السيمر / فيينا / الثلاثاء 25 . 08 . 2020 — تشهد العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الثلاثاء الـ25 من أغسطس (آب)، قمة ثلاثية تجمع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. وعلى جدول أعمالها ملفات عدة أبرزها الملف الاقتصادي، خصوصاً النفط والتبادل التجاري، إضافة إلى ملفات أمنية وسياسية، من بينها الملف الليبي والتدخلات الإقليمية في الشأن العربي.
وأصبحت هذه القمة، وهي الثالثة من نوعها، بمثابة حلف تنسيقي غير معلن بين عمّان والقاهرة وبغداد، إذ عُقدت القمة الأولى بالقاهرة مارس (آذار) 2019، تبعتها قمة ثلاثية في نيويورك سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
وتعوّل مصر والأردن على الاقتراب أكثر من العراق، في محاولة لإعادته إلى الحضن العربي بعيداً من إيران، خصوصاً في ظل الظروف الإقليمية الحالية، ويأمل الأردن بسبب موقعه الجغرافي أن يكون وسيطاً بين السوقين المصرية والعراقية.
لوبي سياسي
يتوقف الكاتب ماهر أبو طير عند “التوقيت المختلف” للقمة، “في ظل التغيرات التي تجري في الإقليم”، قائلاً “الأردن يحاول أن يكون جزءاً من معسكر تختلف فيه المرجعيات السياسية، فمصر أقرب سياسياً إلى الأردن لاعتبارات كثيرة، بينما العراق يواجه إشكالات بسبب النفوذ الإيراني”.
ويشبه أبو طير دلالات هذه القمة بمجلس التعاون العربي، الذي كان يضم الأردن ومصر والعراق واليمن، لكنه ليس تحالفاً ضد أحد، بل هو “لوبي سياسي”، ومحاولة لخلق تجمع عربي، بعدما فشلت كل مؤسسات العمل العربي، فأصبح البديل هو النزوع إلى تحسين علاقات الجوار على صعيدي الاقتصاد والأمن.
ويضيف أبو طير، “الاقتصاد أولاً في هذه القمة، كما هي الحال في القمم السابقة التي ركّزت على المشروعات الاقتصادية والمناطق الصناعية المشتركة والتعاون في قطاعات الطاقة”، مرجحاً أن تشهد القمة الثالثة كلاماً عن الموضوعات ذاتها.
التأجيل وارد
وكان الديوان الملكي الأردني قد أعلن هذه القمة في ظل إجراءات صحية مشددة واحترازية، وسط توقعات بتأجيلها بعد إعلان إصابة وزير الاتصالات العراقي بفيروس كورونا المستجد على إثر وصوله إلى الأردن تحضيراً للقاء.
بينما قال أحمد ملال طلال، المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، “القمة ستعقد، لكن حجم الوفود ومواعيد الاجتماعات ستكون محدودة كإجراء احترازي”.
وسيطغى ملف النفط والتبادل التجاري على معظم مباحثات القمة الثلاثية في الأردن، إذ تسعى عمّان إلى تفعيل اتفاقيات معطّلة مع العراق، خصوصاً اتفاقية إنشاء خط أنبوب تصدير النفط العراقي، الذي يمتد من مدينة البصرة العراقية إلى خليج العقبة الأردني.
الاهتمام الأردني بهذا الملف مردّه إلى حاجة عمّان إلى الوقود المخصص لتوليد الكهرباء، إذ تستورد النفط العراقي بأسعار تفضيلية، بينما تسعى مصر إلى إبرام اتفاقيات تجارية مع العراق، لتصدير النفط والتبادل التجاري عبر ميناء نويبع في اتجاه العقبة ثم العراق.
وتعثر مشروع مد النفط العراقي من البصرة إلى العقبة الأردنية بفعل عوامل عدة، أبرزها جائحة كورونا، فضلاً عن تيارات سياسية داخل البرلمان العراقي حاولت مراراً تعطيل هذا الاتفاق. وتأمل عمّان أن تقدم لبغداد مشروع الربط الكهربائي بين البلدين.
وشكت عمّان مراراً من وجود تدخلات إيرانية تضغط في اتجاه عدم فتح الحدود العراقية مع الأردن، وإعادة العلاقات إلى طبيعتها. وشنّت وسائل إعلام عراقية موالية إيران حملةً ضد الأردن، مطالبةً بوقف الاتفاقيات التجارية بين البلدين، ووقف ضخّ النفط العراقي إلى عمّان بأسعار تفضيلية، فضلاً عن الربط الكهربائي بين البلدين.
اقتراب أردني مصري من العراق
ويؤكد الكاتب زيد نوايسة أن القمة الجديدة استكمال للقمتين السابقتين اللتين عُقدتا في القاهرة ونيويورك، وتأتي في سياق رغبة أردنية مصرية في الاقتراب من العراق والتنسيق معه أمنياً لمحاربة الإرهاب، واقتصادياً من خلال مد أنبوب النفط من البصرة إلى العقبة، وإمكانية وصوله إلى مصر لاحقاً.
ويضيف نوايسة، “على الرغم من أن لمصر والأردن مقاربة سياسية مختلفة عن العراق، خصوصاً في العلاقة مع طهران، فإنّ القمة محاولة مصرية أردنية لاحتضان العراق وإبعاده عن الصراع الأميركي الإيراني”.
ويعتقد نوايسة أن هذه القمة قد تحمل رسائل جديدة، خصوصاً أن رئيس الوزراء العراقي الجديد عاد للتو من الولايات المتحدة الأميركية، بعد الاتفاق على إعادة انتشار قوات التحالف، وبعد تصديه لمهمة التعامل مع الميليشيات المسلحة في بلاده خلافاً لأسلافه.
ويشير إلى أن ثمة تطورات كبيرة في الإقليم ستكون حاضرة، وأن أي توجّه لتشكيل محور سياسي في المنطقة مؤجل في انتظار خروج الدخان الأبيض في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، واتضاح مَنْ سيجلس في البيت الأبيض أربع سنوات مقبلة.
المصدر / اندبندت العربية