السيمر / الاثنين 23 . 07 . 2018 — في اللحظة الاخيرة التي عادت لعائلتها بعد سنوات من العبودية والاسترقاق الجنسي تحت حكم تنظيم داعش، تعيش سهام أسوأ ايام حياتها.
قضت البنت الايزيدية البالغة من العمر 23 عاماً خمس ساعات لتعبر من الموصل الى محافظة دهوك، حيث شمال كردستان، تبكي وتصرخ لانها اُجبرت على ترك ابنتها وراءها.
لم يكن لسهام خياراً سوى ترك ابنتها ذات العام الواحد، حسبما تقول بعد أن اجبرها عمّها على الرحيل، واقنعها ان هذه الطفلة وُلدت كنتيجة للاغتصاب الجنسي الذي تعرضت له على يد مسلحي داعش، وهذا لن يكون مقبولاً في المجتمع الايزيدي، بحسب تعبيرها وهي تصف كلام عمها.
تقول سهام “بكيت وصرخت بشدة، وأخبرت عمي ان هذه الطفلة خرجت من احشائي ودمي، لكنه أصر على توقيعي على ورقة أرسلها فيما بعد الى الجهات الرسمية”. وتضيف سهام ان عمها اخبرها، بأن طفلتها ستذهب الى مكانٍ ما مع بقية الاطفال.
وواجهت اكثر من 6،400 امرأة ايزيدية العنف الجنسي خلال ظهور تنظيم داعش في المناطق الايزيدية اللاتي وضعن اطفالهن فيما بعد من مسلحي ورجال التنظيم الارهابي عنوةً، فضلاً عن اجبارهن على الزواج من مسلحي التنظيم او ايداعهن بالسجن.
النساء الايزيديات، كن يعتقدن ان بعد تحرير الموصل، يمكنهن العودة الى ديارهم مع اطفالهن الذين ولدوا من مسلحي التنظيم، لكنهن اصطدمن بقوانين جديدة تمنع اصطحاب اطفال مسلحي داعش معهن، سيما ان هؤلاء الاطفال يعتبرون إرث لتنظيم ارهابي، ناهيك عن اختلاف الديانات.
ولا توجد احصائيات دقيقة عن اعداد اطفال تنظيم داعش الذين ولدوا من امهات ايزيديات، فقد مكث الكثير منهم في مخيمات الايتام التابعة لاقليم كردستان ومنهم من استطاع الخروج مع ذويه الى سوريا، وفقاً لوحدة حماية الاطفال الايتام الكردية.
وكانت منظمات دولية حذرت من فصل الاطفال عن امهاتهم، لان هذا الحال قد يخلق نوعاً من التوحد والبؤس في جيل ينمو بالعراق.
وتتحدث سهام من مكان متواضع في مخيم ما في محافظة دهوك عن عشرات الالاف من الايزيديات لازلن قابعات في مخيمات النازحين، فضلاً عن كلامها بشأن زوجها الثاني الذي اشتراها في السنوات الثلاث الماضية.
في البداية اشارت سهام، الى أنها تزوجت من ضابط كبير في تنظيم داعش الذي عاملها بقسوة وضرب وصولاً للاغتصاب، لكنه حين اكتشف انها تحمل طفلاً، تغيّر موقفه قليلاً واطلق اسماً على البنت “زينب” وتعني جوهرة ابيها.
تقول سهام “انا اكرهه جداً، اكرههم جميعاً، فآخر شيء كنت اتخيله ان اكون حاملاً من مسلح في تنظيم داعش، لكن حين ولدت طفلتي الاولى، احببتها بسرعة، فكل امرأة تحب طفلتها، لانها تعطي صورة عن ابتسامة في وسط الظلام الذي يمثله داعش، فأبنتي لديها شعر جميل وعينان بنيان وبشرة حنطية اللون”.
وبعد مقتل مسلحي داعش في غارة جوية في صيف العام 2017، هربت سهام الى مخيم حمام العليل جنوب الموصل، وحين اتصلت بعائلتها لمعرفة موقفهم من انها صارت ام الآن، وهل عليها العودة او لا؟، فوجدت اجوبة غير مقنعة، ففضلت البقاء وعدم العودة”.
وتحدث صحيفة الديلي تلغراف البريطانية مع اربعة نساء ايزيديات صرن امهات الان من رجال تنظيم داعش مقيمات في كردستان العراق بسبب رفض عائلاتهن جلب الاطفال واجبارهن على ترك هؤلاء الاطفال وراءهم.
ويقول عضو في وحدة حماية الايتام الكردية إن هذه القضايا متشابهة بين النساء الايزيديات، ومعروف موقف المجتمع الايزيدي منها. حتى ان النساء تحدثن متخفيات بأسماء مستعارة خوفاً من التعرض للقتل على يد مجتمعهن.
وتُرك بعض الاطفال داعش في مخيمات الايتام الذين خضعوا لفحص الـ “DNA” وثبت انهم من نسل مسلحي داعش. لكن المجتمعات ترفض هذه المجموعة من الاطفال لاعتبارات عديدة، والاغلبية منهم يطلبون ان يرحلوا هؤلاء الاطفال بعيداً عنهم.
وتقول حلا الصرّاف، مؤسس منظمة الصحة العراقية التي تساعد الاطفال اليتامى بالعودة الى ذويهم “المشكلة ليست في حياة هؤلاء وكيفية عيشهم بالمخيمات، بالمشكلة في تأثير الحرب الاخيرة عليهم”.
وعن الوضع القانوني لهؤلاء الاطفال بحسب القوانين العراقية، فإن هؤلاء الاطفال هم مسلمون من امهات ايزيديات، رغم ان الديانة الايزيدية منغلقة جداً ولا تسمح بالزواج خارج اطار الديانة الواحدة، فتعتبر هذه الديانة الاطفال ايزيديين في حال ان والديه من الديانة نفسها.
ويقول علي سعيد ان رجال الدين الايزيديين يخشون قبول هؤلاء الاطفال في مجتمعاتهم، لانهم فيما بعد سيتروجون من ايزيديات وهنا تصبح حالة من الاختراق للديانة نفسها، لذلك هم يحاولون حماية مجتمعهم قدر الامكان من هؤلاء الاطفال في الاندماج معهم.
وخلال السنوات الثلاثة الماضية، كانت نديمة 31 عاماً، التقت بعدد كثير من الايزيديات اللاتي رفضن العودة الى ديارهن خوفاً من ان يفرقهن رجال مجتمعهن عن اطفالهن.
المصدر: الديلي تلغراف
ترجمة: وان نيوز