السيمر / فيينا / الاثنين 27 . 01 . 2020
أياد السماوي
ليس هنالك من شّك أنّ استقدام القوات الأمريكية إلى العراق مرّة أخرى تحت غطاء المستشارين والخبراء والمدربين العسكريين بعد رحيلها بشكل كامل عام 2011 , ومن غير موافقة مجلس النواب العراقي على استقدام هذه القوات . كان جريمة أقدمت عليها الحكومة السابقة .. ومن يدّعي أنّ هذه القوات قد جائت إلى العراق بناء على طلب من الحكومة العراقية إلى قوات التحالف الدولي لمساعدة العراق في التصدّي إلى داعش , فجوابي له في أي معركة من معارك العراق مع داعش اشتركت هذه القوات مع القوات العراقية ولو بفصيل واحد عدا الطلعات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي والتي في أغلبها استخدمت للدعاية الإعلامية واستغفال الرأي العام العالمي والأمريكي بأن أمريكا تقوم بجهد كبير في محاربة داعش .. خصوصا أنّ أكثر من ثلثي عديد هذه القوات قد قدم إلى العراق بعد انتهاء العمليات المسلّحة مع داعش وتحرير كل محافظات ومدن الغرب العراقي من قبضتها ..
وعودة قوات النخبة الأمريكية مرّة أخرى إلى العراق لا علاقة له بداعش من قريب أو بعيد , وهذا موضوع مرتبط بالوضع السياسي والأمني في المنطقة لمجابهة ما تسميه أمريكا بالنفوذ الإيراني في العراق .. وهنالك العشرات من الأدلّة بقيام هذه القوات بتوجيه ضربات مباشرة إلى قوات الحشد الشعبي ومعسكراته ومقرّاته في عموم مناطق العراق وحتى أثناء الحرب مع داعش , حيث كانت أمريكا تدّعي في كلّ عملية قصف جوّي لقطعات الحشد الشعبي أنّ القصف قد وقع عن طريق الخطأ , علما أنّ هذا الخطأ لا يقع إلا حين تكون داعش محاصرة وعلى وشك الإبادة .. لقد كان قرار استقدام القوات الأمريكية إلى العراق بعد رحيلها عام 2011 ليس خطيئة فحسب , بل جريمة بحق سيادة العراق وأمنه واستقراره واستقرار المنطقة بشكل عام .. وحين طالبنا برحيل هذه القوات عن العراق كنّا ننطلق من رؤيا دقيقة وثاقبة لدور هذه القوات في العراق وتأثيرها على قراره السياسي , وبدافع المصلحة الوطنية في تحقيق الأمن والاستقرار والسيادة , فبقاء واستمرار وجود هذا الكم من القوات والقواعد على أرض العراق سيجعل أمن البلد واستقراره وسيادته وقراره السياسي رهينة بيد المستكبر الأمريكي وصنيعته إسرائيل …
وقلنا أنّ إخراج هذه القوات من العراق يجب أن يتمّ بالطرق القانونية ومن خلال الحكومة لتنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بإخراج جميع القوات الأجنبية من العراق وإغلاق كافة القواعد العسكرية .. لكن أن تقوم بعض الجهات المسلّحة المنفلتة بضرب السفارة الأمريكية في بغداد أو في محيطها ببضعة صواريخ كاتيوشا .. فهذا عمل متهوّر وطائش ولا ينمّ عن أي شعور بالمسؤولية , ومن شأنه أن يعرّض أمن البلد وسيادته إلى مخاطر جدّية لا تحمد عقباها , كما ومن شأن هذا العمل المتهوّر أن يكون ذريعة للمستكبر الأمريكي بتوجيه ضربات إلى قيادات مهمة في الحشد الشعبي على غرار الضربة التي استهدفت الشهيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني , بل أنّ من شأن هذه الأعمال المنفلتة أن تضع الحكومة العراقية في موقف لا تحسد عليه .. كما إنّ مثل هذه الأعمال المتهورة قد تدفع القوى السياسية المطالبة بتشكيل الإقليم السنّي إلى المضي بهذا الاتجاه تحت تبرير حماية المكوّن السنّي من المليشيات المسلّحة المنفلتة .. فإذا كانت المجموعات المسلّحة التي اتخذّت قرار ضرب السفارة الأمريكية مقتنعة بصحة منهجها , فأقول لهم .. إنّكم بهذا العمل المتهوّر تساهمون من حيث لا تشعرون بتدمير بلدكم وشعبكم .. حمى الله العراق والعراقيين من كل سوء ..
في 27 / 01 / 2020