الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / تصعيد سياسي ضد الزرفي ومخاوف من رسائل عسكرية

تصعيد سياسي ضد الزرفي ومخاوف من رسائل عسكرية

السيمر / فيينا / الخميس 19 . 03 . 2020 —- على خلاف باقي رشقات صواريخ الكاتيوشا التي تحوّلت إلى حدث مألوف لسكان بغداد في الأشهر الأخيرة الماضية، بدا أن صاروخي الكاتيوشا اللذين أطلقا ليل أمس الأول على حي الجادرية وضمن المنطقة المعروفة بـ”المربع الرئاسي”، الذي يخضع لسيطرة قوة أمنية كردية تابعة لقوات البيشمركة، على اعتبار أن المنطقة تضم مقر إقامة رئيس الجمهورية ومساعديه منذ عام 2006 إبان تولي الرئيس الأسبق جلال الطالباني المنصب، يحملان رسائل سياسية واضحة، فُسرت على أنها رفض لتكليف الرئيس العراقي برهم صالح لمحافظ النجف السابق عضو البرلمان عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة.

الهجوم الذي أسفر عن أضرار مادية في مبنيين سكنيين من دون خسائر أو إصابات بشرية، تزامن مع اجتماع لأربع قوى سياسية مهمة توصف بأنها مرتبطة بإيران أو مدعومة منها على أقل تقدير، انتهى ببيان مشترك أعلنت فيه عن رفض تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، معتبرة أن الرئيس العراقي برهم صالح تجاوز الدستور وخرق العادات والأعراف.
وبلغة لم تخلُ من نبرة التهديد، قالت الكتل الأربع، وهي “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بزعامة هادي العامري، و”عطاء” بزعامة فالح الفياض، وحزب “الفضيلة” الذي يتزعمه رجل الدين محمد اليعقوبي، في بيانها إن “الكيفية التي تم فيها تكليف عدنان الزرفي يهدد السلم الأهلي والنسيج الوطني”. وأضاف البيان أن “ما حدث من إقدام رئيس الجمهورية على تجاوز كل السياقات الدستورية والأعراف السياسية من خلال رفضه تكليف مرشح الكتلة الأكبر ابتداءً بطريقة غير مبررة وإعلانه ذلك رسمياً وقيامه أخيراً بتكليف مرشح آخر دون موافقة أغلبية الكتل المعنية بذلك، وعليه فإننا نعلن رفضنا الواضح لهذا المسار وما نتج عنه من تكليف، وسنستخدم كل الطرق والوسائل القانونية والسياسية والشعبية لإيقاف هذا التداعي الذي إن استمر فإنه سيهدد السلم الأهلي ويفكك النسيج الوطني”.

وكان القيادي في تنظيم “العصائب”، جواد الطليباوي، قد هدد في وقت سابق بأنهم “سيقلبون عاليها سافلها”، وذلك في معرض تعليقه على تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة، موضحاً في حديث لوسائل إعلام محلية عراقية أن “هناك مؤامرة تُحاك بالظلام لتمرير بعض الأسماء ومنها الزرفي (عدنان الزرفي)، لخيانة دماء الشهداء ولن نسمح بها ولن نسكت وسنقلب عاليها سافلها على الأسياد والعملاء والمتآمرين”.

“وحول الأزمة الجديدة، كشفت مصادر سياسية عراقية لـ”العربي الجديد”، أن القوى السياسية الرافضة لتكليف الزرفي تقود حراكاً واسعاً لدفعه إلى الاعتذار عن التكليف، أو تركه يواجه مصير محمد توفيق علاوي في البرلمان الذي لم يُكمل نصابه للتصويت على حكومة علاوي بسبب رفض كتل سياسية له.
وقال قيادي بارز في تحالف “النصر” النيابي لـ”العربي الجديد”، إن القوى الرافضة للزرفي، وهو رفض لمصالح حزبية وشخصية بالدرجة الأولى، أوصلت لإيران معلومات مبالغاً بها بأن الزرفي خيار أميركي وسيستهدف “الحشد الشعبي”، وأيضا سيوقف استيراد الغاز من إيران وسيعيد النظر بالاتفاقيات التي وقّعها عادل عبد المهدي مع الإيرانيين العام الماضي، التجارية والسياسية منها، وترسيم الحدود، وهو ما دفع الإيرانيين إلى بدء التحرك ضده، مضيفاً: “قد تنتج تغييرات في مواقف الكتل السياسية منه”.
واعتبر أن سقوط الصاروخين على المربع الرئاسي الذي يقع فيه مقر إقامة برهم صالح فسره الجميع على أنه رسالة رفض وتهديد من فصائل مسلحة في بغداد لخطوة التكليف، وهو مصدر قلق كبير للجميع من مرحلة جديدة تُستخدم فيها الفصائل المسلحة في الأزمات السياسية بين الشركاء. وختم بالقول: “إسقاط التكليف أو عدم تمريره يعني بقاء الوضع لشهر أو اثنين بلا حكومة، وهو وضع يصب في صالح نفس القوى والفصائل المسلحة الرافضة لتكليف عدنان الزرفي”.


القوى السياسية الرافضة لتكليف الزرفي تقود حراكاً واسعاً لدفعه إلى الاعتذار عن التكليف، أو تركه يواجه مصير علاوي في البرلمان

أما المؤيدون للزرفي حتى الآن، فهم “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر، و”ائتلاف النصر” بزعامة حيدر العبادي، و”تحالف القوى” بزعامة محمد الحلبوسي والحزب “الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود البارزاني، و”الاتحاد الوطني الكردستاني”. بينما يرفض هذا التكليف، كلٌّ من كتلة “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”بدر” بزعامة هادي العامري، و”صادقون” الجناح السياسي لمليشيا “العصائب” بزعامة قيس الخزعلي، و”عطاء” بزعامة فالح الفياض، وحزب “الفضيلة” بزعامة محمد اليعقوبي، وكتلة “سند” بزعامة أحمد الأسدي، بالإضافة إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران. فيما اعترضت كتلة “تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم على آلية التكليف، على اعتبار أن العرف السياسي ذهب إلى أهمية التوافق الكامل قبل التكليف.

واعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن “صراع السياسيين الشيعة لم يعد يطاق”، موضحاً في بيان له تعليقاً على أزمة تكليف الزرفي الجديدة، أنه “سواء كان المرشح وفق الضوابط أو لم يكن كذلك، فهذا أمر راجع لنا نحن العراقيين لا غير، وسواء كانت آلية اختياره صحيحة أم لم تكن كذلك فهذا شأن عراقي بحت، فلا داعي لتدخّل أصدقائنا من دول الجوار أو غيرهم، ولا سيما المحتل”، مضيفاً: “لتعلموا أن صراع السياسيين الشيعة الذي ما عاد يطاق هو ما غيّر آلية الاختيار”، لافتاً إلى أن اختياراتهم (الساسة الشيعة)، لأناس غير أكفاء أو اختلافهم وعدم توافقهم على مرشح هي التي استدعت اختيار شخص غير مقرب لنا ولكم”. وختم بالقول: “عموماً لست بصدد إعطاء رأيي بهذا المرشح أو غيره بل جل ما يهمني سيادة العراق”، وذلك في إشارة واضحة منه إلى الحديث عن رفض إيران تكليف عدنان الزرفي.

من جهته، قال القيادي في تحالف “الفتح” كريم المحمداوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “تكليف عدنان الزرفي، كان بطريقة غير شرعية وغير قانونية، وكان موقف رئيس الجمهورية برهم صالح، مسيئاً للغاية، وهو في عداء مع الشخصيات الوطنية في العملية السياسية في العراق”.

قيادي في تحالف “الفتح”: تكليف عدنان الزرفي كان بطريقة غير شرعية وغير قانونية

“واعتبر المحمداوي أن “صالح كلّف شخصية (عدنان الزرفي) كونه محسوباً على الولايات المتحدة، وهذا لا يمكن أن يكون عنصر استقرار للعراق، خصوصاً أن واشنطن وطهران لهما مصالح في العراق، ولهذا سيعمل الزرفي على الخلاف من إيران، وهنا يكون العراق موضع مشاكل لدول الجوار والمنطقة، وهذا ما لن نقبل به، فرئيس وزراء العراق يجب أن يكون شخصية متوازنة مع كل الأطراف، حتى يحافظ على وحدة العراق واستقراره”.
وأضاف: “هناك رفض إيراني لتكليف الزرفي، كما هناك رفض سياسي شيعي كبير لمنح الثقة للزرفي في البرلمان، وهذا المنصب من حصة المكون الشيعي”، معتبراً أن “أي حوار أو تفاوض مع الزرفي، لا ينفع، فهناك رفض لشخصية الزرفي نفسه، وهو يعمل وفق أجندات أميركية، ولن نقبل بمنحه الثقة في البرلمان العراقي”.

أما القيادي في ائتلاف “دولة القانون”، سعد المطلبي، فقال إن “القوى السياسية الشيعية المعترضة على آلية تكليف وترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء ما زالت على موقفها”. وأوضح في حديث مع “العربي الجديد”، أن “اعتراض القوى السياسية الشيعية الحالي يجعل من تمرير حكومة الزرفي مستحيلاً، فهذه القوى لديها أكثر من 110 نواب، ولن تصوّت لصالح الزرفي”، معتبراً أن “الرفض لا يمكن حله بالحوارات أو التفاوض، فالأمر لا يتعلق بقضية منح وزارات ومناصب بحكومته بل رفض له ولطريقة تكليفه”.

العربي الجديد

اترك تعليقاً