السيمر / الثلاثاء 29 . 05 . 2018
معمر حبار / الجزائر
قرأت كتاب ” أدباء جائزة نوبل”[1] للأستاذ محمود قاسم، سفير الدولية للنشر، الطبعة الأولى 1427 هـ – 2007، من 143 صفحة. وكتاب: “أعظم 100 اكتشاف علمي، اكتشافات واختراعات غيّرت مجرى البشرية”، للأستاذ أكرم مؤمن، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 2015، من 193 صفحة. وكتاب: “الخالدون: سيرة 25 شخصية من القدماء والمحدثين”[2]، للأمريكي ديل كارنيجي الطبعة الأولى 1437هـ – 2016، دار بداية بلبنان ومصر، من 193 صفحة، بالإضافة إلى كتب عديدة كثيرة حول شخصيات عربية وأعجمية وغربية.
ومن بين النقاط التي وقف عليها القارىء المتتبّع وهو يقرأ ويلخصّ وينتقد هذه الكتب، أنّها ركّزت على أمور بسيطة سهلة كانت من وراء بروز عباقرة غيّروا مسار التّاريخ وكانت من وراء اختراعات غيّرت مجرى الحياة.
في المقابل أرى خلال هذا الشهر بعض المصلين يحتكرون الصفّ الأوّل ويغلقون النّافذة ويمنعون إخوانهم المصلين من فتح النافذة فيفرضون عليهم حرارة لا تطاق، وآخرون يمنعون تشغيل المروحة التي بجانبهم أو فوق رؤوسهم ويمنعونها من التّشغيل عمدا دون مراعاة لمشاعر إخوانهم ومسبّبين أضرارا بالمصلين ، وعوض أن ينتقلوا لأماكن أخرى حيث يكونون بعيدين عن المروحة أو المكيف يطالبون غيرهم بتوقيفها، وليذهب بعدها إخوانهم في المسجد إلى الجحيم.
أقول لإمام المسجد بعد الانتهاء من صلاة التّراويح: لأوّل مرّة أقف على سبب تخلّفنا الذي كان وما يزال وراء عدم إنجاب الأمّة للمخترعين والاختراعات. والسبب في ذلك أنّ الذي يمنع المروحة والمكيّف في الصيف والمدفأة في الشتاء باعتبار المصلي لا يحقّ له أن يصلي والنار تقابله لأنّه “تشبيه بعبدة النّار !!”، معرّضا حياة إخوانه للحرارة المهلكة والبرد القاتل، لا يمكنه بحال أن يكون عاملا من عوامل دفع الأمّة للاختراعات، ولا يمكن لمثل هذه الظروف أن تلد مخترعا يحب العلم والابتكار ويدفع إليه، بل هذه الديكتاتورية التي نلمسها باستمرار باسم الدين تارة وباسم “إظهار الرجولة !” في غير محلّها ودون أصحابها، تخنق الأنفاس، وتقتل الطاقات، وتهدم الأركان، وتنسف الدول والمجتمعات، وتقبر كلّ اختراع، وتعدم كلّ مخترع.
أقول للإمام من جديد: كنّا نصلي بالمرحة ونحن أطفال قبل زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980 وكانت يومها المروحة من الاختراعات الخارقة، وكان من المفروض أنّنا نتجاوز اليوم بعد هذه العقود تلك الاختراعات إلى اختراع أكثر نفعا وأسهل استعمالا وأوسع انتشارا، لكن مع هذا السّلوك المتمثّل في انتشار مظاهر الديكتاتورية عبر المؤسسات المقدسة كمنع المروحة والمكيّف عن المصلين صيفا ومنع المدفأة شتاء، مازال المجتمع في عهده السّابق كما يتذكره الطّفل وقد مرّت عليه 5 عقود لم يتطور للرفع من مستواه وما زال يحتكر المروحة ويطرد النّاس منها ويرغمهم على الغرق في العرق.
إذا كانت الاختراعات تبدأ بأصغر الأشياء، فإنّ من شروط بروز المخترعين والاختراعات هو التخلي عن جميع مظاهر الديكتاتورية ولو بدت في بداية الأمر بسيطة صغيرة لا تلفت الانتباه.
[2] راجع مقالنا بعنوان: ” الخالدون لديل كارنيجي”، وبتاريخ: الجمعة 14 جمادى الأول 1439 هـ الموافق لـ 02 فيفري 2017