السيمر / السبت 21 . 07 . 2018 — على الرغم من الإجراءات العسكرية والأمنية التي فرضتها القوات العراقية في مدن جنوب العراق ووسطه والعاصمة بغداد، تجددت أمس الجمعة، التظاهرات في مدن عراقية مختلفة، أبرزها البصرة وذي قار وواسط والنجف وكربلاء وبابل وميسان والمثنى وبغداد في ساحة الحرية، التي قال المشاركون فيها إنها “لتأييد تظاهرات الجنوب التي تركزت قرب مباني الحكومات المحلية وبالساحات الرئيسية في المدن”.
التظاهرات تواصلت في العراق متجاوزة التأخر في تشكيل الحكومة، الذي طاول جميع الأطراف، في ظلّ شبه اتحاد بين المتظاهرين على الإصرار على المطالب الاجتماعية والخدماتية، وصولاً إلى طرح 92 مطلباً من أجل وقفها.
اذ نقلت صحيفة خليجية، اليوم، عن موظف رفيع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، قوله إن “الطلبات التي وصلت من المحافظات الجنوبية تخطت حاجز التسعين مطلباً، أغلبها طلبات تتعلق بالخدمات والتوظيف وأخرى عقابية مثل شروط إقالة المحافظين ورؤساء المجالس ومدراء الدوائر وإحالتهم للقضاء، وأخرى طلبات غير منطقية تتهم هيئة النزاهة بالفساد وتدعو لحلها.
بالإضافة إلى طلبات بإلغاء مجالس المحافظات والانتقال للنظام الرئاسي ونقل مقرات الأحزاب وفصائل الحشد إلى خارج المدن والأحياء السكنية”. ولفت إلى أن “قسماً من تلك الطلبات بدا تعجيزياً لدرجة كبيرة وقسم يحتاج إلى تعديل دستوري لتمريره”.
ووفقاً للمصدر ذاته فإن “البصرة رفعت نحو 29 مطلباً وذي قار 19 والنجف 23 وبابل 17 والمثنى 40 مطلباً والقادسية 11 مطلباً ومحافظات أخرى”. وتتشارك الطلبات التي رفعها المتظاهرون بالماء والكهرباء وتوفير الوظائف وتأهيل المستشفيات والمدارس وبرنامج لمساعدة الأيتام والأرامل والمعّوقين الذين يغص بهم الجنوب العراقي، إضافة إلى طلبات تتعلق بإقالة مسؤولين في الحكومات المحلية وإحالتهم للقضاء.
وهناك طلبات تتعلق بمحافظة دون غيرها، كالنجف، التي طلب المتظاهرون فيها إعادة فتح أحد النوادي الثقافية والأدبية التي أغلقتها الأحزاب الدينية”. ولفت إلى أن “الحكومة العراقية تسلمت الطلبات فعلياً، لكن من مجموع 92 طلباً، فإن الحكومة قادرة على تلبية 10 في المائة فقط، لكن هناك طلبات تحتاج أربع سنوات وأخرى سنتين وبعضها سنة مثل محطات الماء والكهرباء وتأهيل المستشفيات وتوفير الوظائف”.
هذه التظاهرات تأتي بعد نحو ستة أشهر من إعلان “النصر” على التنظيم الإرهابي، اذ عادت المشاكل الاجتماعية لتحتل رأس سلّم الأولويات، فعمّت الاحتجاجات المحافظات الجنوبية بدءاً من البصرة، فيما اختارت الحكومة أن تتحدث عن وجود “مندسّين” بين صفوف المتظاهرين، وتعتقل قواتها كل شخص يدعو للتظاهر أو يحرّض على اقتحام المقار الحكومية والحزبية.
من جهته، حذر المرجع الديني العراقي محمد تقي المدرسي، من “فتح أبواب جهنم على العراق في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه”، مؤكداً في بيان أن “الأحداث الأخيرة أشارت إلى وجود ثغرات في عملية التواصل بين أبناء الشعب من جهة، والأجهزة المكلفة بتوفير الخدمات من جهة أخرى”.
ولفت إلى أن “هذه الثغرات هي التي سمحت للبعض باستغلال ضعف الخدمات للقيام بأعمال غير مقبولة”. ودعا القيادات السياسية إلى “تحمّل مسؤولياتها التاريخية في رأب الصدع”، منتقداً “ضعف أداء المسؤولين العراقيين في مسألة توفير الخدمات”. وشدّد على “ضرورة الحدّ من المطالب المبالغ بها، والتراضي على حلول وسطية”.
المحلل السياسي أحمد الابيض، يقول لـ (وان نيوز) إن “مطالب المتظاهرين تتزايد يوما بعد يوم جراء تأخر استجابة الحكومة في تنفيذها”، مشيراً إلى أن “الحكومة الآن محرجة ونفذت الكثير من الأمور المتعلقة بين الحكومة المركزية والاتحادية”.
وأوضح، أن “الحكومة لا زالت تفرض الأمن في جميع المحافظات ولم تخرج الأمور عن السيطرة لكن الخطر يكمن في أن امتداد الحكومة الطبيعي في المحافظات الجنوبية والوسطى التي لا يزال الأمن بها متخلخل ما يشكل خطرا على الحكومة”.
في السياق، عممت تنسيقة التظاهرات في محافظة ذي قار جنوبي العراق، اليوم السبت، بيانا دعت فيه جميع المحافظات المحتجة بما فيها العاصمة الاتحادية بغداد الى الاستعداد لمظاهرة موحدة تنطلق مساء غد الاحد.
وقالت تنسيقة “منتفضو محافظة ذي قار” في بيان اليوم، ان مظاهرات موحدة ستنطلق يوم الاحد 22 تموز في جميع المدن “المنتفضة” اضافة الى بغداد وبتوقيت واحد هو الساعة السادسة مساء.
ودعا البيان الى “إيقاف جميع المطالَب والتأكيد على مطلب واحد فقط هو ( إسقاط الفاسدين )”، مردفا بالقول انه “ليس لدينا مطلب غيره وكل من يداعي بالخدمات والتعيينات لا يمثل الا نفسه اما مطلب إسقاط ومحاكمة الفاسدين فهو مطلب شعبي ومطلب وطن”، حسب تعبير البيان.
علي عبد الله، أحد المشاركين في التظاهرات، يقول ان ” المتظاهرين يعتقدون أن هذه المطالب لا تفي بالغرض وتتزايد المطالب يوما بعد يوم، ما يعني أن هناك رغبة في الشارع العراقي بتغيير الأحوال السيئة حتى وصلت المطالب بتغيير النظام”.
وطالب الحكومة بأن “تتخذ الإجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن، وإلا فإن ثقافة التظاهر تتزايد، وعليها أن تأخذ مطالب المتظاهرين مأخذ جدي وأن تضع حدا لهذا الحال لأن أزمة الكهرباء والماء لم تعد هي الأساس في مطالبات المتظاهرين، الذي طالبوا بمحاسبة الفاسدين وتغيير الوضح السائد وهو ما لم يكن في السابق”.
وأكد أن “المتظاهرين سيبقون في الشارع حتى تحقيق المطالب أو تغيير الوضع الحالي وهو ما يحتاجه الناس في الشارع وأن ترى العديد من الفاسدين في السجون، لكن استجابة الحكومة لهذه الأمور بسيطة جدا وهو ما لم يحصل حتى الآن”.
وان نيوز