السيمر / فيينا / الخميس 03 . 09 . 2020 —-رغم القرارات والتصريحات المتتالية لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بشأن محاكمة قتلة المتظاهرين والانتخابات المبكرة والقضاء على الفساد والسلاح المنفلت،إلا أن المحتجين يرون هذا غير كاف مالم يكن مقرونا ببتر أذرع الفساد، ويعدون لخروج حاشد في الذكرى الأولى لثورتهم… فهل ينجح الكاظمي في احتواء أي احتجاجات قادمة في الشارع العراقي؟
مطالب الشارع
قال المحلل السياسي العراقي رعد هاشم: “إن الاحتجاجات في الشارع لم تهدأ بسبب الإجراءات التي اتخذها الكاظمي، لأن تلك الإجراءات لم تكن بالمستوى المطلوب أو مستوى طموحات المتظاهرين، فما قام به رئيس الحكومة هو تحركات ربما تفضي إلى معالجات، لكن ما تم لم يرق إلى مستوى القرارات أو المعالجات الجذرية”.وأضاف لـ”سبوتنيك”: “لم نر مثلا محاكمات لقتلة المتظاهرين، وما يتحدث عنه الكاظمي ربما إجراءات تمهيدية، والآن يبدو أن هناك توجه لاستدعاء وزيري الداخلية والدفاع، لكن في كل الأحوال الظروف الراهنة من انتشار وباء كورونا في معظم دول العالم وتوقف التحركات هي التي ساهمت في خلق حالة من الهدوء في الشارع وليس القرارات الحكومية”.
ذكرى الإنتفاضة
وتابع هاشم: “أعتقد أن الأيام القادمة ستشهد لتفعيل تلك القرارات الحكومية إذا ما كانت هناك نية جادة لتنفيذها بشكل عملي، إذا ما حدث ذلك ستكون هناك ربما تهدئة بشىء يريح المتظاهرين ويحقق مطالبهم، ولا يجب الاكتفاء فقط بالانتخابات المبكرة وإجراءاتها والتي لم تأخذ مداها في الحقيقة، لأن لدينا اشياء معلقة مثل قانون الانتخابات والتوافق السياسي بين الكتل الحزبية على موعد مؤكد لإجراء الانتخابات، لذا فهناك عراقيل تقف في وجه الانتخابات المبكرة ولكي تحسم نحتاج إلى وقت أيضا لتهيئة الشارع لها، ومتى تمت إجراءات فعلية وعملية على الأرض، فإن هذا قد يخفف من غضب الشارع و تهدئة الاحتجاجات”.
ولفت إلى أن الشارع العراقي قد يلتهب من جديد في تظاهرات عارمة في الأول من أكتوبر/تشرين القادم في الذكرى الأولى لانتفاضتهم، ويجرون الاستعدادات لها، لذلك متى عجل الكاظمي وحكومته في تنفيذ تلك القرارات والوعود الحكومية، أعتقد أن ذلك سيساعد على التهدئة وسيكون بمثابة عقد هدنة حتى وإن كانت غير معلنة مع المحتجين.
تغيير قواعد اللعبة
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين العراقية الدكتور قحطان الخفاجي: “هناك نوعان من الاستجابة لما قام به الكاظمي من جانب الدخلاء على الثورة، والمستفيدون وبعض الموجودين بالساحات الذين تم التحرك نحوهم من قبل السياسيون، هؤلاء هدأوا الاندفاع بقناعة إيجابية”.
وأضاف لـ”سبوتنيك”: “وعلى النقيض من الفئات السابقة هناك ثوار لديهم تمسك بثوابت الثورة، هؤلاء يرون أن إجراءات الكاظمي لا تحقق مطالب وأهداف الثورة إلا إذا تم تغيير قواعد اللعبة السياسية من الأساس، وإذا تعذر تغيير العملية السياسية العرجاء والنشاز ورموزها الفاسدة فلا فائدة لأي من تلك القرارات والإجراءات”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: “هناك حقيقة نعول عليها، هي أن الذي يوافق إجراءات أي جهة سياسية يعاني الأمرين وهو يفصح عن ذلك، لأنه يعرف جيدا أن التصدي له ونبذ سلوكه سيكون فوري بسبب قناعة الناس بثوابت الثورة، أو أن ثوابت الثورة استقرت عند الناس، وأضحت مطلب جماهيري حقيقي شاخص وفاعل”.
أما عضو اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة أكتوبر/تشرين علي عزيز أمين فقال: “واهم من يظن أن ثوار تشرين في العراق قد عقدوا عزمهم على السيد الكاظمي ولو لوهلة من الزمن، فنحن كلجنة منظمة لمظاهرات ثورة تشرين/أكتوبر كنا قد أعلنا موقفنا منذ تكليف الكاظمي و أبدينا رأينا فيه”.
وأضاف لـ”سبوتنيك”: “الكاظمي نتاج توافق أحزاب السلطة القمعية وهو كان عضوا في اللجنة الأمنية إبان حكم سلفه عادل عبد المهدي، كونه كان رئيسا لجهاز المخابرات ومستمر بمنصبه هذا إلى اليوم من موقع أدنى، أي أنه كان مشاركا بكل القرارات الحكومية التي دعت لقمع الثورة و ما حديثه عن لجان تحقيقية إلا لذر الرماد في العيون، ومحاولة رخيصة و مكشوفة منه لاستمالة بعض المُغرر بهم، فهو أساسا شخص عاجز عن اتخاذ أي قرار. وتابع أمين، إن الكاظمي لا يستطيع أن يتخذ أي قرار قبل مشاورة زعامات الميليشيات و قادة أحزاب السلطة و بالأخص الأحزاب الإسلامية و بالتحديد ثلاثي القتل والفساد نوري المالكي وهادي العامري وفالح الفياض، أما بخصوص الانتخابات المبكرة، بكل تأكيد سيكون صوت العراقيين مدويا فيها عبر المقاطعة، فمقاطعتنا للانتخابات الكرتونية هو صوتنا”.
وأكد عضو اللجنة المنظمة، رفضنا لما تحدث عنه الكاظمي لا يعني أننا غير مؤمنين بالعمل الديمقراطي والسياسي، بل نحن و كمكتب سياسي للجنة نؤمن بالديموقراطية و لكن على أساس أن تكون متكاملة الأركان، أي تكون أجواء الانتخابات صحية و مثاليه و ليست بظل وجود الميليشيات و السلاح المنفلت و عصابات الفساد و رموزه من قادة الأحزاب الذين يملكون المال الحرام و يسيطرون على الإعلام المحلي، و كذلك يجب أن تكون هنالك مفوضية انتخابات مستقلة و نزيهة و قانون انتخابي عادل، و محكمة اتحادية مستقلة و وطنية كي تصادق على نتائج الانتخابات.
حذر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأحد الماضي، من خطر السلاح المنفلت والاغتيالات والخطف، مؤكدا أن على العراقيين الاختيار بين الدولة أو غيابها، وأوضح أن الدولة العراقية فقط مسؤولة عن محاسبة المعتدين.
وأكد الكاظمي أن الحكومة شرعت في أولى خطوات رد الخروقات التي شهدتها تظاهرات تشرين فيما أشار إلى أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان مدعوة إلى كشف أي شبهة تجاوز تحدث من الجهاز التنفيذي تجاه المواطنين.
كان رئيس الوزراء العراقي، شدد الخميس الماضي، على ضرورة أن توفر الأجهزة الأمنية الحماية للمتظاهرين السلميين.
كما شدد على حق التظاهر السلمي، وعلى واجب القوات الأمنية في توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين السلميين، مجددا رفضه التام للاعتداء على القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرات.
كما أكد رفضه غلق الشوارع والطرقات، و”إلحاق الأذى والضرر بالمصالح العامة للدولة والمواطنين” أثناء الاحتجاجات.
وأثنى الكاظمي على “الجهود الأمنية التي تبذلها القوات الأمنية في تصديها لعصابات داعش الإرهابية، وأيضاً جهودها في ملاحقة عصابات الجريمة، وتوفير الاستقرار والأمن في أنحاء العراق”.
ويشهد العراق في محافظات الوسط والجنوب منه مع العاصمة بغداد تظاهرات واحتجاجات منذ أكتوبر العام الماضي، وزادت حدتها مؤخرا إثر تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي تزامنا مع موجة الحر الشديد التي تضرب البلاد.
المصدر / سبوتنيك