السيمر / فيينا / الاثنين 17 . 08 . 2020 —أربعة عشر عاما من الحصار دفع أهل غزة ثمنه دماً وألماً .. الوعودات كثرت والرهانات على استسلام المقاومة فشلت.
سياسة كر وفر وعود مزيفة ومواعيد مجهولة لمشاريع تنموية ومنح تدفع شهر وتنقطع أشهر، واقعٌ أدركته المقاومة وأخذت قراراً بأن لا تسمح باستمراره فتصاعد الغضب الشعبي حتى وصلنا الى عودة الإرباك الليلي على الحدود مع الاحتلال ، ومع ذلك فالكيان الاسرائيلي لم يتوقف عن عدوانه ولم يتراجع عن خذلانه ، أغلق المعبر التجاري الوحيد وقلص مساحة الصيد وواصل عمليات القصف ولهذا فالمقاومة في غزة لن تقبل بهذه المعادلة الخاسرة وعادت لتذكر الاحتلال بقاعدة الردع التي ثبتتها خلال السنوات الأخيرة .
حركة حماس ومعها باقي الفصائل الممثلة في الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار لم تعد تقبل بمجرد الوعد بدفعنة نقود جديدة من قطر أو من غيرها فقد باتت غزة تدرك أن الاحتلال يراهن على كسب الوقت بتسويف الوعود ومع الأسف الوسطاء يساعدون الاحتلال بقصد أو بدون قصد في الحصول على تهدئة مجانية فحماس تريد ضمانات للبدء في المشاريع المعطلة واستكمال المشاريع المعلقة كما تريد ضماناً لاستمرار المنحة القطرية طوال عام ٢٠٢١ وكذلك تخفيف الحصار وادخال بعض المواد الممنوعة والأهم هو توقف الاحتلال عن اعتداءاته ، ولهذا فما نشهده الآن من توتر للأوضاع في قطاع غزة جاء نتيجة لتنصل الاحتلال من تفاهماته ولكن ما تكشف لنا مؤخرا أن الاحتلال يستند على ظهير عربي في انتهاك حقوق الفلسطينيين اذ يبدو أنه أخذ الضوء الأخضر من الامارات للمزيد من التنكيل بالفلسطينيين والمزيد من الحصار لغزة فالاتفاق الاسرائيلي الاماراتي الأخير جاء ليوفر سلاما للكيان الاسرائيلي وعدواناً على غزة فقد أُهدى الاحتلال سلاماً مجانياً لم يجني منه الفلسطينيون شيئاً حتى قضية الضم فالفلسطينيون وقياداتهم ومقاومتهم وارادة شعبهم هي من أوقفت ذلك المشروع وليست الامارات التي باعت عروبتها بثمن بخس فهي لم تطلب حتى مجرد رفع للحصار عن قطاع غزة مقابل الاتفاق مع الاحتلال علاوة على تحرير القدس الحلم العربي القديم الذي بدأ يتحول لكابوس عربي .
إذاً نحن أمام مجموعة أسباب قد تدفع المقاومة الفلسطينية لتصبح أكثر شراسة في مواجهة الاحتلال لاسيما وأن الموقف الفلسطيني موحد ضد اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي المزعوم ، فحالة العشق الممنوع ما بين الامارات وكيان الاحتلال والتباهي في العلاقة تعكس خيانة واضحة المعالم وتراجعا في النخوة العربية وكياً لوعي الأجيال الحالية ، وما خفي كان أعظم فهناك أنظمة عربية من المتوقع أن تحذو حذو الامارات ولهذا أخذت الفصائل الفلسطينية موقفا موحداً ودعت لمقاطعة الامارات وعزلها وتصعيد المقاومة ضد الاحتلال على كافة المستويات وفي كل الجبهات حتى يدرك أن مثل هذه الاتفاقيات لها كلفتها لأن التعامل مع هذا الحدث سيكون رادعاً لمن يفكر بذات نهج الإمارات ، وكذلك على السلطة الفلسطينية إعادة رسم خارطة التحالفات فالتجربة الحالية أثبتت أنك لكي تدافع عن القدس وفلسطين لا يشترط أن تكون عربياً أو مسلماً فقضية فلسطين قضية الأحرار في العالم عاى القيادة الفلسطينية أن تضع يدها في يد كل من يعلن أن الكيان الاسرائيلي عدوه وتبتعد عن سياسة التعويل على القومية العربية فلكل مقام مقال ولكل زمان فعلٌ يجب أن يتناغم مع المعطيات نحن لسنا في زمن عبد الناصر الان ..
نحن في زمن محمد بن زايد وعليه يجب أن تعاد التحالفات ، فالضفة تُسرق والقدس تهود وغزة على شفا عدوان رابع سيقضي على ما تبقى فيها من حياة ، نحن في مرحلة مفصلية أثبتت أن استراتيجية تبني المقاومة المسلحة والشعبية هي الخيار الوحيد للفلسطينيين ، أما التعويل على المفاوضات طيلة ثلاثة عقود فلم نجني منها سوى أن تحول بعض العرب الى أصدقاء لعدونا.
فالامارات تجاوزت مفهوم التطبيع الى صداقة حميمة مع كيان الاحتلال وعليها أن تدفع ثمن ذلك عبر إزعاج صديقتها الجديدة.
المصدر / العالم