السيمر / فيينا / الاثنين 20 . 07 . 2020 — ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية عن الاسباب التي وراء محاولات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإستدراج المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري الفار الى كندا، بالسفر الى تركيا بهدف اعادته الى السعودية او تصفيته على غرار ما حصل مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي، لم يكن كل الحقيقة، فالقضية تُخفي جانبا من الدور الهدام للسعودية في العالم وخاصة في العراق ، تحت غطاء محاربة الارهاب.
الرواية الرسمية السعودية ، كما نقلتها بعض الصحف الامريكية، تقول ان الجبري اهدر هو ومساعدوه نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة، منها مليار دولار أنفقوها على أنفسهم، خلال عمله مع محمد بن نايف، حيث كان الجبري ثاني اكبر شخصية نافذة في وزارة الداخلية، وأدار صندوقا خاصا للوزارة يشرف على الانفاق الحكومي على جهود ما يسمى بمكافحة الارهاب.
السلطات السعودية تحاول الايحاء ان مطاردتها للجبري تاتي في اطار “الجهود” التي يبذلها ابن سلمان في مكافحة الفساد، ولكن “مجتهد” المغرد السعودي الشهير كشف في وقت سابق ان ابن سلمان يدفع لاخضاع ابن عمه ولي العهد السابق محمد بن نايف، عبر الصاق تهمة الفساد بمساعده اللواء سعد الجبري بعد الانقلاب الشهير الذي نفذه ابن سلمان، فالجبري يعتبر الصندوق الاسود لبن نايف، وهو يعرف اسرار العائلة الحاكمة، وتحاول الرياض استدراجه وتضغط على عائلته حيث سجنت اثنين من ابنائه في اذار/ مارس الماضي.
معلومات مجتهد تقاطعت مع ما جاء في تقرير “وول ستريت جورنال”، الذي ذكر ان الرياض ارسلت صديقا الى الجبري المقيم في كندا لاقناعه بالعودة الى السعودية ، او الذهاب الى تركيا ليكون اقرب الى عائلته، وعندما فشلت محاولات الصديق باغراء الجبري، طلبت الرياض من كندا تسليمها الجبري واصدرت نشرة للشرطة الدولية “الإنتربول” للقبض عليه.
من الواضح ان الخلاف بين ابن سلمان والجبري لم يكن على اهدار الجبري 11 مليار دولار من ميزانية وزارة الداخلية، فلو كان هذا الاتهام حقيقي كان يكفي ان يقدم ابن سلمان ما لديه من وثائق للشرطة الدولية وهي التي ستتصرف على ضوء ذلك، ولما اضطر الى استخدام اساليب العصابات لاعادته الى السعودية او تصفيته في تركيا كما فعل مع خاشقجي.
وصحيح ايضا ان ابن سلمان يحاول اتهام ابن عمه محمد بن نايف بالفساد لازاحته عن طريقه، الا ان ابن سلمان ليس بحاجة ان يثير الراي العام العالمي مرة اخرى من خلال استدراج الجبري الى تركيا لاعادته الى السعودية او تصفيته لمجرد ان يلصق تهمة اهدار 11 مليار دولار بابن عمه، وهي تهمة لم يكن ابن سلمان بحاجة اليها عندما القى بمن هو اكبر من ابن نايف في السجن دون اي تهمة، وهو عمه الامير احمد بن عبدالعزيز والعشرات من الامراء الاخرين، كما ان تهمة اهدار المال العام لا تنطيق على ابناء واحفاد الملك المؤسس ، فهم فوق القانون وبعيدين كل البعد عن اي محاسبة فيما يخص هذا الشان بالذات.
الموضوع الذي يؤرق ابن سلمان في قضية الجبري، هو الاسرار الخطيرة التي لديه عن النظام السعودي، بعد ان عمل اكثر من 20 عاما في وزارة الداخلية السعودية وكان مشرفا على الصندوق الذي أنشأه الملك عبد الله “بهدف مكافحة الإرهاب”، بعد هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، حيث تدفقت على الصندوق أموال وصلت إلى 19.7 مليار دولار خلال 17 سنة، والتي انفق منها 11 مليار دولار، في اثارة الفتن والقلاقل في الكثير من دول العالم وكذلك في شراء ذمم رؤوساء دول واحزاب وتنظيمات وحركات وجماعات، خاصة تلك التي تحمل العقيدة الوهابية.
اتهام ابن سلمان للجبري بانه اهدر 11 مليار دولار، محاولة منه للتملص من مسؤولية الارهاب السعودي الوهابي الذي ضرب اكثر من منطقة في العالم وخاصة في العراق، فالمعروف ان اللواء سعد الجبري كان مسؤولا عن ملف تمويل الجماعات التكفيرية في العراق.
الصحافة الامريكية، ومن بينها صحيفة “نيويورك تايمز” ذكرت نقلا عن مصادر امريكية واوروبية ان الاموال التي وضعها النظام السعودي في تصرف الجبري ، استخدمها الاخير في شراء ذمم القادة الأجانب من امثال الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير ورئيس وزراء الماليزيا السابق نجيب عبدالرزاق، وكذلك استخدمها في إندونيسيا والعراق.
اللافت ان كل ممارسات الجبري كانت تتم بمباركة السلطات السعودية وبالتنسيق الامني التام مع وكالة الاستخبارات الامريكية، وهذا التنسيق هو الذي يفسر صعود نجم “داعش” في العراق بتلك السرعة واحتلاله اكثر من ثلث مساحة العراق في ايام معدودة ووصوله الى ابواب بغداد، لذا تقرر حرق ورقة الجبري بأي شكل من الاشكال، قبل ان تفضح دور السعودية التخريبي لا في العراق فحسب بل في المنطقة والعالم وبالارقام، وهذا هو السبب الوحيد الذي يقف وراء المطاردة المحمومة لبن سلمان للجبري.
المصدر / العالم