السيمر / الاثنين 09 . 07 . 2018 — بعد بناء أكبر سفارة لها في العالم في بغداد، وضعت الولايات المتحدة الامريكية حجر الاساس لإنشاء قنصلية لها في إربيل والتي تعد الأكبر على مستوى العالم، على مساحة 200 ألف متر مربع وبتكلفة 750 مليون دولار على طريق اربيل شقلاوة، على الرغم من وجود قنصلية لها في مدينة عنكاوا في أربيل.
فما هي خطط الإدارة الأمريكية المستقبلية في العراق؟ وهل الولايات المتحدة سوف تستبدل الوجود العسكري بوجود دبلوماسي كبير؟ وهل تنوي الولايات المتحدة من خلال سفارتها في بغداد وقنصليتها في إربيل حسر النفوذين الإيراني والتركي؟
أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين الدكتور عبد الحكيم خسرو:” نعلم جيدا أن الولايات المتحدة تبنت عملية تغيير نظام الحكم في العراق بعد العام 2003 وكانت هناك عملية واسعة للتغير وتبني نظام جديد ومن ثم وضعت اتفاقية إطار استراتيجي شاملة تتناول كافة الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية وحتى الثقافية، والتعامل مع هذه الاتفاقية تحتاج إلى جهد أكبر مما هو عليه في الدول الأخرى، والولايات المتحدة تقدم العون الأساسي لاستمرار العملية السياسية في العراق، وهي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة داخل العراق”.
واضاف ” على الرغم من أن نظام الحكم بعد التغيير تعرض إلى الكثير من المناكفات بين ما تريده الولايات المتحدة من جهة وما تريده الكتل والأحزاب السياسية الحاكمة في العراق من جهة أخرى، مع العلم أن الولايات المتحدة نفسها اعترفت بالكثير من الأخطاء التي وقعت بها بعد تغيير نظام الحكم في العراق، والآن بدأت مرحلة جديدة تتضمن عدة جوانب، أهمها هو أن الولايات المتحدة من خلال سفارتها في بغداد ومع بداية العام 2016 تعمل على تطبيق كافة بنود اتفاق الإطار الاستراتيجي الموقع بينها وبين العراق عبر اجتماعات دورية سنوية تعقد بين الجانبين لوضع أسس للعمل المشترك”.
وتابع خسرو، “أن الجانب العسكري يمثل فقرة من فقرات الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق، والتواجد الأمريكي في العراق الغرض منه لمحاربة تنظيم “داعش” ويندرج ضمن إطار التحالف الدولي، وبقاء القوات الأمريكية في العراق يتعلق بموضوع مكافحة الإرهاب، وهو موضوع يختلف عن الإطار الاستراتيجي للاتفاقية، باعتبار أن الاتفاقية تتعامل مع العراق على أنه دولة ذات سيادة، وعند الحديث عن هذه الاتفاقية يجب الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على النظام الديمقراطي في العراق من جميع التدخلات الخارجية، ويكون ذلك بطلب من الحكومة العراقية، الجانب الآخر يتمثل بكيفية التعامل مع العراق ومع إقليم كردستان، على اعتبار أن للأخير حالة خاصة مبنية على قرارات دولية قد تتخطى حدود السيادة العراقية، حيث يمثل إقليم كردستان للولايات المتحدة حالة من الاستقرار السياسي، لذا فإن الحفاظ على التواجد الأمريكي في الإقليم مهم جداً في إطار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وهو موضوع يتنافى مع كل التصريحات السابقة التي تفيد بأن الولايات المتحدة تخلت عن إقليم كردستان”.
واوضح خسرو، “الولايات المتحدة عندما تقوم بوضع استراتيجية في بغداد أو كردستان فإن لديها سياسية تتمثل بإيقاف التدخل الإقليمي في الشأن العراقي، وخاصة التدخلات التركية والإيرانية، وهو موضوع أيضاً مرتبط بالشأن السوري والمواجهة الأمريكية مع إيران، فالعراق سوف لن يدخل بالحرب ضد إيران، والولايات المتحدة أيضاً لا تريد ذلك، فهي تحاول إبعاد العراق عن الصراعات الموجودة في الشرق الأوسط، كما أن النظام في إيران نفسه أصبح على قناعة في أن استقرار النظام في العراق هو في صالح إيران، كونه سوف يعمل على تخفيف الضغط الاقتصادي على طهران، فالضغوطات الاقتصادية على إيران تتطلب الانفتاح على العراق وكردستان، والولايات المتحدة لا تعترض كثيرا على هذا الأمر، وإذا نظرنا إلى إصرار الولايات المتحدة على إثبات تواجدها الدبلوماسي في العراق معناه أن الأخير لازال يشكل أحد أهم نقاط القوة الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا يوجد تبدل لهذه الاستراتيجية، وهي رسالة أيضاً للعراقيين في عدم الدخول في اللعبة الإقليمية والدولية، وهو موضوع يميز العراق بعلاقته مع الولايات المتحدة عن باقي الدول بسبب وجود اتفاقية إطار استراتيجي موقعة بين البلدين”.
المصدر: سبوتنيك