متابعة السيمر / الأربعاء 25 . 07 . 2018 — نشرت صحيفة “العرب” اللندنية، تقريراً تحدثت فيه عن التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مدن وسط وجنوب العراق، فيما اشارت الى أن تلك الاحتجاجات رسّخت حقيقة انتفاء دور النقابات والمنظمات الجماهيرية رغم عراقتها وما كان لها في السابق من أدوار كبيرة وحضور فاعل في جميع معارك العراق وأحداثه الكبرى.
ونقلت الصحيفة، عن سياسيين ومؤرخين عراقيين قولهم، إن “غياب هذه المنظمات ادى إلى تخلّي أغلب قياداتها عن النشاط نتيجة القمع والاجتثاث، وانخراط بعض تلك القيادات في مافيات الفساد والمشاركة في اقتسام ثمار النفوذ والمحاصصة من رشى مالية ووظائف إدارية ومواقع سياسية”.
وأضافوا، إن “هذه التشكيلات باتت تقودها وتوجهها أحزاب السلطة، ولو أنها ظلت مستقلـة فعلا ولا ترتبط بتـوجهات تلك الأحزاب لتحـوّلت إلى أدوات داعمة للانتفاضة”.
ونقلت الصحيفة عن عبد الكاظم العبودي، الأمين العام للجبهة الوطنية العراقية، وهي تنظيم معارض يضم القوى الوطنية العراقية التقليدية من أحزاب قومية ووطنية وإسلامية ومستقلين، أنّ “العمل النقابي بعد الاحتلال الأميركي للعراق تركز على تغيير الأطر النقابية واستبدالها بمجموعات طارئة من الأشخاص الانتهازيين التابعين للهياكل الكرتونية الخالية من أي مضمون اجتماعي أو سياسي، خصوصا ما أطلق عليه الاحتلال اسم منظمات المجتمع المدني التي نبتت فجأة كالفُطر ونمت بسرعة كالطفيليات، وبعناوين ومسميات شتى كمساحيق لتزيين وجه الاحتلال البشع، ثم انخرطت بتوجيه مشبوه في ما يسمى مؤسسات (ديمقراطية) الاحتلال”.
ويضيف العبودي، أن “أيدي الفساد وأدواته امتدت إلى ما تبقى من بعض الهياكل النقابية وجرى تفريغ أدوارها المطلوبة وتحويلها إلى مجرّد واجهات تخدم أغراضا طائفية وفئوية وجهوية وتحقّق أهداف المجموعات السلطوية الحاكمة”.
الكاتب والصحافي محسن حسين، أكد، وفق التقرير، أنه “يتابع يوميا أنباء الانتفاضة والتظاهرات العراقية، لكنه لم يجد أي أثر للنقابات والاتحادات المهنية والجمعيات في هذه الانتفاضة”.
وأضاف حسين، أنه “في أحداث مماثلة في أنحاء العالم، يبرز دور اتحادات العمّال واتحادات الفلاحين لأنّها في العادة الأكثر تنظيما، لكن للأسف في العراق لم يعد هناك اتحاد للعمال واتحاد للفلاحين كما كان سابقا لأن النظام الحالي قضى على الصناعة والزراعة في البلاد فلم يعد للعمّال والفلاحين ما يدعوهم إلى الانخراط في تنظيمات تدافع عن حقوقهم ومصالحهم”.
ويشير حسين إلى أن “قيادة الجماهير أصبحت منذ الاحتلال بيد الأحزاب الدينية والطائفية والقومية وأخيرا بيد التجمعات العشائرية، وهكذا عدنا إلى أوائل القرن العشرين عندما كانت العشائر هي التي تسيطر على البـلاد بتوجيه من قوات الاحتلال”.
ويلخص عضو منتدى النخب والكفاءات، مازن الرمضاني، رأيه في الموضوع بالقول إن “سبب غياب التنظيمات الجماهيرية والمهنية من المشهد العراقي واضح جدا، وهو أنها أضحت جزءا من النظام السياسي الذي جاء به المحتلّ، لذا لا تستطيع إلا أن تكون معه وليس ضده”.
ويرى الأكاديمي العراقي قيس محمد النوري، أن “غياب أي نشاط فاعل ومؤثر للنقابات والاتحادات المهنية في دعم الانتفاضة بالعراق سببه أن هذه التشكيلات تقودها وتوجهها أحزاب السلطة”.
ولا يبدو المؤرخ العراقي سيار الجميل، الذي تحدث خلال التقرير، متفائلا، فهو يتساءل: “هل ما يجري في العراق ثورة أو انتفاضة منظمة. ولماذا سكت هؤلاء طوال هذه السنين وفجأة ثاروا اليوم. لماذا لم نجد من يعبر عن المتظاهرين إعلاميا. ما سبب التعمية الإعلامية”.
ويضيف: “صحيح أنها احتجاجات صارخة ولكن تقوم بها فئات محدودة من الناس الذين يقدمون مطالبهم بتوفير الماء والكهرباء، ولكن لم أجد حتى الآن شعارا ينادي بإسقاط النظام واقتلاعه”.
ويشرح الجميل: “المرجعية العليا والدنيا صامتة، وأغلب العراقيين لزموا الصمت.. إيران تريد فرض عملائها في الحكم فهي تمارس دورا غير مباشر في تركيع العراقيين. وأعتقد أنّها بداية صراع إيراني أميركي سيستمر طويلا. وعليه فالشعب في احتجاجاته خسر ثقة العالم به”.
واختتمت الصحيفة بالقول، إنه “رغم الطابع العفوي وغير المنظّم لموجة الاحتجاجات في العراق، فإن الكثير من المراقبين يلمسون فيها حيوية الشارع وعدم استسلامه رغم ما مورس عليه من ضغوط طوال الـ 15 سنة الماضية، ورغم سلاح الميليشيات المصوّب نحوه، وخصوصا فئة الشباب التي فاجأت الملاحظين بدرجة وعيها وحساسيتها لقضايا مهمّة مثل قضية الفساد”.