السيمر / الثلاثاء 05 . 06 . 2018 — من المقرر دستورياً أن تتحول حكومة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى حكومة تصريف أعمال بعد 25 يوماً من الآن، ومع ذلك فإن المفوضية العليا للانتخابات العراقية لم ترسل حتى الآن نتائج الانتخابات إلى القضاء للمصادقة عليها، كما أن الطعون والقضايا المرفوعة بشأن نزاهة عملية الاقتراع ما زالت عالقة بانتظار بت المحكمة الاتحادية بها.
خلال ذلك، ما زالت الكتل السياسية بالعراق تواصل مشاوراتها، وسط حضور إيراني طاغٍ في بغداد على تلك المشاورات، التي بدت، خلال الساعات الماضية، فرصها أفضل للمدعومين من قبل طهران، وهما تحالف الفتح، الذي يمثل مليشيات “الحشد الشعبي”، وائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي. وأكدت مصادر سياسية عراقية في بغداد التوصل لاتفاقات مبدئية مع الأكراد وكتلة سنية مهمة للتحالف مع الفتح وائتلاف دولة القانون لقاء ضمانات وتعهدات مختلفة. ووفقاً لمسؤول رفيع المستوى في مكتب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، فإن ولاية الحكومة الحالية ستنتهي في الأول من يوليو/ تموز المقبل، وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال فقط، بلا صلاحيات واسعة، باستثناء الملف الأمني، الذي يستطيع رئيس الوزراء التصرف به وفقاً لما تقتضيه الأوضاع، فيما سينتهي عمر البرلمان في الثلاثين من يونيو/ حزيران الحالي بلا صلاحيات تذكر، بحسب الدستور العراقي النافذ بالبلاد.
في هذا الوقت، ما زالت نتائج الانتخابات العراقية غير مصدقة قضائياً، كما أن إجراءات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لم تكتسب الصفة النهائية بعد بسبب الطعون والشكاوى القضائية، التي قدمت من قبل 9 كتل وقوائم سياسية تتهم المفوضية بالتزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات، وهو ما يجعل مسألة التئام البرلمان الجديد قبيل نهاية يونيو مهمة شبه مستحيلة في ظل استمرار حالة عدم اللاتحالف النهائي بين الكتل السياسية. كما أن الكتل القريبة من بعضها البعض لم تعلن عن تحالفها بشكل رسمي، وتنتظر مصادقة القضاء على النتائج النهائية، مثل الفتح ودولة القانون، أو النصر وسائرون.
وشهدت الساعات الماضية لقاءات جديدة من نوعها، كان أبرزها لقاء السفير الأميركي في بغداد، دوغلاس سيليمان، مع القيادي في مليشيا “الحشد الشعبي” وزعيم قائمة الفتح، هادي العامري، الذي كان قد أطلق تصريحات عدائية حيال وجود القوات الأميركية في العراق وطالبها بمغادرة البلد، كما أنه يعتبر من أبرز حلفاء إيران في بغداد، فضلاً عن لقاءات بين شخصيات مقربة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وزعامات عربية سنية في بغداد. ووفقاً لقيادي بارز في التحالف الحاكم بالعراق، وعضو في البرلمان، تحدثا لـ”العربي الجديد”، فإن “الخط المدعوم إيرانياً (الفتح ــ دولة القانون) حقق تقدماً في مفاوضاته مع كتل سياسية مختلفة، من أبرزها كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وكذلك تحالف الحل (إحدى الكتل السنية)”. وقال مسؤول في تحالف الفتح، لـ”العربي الجديد”، إنه تم التوصل إلى تفاهمات مع كتلة البارزاني تتضمن تعهداً بإعادة تنظيم العلاقة بين بغداد وأربيل في كل الملفات، وإصلاح الحقبة الماضية لقاء التحالف معهم، والأمر نفسه ينطبق على كتلة الحل وكتل سنية صغيرة على مستوى المحافظات الشمالية والغربية، إذ يجري التفاهم معهم على عدة أمور، بينها الموافقة على سحب مليشيات “الحشد الشعبي” من مدنهم وتسريع وتيرة الإعمار وإطلاق سراح آلاف المعتقلين والكشف عن مصير أولئك الذين جرى اختطافهم على يد “الحشد الشعبي”. ولفت إلى أن ما يجري يعتبر تقدماً، لكن لم تحسم أي تحالفات نهائية، والكل بانتظار المصادقة على نتائج الانتخابات، وكذلك قرار المحكمة الدستورية بشأن طعن البرلمان بنزاهة الانتخابات.
واعتبر سياسي مقرب من العبادي أن مذكرة الاعتقال، التي صدرت أمس الإثنين، بحق القيادي الكردي ورئيس مجلس كركوك المخلوع، ريبوار الطالباني، جرت بدفع من نوري المالكي لإيقاع أزمة جديدة بين العبادي ومسعود البارزاني الذي سارع لإصدار بيان يستنكر إصدار مذكرة الاعتقال ويعتبرها امتداداً للخيانة، ويعرب عن دعم كل الشارع الكردي للقيادي الذي يتواجد في أربيل منذ سيطرة القوات العراقية على كركوك منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وبيّن السياسي، في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “الإيرانيين لا يريدون إقصاء كتلتي العبادي أو الصدر نهائياً عن الحكومة المقبلة، كونها ستبدو مفضوحة وتفقد هذه الحكومة استقلاليتها، لكنهم يصرون، في الوقت ذاته، على أن الحكومة الجديدة ستكون وفق مقاساتهم هم لا المقاسات الأميركية”، وفقاً لقوله، واصفاً تشكيل الحكومة الجديدة بأنه بات أمراً دولياً وليس محلياً كما يعتقد البعض. من جانبه، توقع القيادي في تحالف النصر، صادق المحنا، في حديث مع “العربي الجديد”، تأخر ولادة الحكومة الجديدة كثيراً. وقال إن “الحكومة الجديدة ستتأخر كثيراً”، لافتاً إلى أن “المفاوضات الجارية حالياً تتميز بكونها فضفاضة وغير ثابتة بين أي من الكتل”.
وأعرب القيادي في تحالف الفتح ومرشح القائمة لمنصب رئاسة الوزراء، الدكتور صالح الحسناوي، عن اعتقاده بأن “فترة طويلة ستمر لحين تشكيل الحكومة، وأنه لا يمكن الحديث عن فراغ دستوري، فالحكومة موجودة وتقوم بواجبها”. وبيّن، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الحكومة ستبقى تمارس كل سلطاتها وتنفذ القوانين الموجودة، وتستمر إلى أن تتشكل حكومة جديدة من خلال اجتماع البرلمان واختيار رئيس الجمهورية، وبعد 15 يوماً يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، وسيكون على هذا المرشح أن يعلن عن تشكيل حكومته خلال 30 يوماً ويصادق عليها البرلمان، وهذا كله وقت لن يكون قصيراً”. من جانبه، قال عضو التيار الصدري، حاكم الزاملي، لـ”العربي الجديد”، إن “زعيم التيار مقتدى الصدر بذل جهوداً كبيرة، من خلال الاجتماعات الأخيرة في بغداد أو النجف، وكانت البداية عبارة عن جس نبض، لكن الخطوات الآن في نهايتها، وأعتقد أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد الإعلان عن تشكيل أكبر كتلة في البرلمان، التي ستشكل بدورها الحكومة”، معرباً عن “اعتقاده بأن هناك استعجالاً من الجميع في تشكيل الحكومة، وهناك توافق مشترك على ذلك بين الجميع”.
المصدر: العربي الجديد