة الى العراق.
هجرة العراقيين
البروفيسور (بيري افيان) رئيس معهد دراسات يهتم بأصول اللاجئين مقره في العاصمة لندن أعد عدة دراسات تركز على عدد اللاجئين واسباب ترك ديارهم والتوجه نحو ديار اخرى كما تدرس آلية انتقالهم ونوع المعيشة التي يحصلون عليها في تلك الدول ودراسة نتائج تلك الهجرة داخليا وخارجيا وتأثيرها عليهم .
فيان في مقابلة له على قناة البي بي سي كان قد تحدث في عدد اللاجئين العراقيين الذين تركوا بلادهم واتجهوا الى اللجوء والهجرة في زوارق تغرق، او في صناديق تخنق وبعثرتهم في تلك الدول حيث قال “الظاهرة خطيرة تغزو البلاد التي فيها من التشتت والتمزق والتهميش والضياع الكثير، لتزيد من ألم الجراح وتبقيها على حالها من دون علاج! وهي ليست ظاهرة بجديدة في بلد كالعراق، الذي يشارف على دخوله موسوعة غينيس بعدد الهاربين منه ,ظاهرة كانت موجودة من قبل ولكنها ليست مثلما هي اليوم مُتزايدة بنحو كبير، دوافعها على أختلاف الزمن هي التي اختلفت وأصبحت غريبة ومُثيرة للقلق وللخوف، بسبب تزايد أعدادها وأشكالها وأسبابها وتداعياتها بحيث باتتْ تشكل خطرًا يُهددّ الوجود السكاني في أراضيهم من الزوال والاضمحلال ثم الاختفاء المُفاجئ”.
كما اشار الى ان “إحصاءات تبين ان اكبر طالبي للجوء في الاتحاد الأوروبي هم العراقيون يليهم الصوماليون واريتريا والاتحاد السوفيتي ،والنسبة الأكبر من المهاجرين واللاجئين العراقيين هي في ألمانيا حيث تبلغ نسبتهم 80% من العراقيين المتواجدين خارج البلد كمهاجرين او لاجئين وفي السويد 13% ،اما المملكة المتحدة فهنالك 11% تقريباً منهم ،وهذه النسب من اصل العدد الكلي البالغ 150 الفاً في الغرب الصناعي 37 الفاً اعيدوا الى بلادهم ونصف المتبقي وقعوهم على تعهدات بالعودة الطوعية ان تحسنت الامور في البلاد”.
كما بين افيان امتعاضه من خطر الهجرة قائلا “هذه الهجرة الخطيرة باتتْ تشكل نقمةٍ , لأنها شملت هجرة الشباب وهجرة الخبرات والمهارات والمثقفين وخيرة العقول والكفاءات من أطباء وأساتذة وعلماء والتي باتتْ ايضا تشكل خطراً يهدد اللغة والهوية والتواجد والأصالة”.
كما اختتم لقائه قائلا “الهجرة وإن استمرت بشكلها هذا فهي ضربة قاضية مُوجهة لصميم وجود ومستقبل أرض، فلابد من أيجاد نظرة مُوحدة ومُتكاملة وجدية تنظر للحياة البشرية واحترامها بروح الانفتاح والمشاركة الجماعية من دون اعتبار لأية خلفية أو خاصية من أجل أرض واحدة”.
من جانبها تؤكد رئيسة البعثة الأوروبية لشؤون اللاجئين ايلي استون ان “يوضع العراق اليوم على رأس قائمة الدول التي يطلب مواطنيها حق اللجوء الى الاتحاد الأوروبي ودوله الـ (27 ) وتزيد نسبة طلبات اللجوء العراقية على 25% من المجموع الكلي للطلبات المقدمة لدول الاتحاد الأوربي، فيما يليه بالترتيب الصومال ومن ثم اريتريا ،وتتركز نسبة اللاجئين العراقيين في ألمانيا وهولندا ومن ثم السويد و دول أوربية أخرى.”.
كما اشارت الى ان “بما يعادل عشرة من الدول الأوربية تعمل ببرنامج الإعادة الطوعية للعراقيين وأولها ألمانيا ومن ثم بلجيكا ودول أوربية أخرى، في الوقت ذاته فان الاتحاد الأوربي وبضغط من محكمة العدل الدولية للاتحاد الأوربي والمفوضية وافق على قبول ما نسبته 25% من طلبات الحصول على اللجوء الإنساني وما تزال المباحثات والمساعي مستمرة لجلب مكاسب اكبر وأكثر للاجئين العراقيين”.
كما اشارت الى ان “امور الهجرة والمهاجرين في الاتحاد الأوربي وللعراقيين تشهد وضعاً سيئاً في بعض دول الاتحاد الأوروبي ومن بينه ألمانيا والسبب الاول ضعف سياسة الحكومات العراقية، لاسيما بعد ان تم ازالة الإقامة من المهاجرين العراقيين بطلب واتفاق مع الحكومة العراقية وان لجنة العدل لم تقبل بذلك لكن الأمر لم يكن بصالح اللجنة لان الحكومة العراقية طلبت من الحكومة الألمانية ذلك بشكل رسمي والا فان اللجنة والمفوضية كان بمقدورهما إقامة دعوى ضد الحكومة الألمانية أمام محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ ،وللأسف فان الخبراء القضائيين والقانون الدولي أكدوا ان لا حجة لهم طالما دولة المهاجرين الأصلية تطالب بإعادتهم وان اللاجئين منهم من لم يلجأ بسبب تعسف واضطهاد حكومي كما يبدو”.
كما اضافت ان “اوضاع المهاجرين واللاجئين العراقيين سيئة للغاية في هذه الدول فهم لايحصلون على اكثر من 800 يورو شهرياً وهم مضطرون الى دراسة لغة البلاد المهاجرين اليها والعمل ودفع اكثر من 75% من المبلغ الممنوح لهم لاجور السكن والكهرباء والماء واجور اخرى مما يضطرهم لان يقضوا بقية الشهر بحالة تقشف كبيرة جداً ، كما ان اغلب هذه الدول تعاني من وضع امني قلق بسبب وجود بعض العصابات التي تسيطر على المناطق الفقيرة وبالأخص الأفارقة الذين يمتهنون التسليب والسرقة والاحتيال وحتى القتل”.
تشجيع العودة
من جانبها، عرضت الحكومة الألمانية (الثلاثاء 12 كانون الاول) مكافأة إضافية لتحفيز طالبي اللجوء على العودة الطوعية إلى بلدانهم، وبالرغم من أن الحكومة الألمانية تقوم منذ سنوات بدعم طالبي اللجوء الذين يقررون طواعية العودة إلى بلدانهم، إلا أن المكافأة المالية الإضافية التي أعلن عنها وزير الداخلية الألماني قد تشكل سبباً إضافياً لرحيل طالبي اللجوء الذين قدموا لأسباب اقتصادية، وفقا لموقع هيئة الإذاعة الألمانية.
فطالب اللجوء الذي يقرر العودة إلى بلده طواعية سيحصل على ما يصل إلى 2200 يورو، بعد أن كان يحصل على 1200 يورو قبل هذه المكافأة الإضافية التي تبلغ ألف يورو للشخص الواحد، للمساعدة في دفع الإيجار أو اعمال تجديد المسكن، وذلك ضمن برنامج ‘وطنك مستقبلك، الآن’ والذي يستمر حتى الثامن والعشرين من شهر شباط عام 2018، بينما ستحصل العائلة المكونة من ثلاثة أشخاص (زوجان مع طفل واحد) على ما يصل إلى 6 آلاف يورو، بعد أن كانت تحصل على 3 آلاف يورو عند قرار العودة الطوعية.
وناشد وزير الداخلية الألماني، توماس دي ميزير المعنيين بالأمر بالاستفادة من هذا العرض في تصريحات لصحيفة ‘بيلد آم زونتاغ’ الألمانية.
وقال ‘إذا قررتم العودة طواعية حتى نهاية شباط، فسيمكنكم الحصول على مساعدة لتأمين مسكن خلال الشهور الـ12 الأولى في وطنكم، بالإضافة إلى مساعدة بدء حياة جديدة’. واستطلع موقع هئية الإذاعة الألمانية مواقف عدد من اللاجئين العرب في ألمانيا، في هذا الشأن.
الى ذلك، يقول عضو لجنة المهاجرين والمرحلين في مجلس النواب العراقي، النائب حنين القدو، ان “اوضاع اللاجئين العراقيين في الدول الغربية سيئة جدا وهذا كان واضحا من خلال زيارتنا للمخيمات في تلك الدول ويجب ان تكون هنالك حوافز تقدمها الحكومة العراقية من أجل عودة هؤلاء”، مبينا خلال حديثه لـ (وان نيوز) ان “المشكلة التي تعيق عملية تشجيع عودة اللاجئين هو الوظائف حيث ان هنالك الكثير من حاملي الشهادات العليا من اميركا وبريطانيا ودول اخرى يرغبون بالعودة الى العراق، لكن لا توجد درجات وظيفية او تخصيصات مالية لاستيعاب هؤلاء، فضلا عن الوضع المالي في العراق وتقشف الموازنات الاخيرة”.
ويبين القدو ان “هنالك عودة مستمرة للاجئين العراقيين من الدول الغربية لكنها ليست بالمستوى المطلوب بسبب وضع العراق الحالي، وتدني مستوى الخدمات وازمة السكن وكثير من المشاكل التي لا ترغب اللاجئ العراقي بالعودة الى العراق، مبينا ان “اللاجئين العراقيين يتواجدون في المانيا بشكل كبير حيث يتجاوز عددهم نصف مليون شخص فضلا عن وجود اعداد اخرى في السويد وغيرها من الدول”.
وان نيوز