السيمر / فيينا / الثلاثاء 12 . 05 . 2020 — شددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، جينين هينيس-بلاسخارت، على أن العراق “لا يملك رفاهية الوقت” وينبغي التحرك سريعا لاستكمال تشكيل الحكومة وتلبية تطلعات الشعب، مع انكماش الاقتصاد وارتفاع معدلات الفقر.
جاء ذلك خلال إحاطة من بغداد للسيّدة هينيس-بلاسخارت أمام مجلس الأمن عبر تقنية الفيديو صباح الثلاثاء بتوقيت نيويورك.
ويبحث المجلس تجديد ولاية يونامي المنتهية في 31 أيّار/مايو.
وقد أثنى أعضاء المجلس على عمل بعثة يونامي في هذه الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية التي يمرّ بها العراق لاسيّما مع جهود التصدي لجائحة كورونا.
وأبلغت رئيسة البعثة مجلس الأمن أن حظر التجول الضروري لاحتواء جائحة كوفيد-19، أدّى إلى توقف النشاط التجاري بشكل شبه كامل في العراق، مما أعاق سبل العيش الحافلة بالمشاكل أصلا بالنسبة للكثير من العراقيين الذين يعتمدون على الأجور اليومية لإطعام أنفسهم وأسرهم.
وأشارت هينيس-بلاسخارت إلى أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7% عام 2020، وأن ترتفع معدلات الفقر إلى نحو 40% فضلا عن حدوث خسائر كبيرة في دخل اليد العاملة وانخفاض الفرص الاقتصادية.
وقالت: “من الضروري التأكيد على أن الفساد قد يكون أكبر مصدر للخلل الوظيفي في العراق، فهو يعمل ضد المرأة والرجل ويثني المانحين والمستثمرين المحتملين الذين سئموا من محاربة النظام للحصول على فرصة لمساعدة البلاد“.
يُذكر أن عائدات النفط الشهرية انخفضت من 6 مليار دولار إلى 1.4 مليار دولار خلال الفترة الواقعة بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل.
حكومة عراقية جديدة
ويأتي اجتماع مجلس الأمن بعد أيّام من تسمية مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء في العراق إلى حين إجراء انتخابات في العام المقبل. وفي حين لم يحظى أي رئيس وزراء حتى الآن بدعم المتظاهرين، أعلن الكاظمي أنه سيحافظ على نظام المحاصصة، وهو أحد أبرز مطالب المتظاهرين. وفي 6 أيّار/مايو، صادق البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة بقيادة الكاظمي، رغم أن 7 من بين 22 مقعدا في الحكومة (من بينها الزراعة والشؤون الخارجية والعدل والهجرة والنفط والتجارة) لا تزال شاغرة.
وقالت الممثلة الأممية الخاصة في إحاطتها، إنه في وقت الأزمات الحادّة، يجب أن تتغلب القضية الوطنية الكبرى وصالح الشعب العراقي على المصالح الضيقة والحزبية. وأضافت: “لقد تم تشكيل الحكومة الجديدة الأسبوع الماضي، وهذا تطور طال انتظاره ولكنه موضع ترحيب كبير، ومن الضروري الآن إتمام إسناد المناصب الشاغرة بسرعة، بما في ذلك تعيين عدد أكبر من النساء وممثلي الأقليات“.
وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن الرئيس العراقي برهم صالح اعتزام رئيس الوزراء عبد الهادي المهدي الاستقالة بعد احتجاجات واسعة النطاق للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية وإحداث تغيير في النظام. وقد توقفت الاحتجاجات لبرهة بسبب جائحة كوفيد-19 لكنها استؤنفت في 10 أيّار/مايو بعد تجمّع مئات المتظاهرين في وسط بغداد.
وقالت المسؤولة الأممية: “أكرر التأكيد على الحاجة الملحة إلى المساءلة والعدالة فيما يتعلق بالعديد من الوفيات والإصابات التي لحقت بالمتظاهرين الأبرياء“.
وأوضحت أن الطريق سيكون محفوفا بالعديد من التحديات المعقدة، ولذلك فإن من المهم بمكان الاستجابة لتوقعات العامّة، ووضع استجابة عريضة تشمل الطبقة السياسية بأكملها وجميع الفئات في المجتمع، والعمل بمنطق الوحدة والإلحاح ومنح الأولوية للمصلحة الوطنية.
العراق ليس ساحة حرب
وأعربت السلطات العراقية أكثر من مرّة عن ألا نيّة للعراق في أن يتحوّل إلى ساحة قتال للقوى الخارجية، أو أن يتخذ جانب أي دولة على حساب أخرى. وبحسب التقارير فإنه في 6 أيّار/مايو، أطلقت ثلاثة صواريخ باتجاه مقر عسكري يضم دبلوماسيين أميركيين وجنودا قرب مطار بغداد الدولي ولم تحدث أي إصابات. وفي آذار/مارس شهدت الأراضي العراقي هجمات وهجمات مرتدة، وكانت الهجمات موجهة ضد الجيش العراقي والوجود الدبلوماسي والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.
وتابعت جينين هينيس-بلاسخارت بأنها تضم صوتها إلى أصوات زملائها الممثلين الخاصّين الذين رددوا مناشدة الأمين العام في التوصل إلى وقف عالمي لإطلاق النار، بمعانيه كلها العسكرية والسياسية.
وقالت: “لا تزال التطورات الأمنية المحلية والإقليمية والدولية تؤثر على العراق، ومن الواضح أن الخطاب التحريضي ونمط الهجمات والهجمات المضادة على الأرض العراقية لا تحقق شيئا، بل ومؤسفة للغاية… لا يمكن للعراق أن يتحمل تكاليف استخدامه كمسرح للقوى المتنافسة المختلفة أو للحروب بالوكالة“.
العراق مستعد لمواجهة التحديات
وكالات الأمم المتحدة يعربون عن قلقهم على حياة 100 مليون شخص يعيشون في مناطق الحروب وغيرها من المواقع التي تعتمد على المساعدات الإنسانية
من جانبه، أكد مندوب العراق لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، في إحاطته على أن التحديات التي يواجهها العراق عظيمة، سواء كانت التحديات الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، لكن لدى العراقيين الرغبة في مواجهة تلك التحديات والتغلب عليها.
وقال إن أعضاء الحكومة العراقية على دراية بالتحديات الراهنة من بينها جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية بسبب الاعتماد على عائدات النفط وانعدام الثقة بين قطاعات مختلفة في المجتمع مما أدى إلى اندلاع المظاهرات في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.
وقال إنه يجب اتخاذ بعض الإجراءات من أجل نجاح جهود الحكومة في الاستجابة للأزمات المتلاحقة ووضع الحلول، على رأسها الحفاظ على سيادة العراق، وتقوية حكم القانون وحصر السلاح بيد الدولة، ومنع القوى الخارجية من نقل صراعاتها إلى العراق وبالتالي تهديد استقرار الدولة.
مسألة المفقودين
جانين هنيس – بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام إلى العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، في إحاطة أمام مجلس الأمن (الأرشيف).
فيما يتعلق بمسألة المفقودين الكويتيين، ورعايا البلدان الثالثة والممتلكات الكويتية المفقودة، بما في ذلك المحفوظات الوطنية، أشارت المسؤولة الأممية إلى تمكن السلطات الكويتية من إجراء حفريات في مواقع الدفن في الكويت كما كان مقررا خلال الاجتماع الأخير للجنة الفرعية التقنية في شباط/فبراير.
وقالت: “لا زلت مقتنعة بأن عراقا أكثر عدلا وازدهارا ومرونة يمكن أن يولد من رحم الأزمات الحالية المتفاقمة، ولكن لتحقيق ذلك فإن الإرادة السياسة جوهرية“.
وشددت في ختام كلمتها على أن الحسابات السياسية قصيرة المدى، والحسابات الشخصية، لن تخدم مصالح العراق على المدى الطويل. بل على العكس من ذلك: “إن التحديات وإن كثرت، فالفرص كثيرة أيضا. وأود أن أجدد التأكيد على دعم الأمم المتحدة المستمر، دعمنا لشعب العراق وحكومة العراق الجديدة“.
اعلام الامم المتحدة / المنشورات المستعجلة