السيمر / فيينا / الاربعاء 02 . 09 . 2020 — قبل ان يصل الى العراق اعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت انه سيطلق مبادرة لـ”دعم سيادة العراق”، وكرر هذا القول لدى وصوله اليوم الى العراق وذلك خلال لقائه بالرئيس العراقي برهم صالح، عندما اكد ان هناك “تحديات كثيرة فيما يتعلق بضمان سيادة العراق”، وان “ان العراق يواجه تحديين رئيسيين هما “داعش” و التدخل الخارجي”.
للاسف هناك كذبة وقحة روجت لها امريكا وهي “الحرص على سيادة العراق و رفض التدخل الخارجي في شؤونه” ، وهي كذبة ظل جميع المسؤولين الامريكيين يرددونها ليل نهار بمناسبة او بدونها، في ادارات بوش واوباما وترامب، وتلقف الغرب بدوره الكذبة وعمل على تضخيمها، مسخرين امبراطوريات اعلامية للترويج لها، حتى انطلت على بعض السذج في العراق، بينما جاءت الكذبة كهدية نزلت من السماء للجماعات التكفيرية وعصابات البعث والانظمة العربية الرجعية الطائفية وعلى راسها نظام ال سعود.
من الواضح ان امريكا والغرب عندما يبدون كل هذا “الحرص على سيادة العراق ورفض التدخل الخارجي”، وهو “ذات الحرص” الذي ابداه ماكرون اليوم في بغداد، فهم لا يقصدون الحرص على هذه السيادة التي انتهكتها امريكا والدول الغربية والرجعية العربية عندما غزوا العراق واحتلوه ونشروا في ربوعه الفوضى والدمار؟، هم لا يقصدون الوقاحة الامريكية في تنصيب “حاكم امريكي” على العراق المحتل؟، هم لا يقصدون تدخل الحاكم الامريكي في ادق تفاصيل الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية وحتى الاجتماعية للعراق والعراقيين؟، هم لا يقصدون انتهاك سيادة العراق وفتح ابوابه على مصرعيها للعصابات الصهيونية التي قتلت العلماء والمفكرين العراقيين؟، هم لا يقصدون شحن الجماعات التكفيرية الوهابية من مختلف انحاء العالم ونقلها الى العراق ليفجروا انفسهم في الشوارع والمستشفيات والحسينيات والمدارس ورياض الاطفال؟ هم لا يقصدون تمزيق السيادة العراقية وتقسيم العراق على اسس طائفية وعرقية؟، هم لا يقصدون صناعة “داعش” واطلاقه على العراقيين ليصل الى ابواب بغداد ويرتكب كل تلك الفظاعات المقززة؟ انهم لا يقصدون فرض الشركات الامريكية على العراقيين لنهب ثروات العراق وتدمير صناعته وزراعته؟، هم يقصدون من وراء تكرار هذه الكذبة كما كررها ماكرون اليوم ، استهداف المدافعين حقا عن هذه السيادة، وهم ابطال الحشد الشعبي، الذين يعتبرون السور العالي الذي يحيط بالسيادة العراقية التي تحاول امريكا والغرب ليس فقط انتهاكها، بل تحويل العراق الى ضيعة امريكية غربية يرتع بها المحتل الامريكي والذئاب الصهيونية كما يرتعون ويلعبون في الامارات والبحرين والسعودية.
لا يوجد في العراق جهة ضحت بالغالي والنفيس من اجل سيادة العراق ومنع التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، كما ضحى الحشد الشعبي، الذي قدم عشرات الالاف من القرابين على هذا الطريق ، ومن اكبر هذه القرابين كان القائد الكبير والشهيد البطل ابو مهدي المهندس، الذي اغتاله المجرم ترامب غدرا مع رفيق دربه القائد الكبير الشهيد البطل قاسم سليماني.
كيف يمكن لامريكا ان تنهب نفط العراق وخيراته، كما يطالب ترامب جهارا نهارا، بينما تدعو في الوقت نفسه “الحرص على سيادة العراق”؟، ترى هل بامكان امريكا ان تنهب خيرات العراق مع وجود سيادة حقيقية للعراق؟، ان امريكا والغرب يعلمان جيدا انه في حال امتلك العراق سيادته وحافظ على استقلاله، لن يكون بامكانهما تحقيق اهدافهما في العراق، لذلك ناصبت امريكا والغرب والصهيونية والسعودية والرجعية العربية، الحشد الشعبي العداء، لانه الضامن الرئيس لقيام تلك السيادة الكاملة، والحائل دون تدخل القوى الاجنبية التي تضمر العداء للعراق والعراقيين.
ان على ماكرون، وقبل ان يقدم مبادرة “لدعم سيادة العراق”، ان يدعو ترامب للكف عن انتهاك سيادة العراق، ويطالبه بتنفيذ قرارات مجلس النواب العراقي، المنتخب انتخابا ديمقراطيا، ويسحب قواته المحتلة من العراق، فالعراق يعلم جيدا ان هدف الحرص الكاذب على سيادته من قبل امريكا والغرب هو تجريده من سيادته الحقيقية، عبر استهداف العناصر الاساسية التي تحفظ هذه السيادة، ومنها الحشد والعلاقة مع ايران، والتي عمدتها دماء الشهيدين الخالدين المهندس وسليماني.
المصدر / العالم