الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / بعد الإعلان عن تحقيق الاكتفاء.. حرائق أتلفت آلاف الدونمات الزراعية بالعراق

بعد الإعلان عن تحقيق الاكتفاء.. حرائق أتلفت آلاف الدونمات الزراعية بالعراق

السيمر / فيينا / الاثنين 08 . 06 . 2020 —بحسرة يقف المزارع صلاح أمام النيران التي التهمت مزرعته في قضاء الحمدانية “في محافظة نينوى شمالي العراق”، بعد أن خسر قرابة الـ 250 دونما من محصول القمح. (الدونم يعادل 2500 متر مربع).

وبعد أن كان ينتظر موسم الحصاد لعام كامل حتى يجني ثمار تعبه، بات اليوم متحسرا على موسم كان يأمل في أن يحسّن من وضعه المادي.

يطالب صلاح في حديثه للجزيرة نت السلطات بأن تعمل على محاسبة الجناة، خاصة أن الحرائق باتت تتكرر كل عام، لافتا إلى أن الدولة لم تعوضهم عن خسائر العام الماضي.

وتواجه المحاصيل الزراعية الإستراتيجية في العراق (القمح والشعير) موجة حرائق كبيرة كل عام تأتي على آلاف الدونمات وتتسبب بخسائر فادحة.

النايف: أياد “خبيثة” تقف وراء إحراق الأراضي الزراعية هدفها منع العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي (الجزيرة نت)
محاربة الاكتفاء
وكان من المستغرب أن الحرائق هذا العام وقعت بعدما أعلنت وزارة الزراعة العراقية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والشعير، بل وعزمها على تصدير الفائض لأول مرة منذ عقود.

واتهم عدد من النواب العراقيين صراحة جهات خارجية بالتسبب بالحرائق من أجل إبقاء العراق معتمدا على الاستيراد في حاجاته الغذائية.

يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، إن الخطة الزراعية للعام الجاري لمحصولي القمح والشعير تبلغ 16 مليون دونم بارتفاع أربعة ملايين دونم عن العام الماضي وبمعدل إنتاج من 5.5 إلى 6 ملايين طن.

وعن الحرائق التي نشبت في مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، يضيف النايف أن موسم الحصاد للمحصولين بدأ في منتصف أبريل/نيسان الماضي وينتهي في بدايات يوليو/تموز المقبل، لافتا إلى أن هذه الفترة دائما ما تشهد حرائق ولأسباب مختلفة.

الأراضي المحروقة
ويكشف النايف أن العام الماضي شهد احتراق ما يقارب 54 ألف دونم (50 – 70 ألف طن) قمح على أقل تقدير، بينما وصل مجموع المساحات المحترقة في الموسم الجاري إلى سبعة آلاف دونم حتى الآن ضمن المناطق المشمولة بالخطة الزراعية فقط، مؤكدا أن هناك مساحات أخرى لم تحتسب، فضلا عن أن موسم الحصاد لا يزال في منتصفه.

وعن الجهات المتسببة بالحرائق، يعلق النايف في حديث للجزيرة نت، بأن جهات وصفها بالإرهابية تقف وراء هذه الحرائق، إضافة إلى أياد وصفها بـ “الخبيثة” هدفها منع العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي، لافتا إلى أن العراق وعلى مدى السنوات الماضية كان سوقا مغرية وحديقة خلفية لمنتجات دول الجوار، وبالتالي لا يحلو لبعض هذه الدول أن يكتفي العراق ذاتيا.

ويختم النايف بأن تطوير الزراعة في العراق يستلزم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية والجمارك ومنع إدخال المنتجات الزراعية التي ينتج مثيل لها محليا، مشيرا إلى أن هناك عشرات المنافذ التي تدخل يوميا منتجاتٍ تنافس المنتج المحلي.

اتهامات بالتخريب
مع بدء موسم الحصاد لهذا العام، توقعت وزارة الزراعة العراقية أن يصدّر العراق ما يقرب من 850 ألف طن من القمح للمرة الأولى منذ عقود، إضافة إلى كميات مماثلة من الشعير.

وكان رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حيدر العصاد قد أكد في حديث سابق أن الحرائق -وللعام الثاني على التوالي- طالت محصولي الحنطة والشعير فقط دون أي محاصيل أخرى، في إشارة إلى احتمال وجود مخطط لإعادة اعتماد العراق على استيراد هذه المحاصيل.

كما تقدر جهات فلاحية في البلاد حجم الخسائر بسبب الحرائق بنحو ستة مليارات دينار (خمسة ملايين دولار) خلال شهر واحد فقط، إضافة إلى احتراق عشرات الآليات الزراعية والحاصدات.

من جهته، يتهم رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان سلام الشمري جهات خارجية وداخلية بإحراق محصولي القمح والشعير في كل موسم من أجل إرغام العراق على الاستيراد.

ويؤكد الشمري أن بعض دول الجوار يهمها عدم تحقيق العراق الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي، من أجل أن يظل العراق مستوردا لسلعها، ومعتمدا على النفط فقط.

الشمري وفي حديثه للجزيرة نت أكد أن لجنته ستعمل على استضافة الجهات المعنية بالملف لأجل فتح تحقيق برلماني، مضيفا أن هناك محاولات من جهات فاسدة لتهريب القمح من دول الجوار وتسليمه لوزارة التجارة على أنه عراقي.

كاهل الاقتصاد
من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان للجزيرة نت عن أن الحرائق تثقل كاهل الاقتصاد العراقي، مؤكدا أنها وعلى الرغم من حجمها فإنها لن تؤثر كثيرا على إنتاج هذا العام بعد زيادة مساحة الأراضي الزراعية.

وعن المتسبب بالحرائق، لفت أنطوان إلى أن بعض الفلاحين يتعمدون إحراق محاصيلهم من أجل الحصول على التعويضات من الدولة، فضلا عن ترجيحه وجود عناصر مخربة تتعمّد حرق المحاصيل من أجل الإضرار بالاقتصاد وعرقلة المسيرة السياسية وإبعاد الاستثمارات الأجنبية، لما لهذه الحرائق من تأثير سلبي على البلاد.

ونوه أنطوان بأن العراق يزرع حاليا ما يقرب من 15 مليون دونم من مختلف المحاصيل على الرغم من أن المساحة الصالحة للزراعة تبلغ قرابة 45 مليون دونم، فضلا عن أن الزراعة كانت تشكل 25% من الناتج المحلي الإجمالي في العقود الماضية، بحسبه.

الصحفي رياض الحمداني أشار من جهته إلى أن حرائق المحاصيل الإستراتيجية العام الماضي كانت بفعل الفصائل المسلحة المدعومة من إيران خاصة في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى والأنبار.

أما حرائق هذا العام -حسب الحمداني- فمعظمها وقعت في مناطق جنوب نينوى وصلاح الدين وديالى وقد تمت بفعل تنظيم الدولة الإسلامية، لافتا إلى أن التنظيم تبنى ذلك في إصدار بُثَّ له أخيرا.

ويحذر مراقبون من أن العراق بات مستهدفا في ثروته الزراعية، خاصة أن جميع الحرائق وتسمم محاصيل الطماطم وحقول الأسماك، تم بعد كل إعلان لوزارة الزراعة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً