أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / من أسرار العراق العظمى ؛ شيء عن المسكوت عنه في (المنطقة الخضراء) .. هل سمعتهم يوماً بـ(لوبي الدَّوْلَرَة) الذي يتحكم بكل شيء تقريباً في العراق ؟؟؟

من أسرار العراق العظمى ؛ شيء عن المسكوت عنه في (المنطقة الخضراء) .. هل سمعتهم يوماً بـ(لوبي الدَّوْلَرَة) الذي يتحكم بكل شيء تقريباً في العراق ؟؟؟

السيمر / فيينا / الخميس 02 . 04 . 2020

سلام عادل

يبدو من الواضح أن عملية إسقاط السيد (عادل عبد المهدي) من رئاسة الحكومة تقف خلفها (كتلة سرية) تتمتع بنفوذ كبير وقدرة على استخدام السياسة والإعلام، فضلاً عن تحريك السفارات والعواصم ضد بغداد لدرجة قد تصل إلى قلب نظام الحكم، بل وحتى إسقاط النظام العام.

ولا شك من أن (الكتلة السرية) التي تتحكم في الكواليس بدولة كبيرة مثل العراق تمتلك جميع مقومات وقدرات الحماية والتخفي ما يجعلها الصانع الحقيقي للسياسات، على وجه الخصوص السياسة الاقتصادية للعراق، والتي ظلت غامضة منذ 2003 وحتى هذه اللحظة، وسط محاولات صحافية بسيطة حاولت أن تكشف المستور لكنها تعطلت أو جرى تحجيمها وشراء ذممها. 

وتبدو أن جميع الحكومات المتعاقبة قد تخادمت بشكل او بآخر لضمان مصالح (الكتلة السرية) هذه، التي تتحكم بأحد اخطر الملفات السيادية في العراق، وهو ملف المال والاقتصاد، والمتمثل بسوق العملات الصعبة، او ما يعرف بـ(سوق الدولار)، ففي هذا السوق، (السري) ايضاً، والبعيد عن وسائل الإعلام وجميع أشكال الرقابة، يتم التحكم بالتوجهات الاقتصادية للعراق وتحديد مساراته، حتى لو كانت هذه التوجهات والمسارات بالضد من المصالح الوطنية للعراقيين، وهو ما يتضح من خلال إبقاء (الدينار العراقي) ضعيفاً على مدار السنوات الماضية، وعدم السعي الجدي لعودة الدينار الى سلة العملات العالمية، علاوة على ترك العراق بدون مذهب اقتصادي واضح ومحدد، ما يجعله وسط تيه كبير في العالم.

لذلك جرى إبقاء الاقتصاد العراقي تحت هيمنة (العملة الامريكية) المطبوعة في واشنطن، والتي بموجبها تتم الهيمنة على الاقتصاد العراقي بالكامل والتحكم بحركة الأموال العراقية، وهو ما يتمظهر بشكل أوضح في سوق النفط، حيث، ومنذ 2003 يتم بيع النفط العراقي فقط بالدولار الامريكي، ما جعل ارصدة وأموال العراق بالكامل تحت (كونترول) البنك المركزي الامريكي، لأنّ العراق لا يمتلك غير (العملة الامريكية) المطبوعة في واشنطن.

وكان العراق، حتى لحظة الغزو الامريكية في 9/نيسان/2003، يبيع النفط بـ(اليورو) بحسب بنود مذكرة النفط مقابل الغذاء 1995، وهي الحيلة التي استخدمها نظام صدام للتهرب من الهيمنة الأمريكية في سنوات الحصار، لذلك صارت أموال النفط العراقي تودع في حسابات مصرفية خاصة في باريس (بنك بي أن بي باريبا) ما سمح فيما بعد للعراق بالتنفس لمواجهة قرارات الحصار المدمرة.

ولم تكن تجارب بغداد في بيع النفط بالعملات العالمية الصعبة نادرة، فالعراق باعتباره (ثاني) أكبر مصدر للنفط في (أوبك)، كان دائماً يمتلك القدرة على اختيار نوع العملة التي يبيع فيها النفط، فهو منذ نصائح (الوزير ساسون حسقيل) مؤسس النظام المالي في العراق، كان يبيع النفط بـ(الباون الذهبي)، مما أفاد الميزانيات العراقية السالفة، حتى جاء العام 1974، حينها تخلى العراق عن قاعدة الذهب مقابل اعتماد الدولار، تماشياً مع اتفاقية قامت بها السعودية مع امريكا، باعتبارها اكبر مصدر للنفط في أوبك.

واليوم .. تبدو العودة لـ(قاعدة الذهب) تلوح بالأفق، وهو ما يتضح من حجم الإقبال العالمي على شراء الذهب، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، باعتباره اكثر ضماناً من الـ(دولار الأمريكي) المطبوع في واشنطن، وهو ما يهدد بتحجيم سيطرة الدولار على التجارة العالمية.

وفي الوقت نفسه نرى (الصين) تسعى بشكل منهجي الى اعتماد عملتها الـ(يوان) ضمن سلة العملات العالمية لدى (صندوق النقد الدولي) الى جانب الـ(روبل الروسي) وكذلك الـ(جنيه الاسترليني) و الـ(ين الياباني)، وهو ما يدفع الى جعل (الدولار) يعيش أياماً صعبة، إذا لم تكن الأخيرة.

وتكاد تكون روسيا قريبة جداً من تحقيق أهدافها في زحزحة (الدولار الامريكي) عن قوته في الأسواق العالمية، فهي منذ سنوات تتحسب للخروج من النظام المالي العالمي، لذلك نراها قد أسست لشبكة دفع مالي بديلة عن (شبكة سويفت)، وهي شبكة الدفع (مير)، كما انها قد شجعت وتعاونت مع كبار آسيا المؤثرين، مثل الصين وتركيا وايران، لاقناعهم بالتبادل التجاري بالعملات المحلية دون استخدام الدولار.

فإذا ما كان التحول عن (الدولار) سيحدث بشكل كبير في العالم، وفِي آسيا على وجه الخصوص، سواء عاجلاً أم آجلاً، فستكون من مصلحة العراق النظر جدياً في تنويع رصيده من العملات الصعبة، وهو ما يسعى له (عادل عبد المهدي) في برنامجه الحكومي، خصوصاً إذا ما علمنا ان مشتري النفط العراقي هم من الآسيويين حصرياً، حيث تحتل الهند المرتبة الأولى من مشتري النفط العراقي ثم تأتي الصين واليابان … الخ، ومع علمنا أن الاسواق الآسيوية هي الاسواق الأقرب للعراق بحكم الجغرافيا، وأن ارتباطه بها يعد ارتباطاً مصيرياً.

عود على بدء …
تحت عنوان التظاهرات جرى إسقاط حكومة السيد عادل عبد المهدي، بعد أن تكشف لـ(تجار الدولار) الكبار ان هناك تفاهمات قد جرت بين بغداد وبكين لبيع النفط العراقي بـ(يوان) الصيني، وان هناك رصيد عراقي من عدة عملات عالمية سوف يبدأ بالتكون خارج (الكونترول) المعتاد، تجعل العراق خارج عن هيمنة (لوبي الدولرة)، الذي يتحكم بالمال والاقتصاد الوطني منذ 2003، وهو (اللوبي) الذي يتحكم بكل شيء تقريباً منذ أن تأسست (المنطقة الخضراء).

*مجلة العصر

اترك تعليقاً