الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / حراك تشرين – خطوات حرق الإسلاميين/ 5

حراك تشرين – خطوات حرق الإسلاميين/ 5

السيمر / فيينا / الخميس 05 . 11 . 2020

.. قبل حسم المعركة ضد داعش لم يكن من الحكمة البدءُ بمخططِ تصفيةِ الحشد .. حقيقةٌ أذعن لها كل مناوئيه ومعهم الأطراف الشيعية المتقاطعة مع خطوط الإسلام الحركي بالجملة.
كان عليهم الإنتظار.

▪️خطوات ممهدة:

بإنتهاء المعارك الرئيسية ضد داعش في ٢٠١٧ وإعلان النصر على التنظيم، كان قد بقي عام واحد فقط قبل الإنتخابات لمعالجة وضع الحشد – بعد ان بات واضحا عزمُ أغلب فصائلِه الدخول بقائمة موحدة، وهذا ما كانت تحمل هَمَّه أطرافٌ عديدة.
الإندفاع الشعبي الكبير المؤيد للحشد، وتوقع إكتساحِه الإنتخابات – شكّلا عاملَ إستفزازٍ وقلقاً لزعاماتٍ سياسية، وأخرى دينية كانت ترى العراق ساحة نفوذها التقليدية التي يتحتم الدفاع عنها.
الواقع الجديد مثّل لهم (إجتياحا وقحاً لمساحة نفوذهم الجماهيري) والتي أخذت تتحول بشغَفٍ نحو المزاج الثوري والمقاوم، متأثرةً بملاحم الحشد الشعبي بالعراق، وعموم إنجازات ذلك الخط في عالمنا الإسلامي والذي إتّصف بمزايا فريدةٍ:
– مواقف جريئة معززة بنجاحاتٍ باهرة
– صمود إسطوري وإنتصارات على الأرض
– ايضا إمتاز الخط بالصراحة مع شعبه ووضوح منهجه.
– كما انبهر الناس بقادته ، بشخصياتهم الساحرة وخطابهم المليء بالشجاعة وروح التحدي والثبات … صفات إرتبطت بعمق الوجدان الشيعي .. بالصور البطولية للإمام علي والحسين والعباس وعلي الاكبر والأنصار.
… هذا الأثر النفسي والعاطفي كان مفقودا تماما عند الخط المقابل، الذي كان يرفض أغلب الأشكال الحركية في النشاط الإسلامي، ويبذل جهدا كبيرا لإثباتِ وجهته تلك .. لكن الوقائع على الأرض كانت تعاندهم وتثبت العكس أغلبَ الأحيان .. خصوصا مع تجاربَ ملحميةٍ ناصعةٍ كالحشد العراقي وحزب الله اللبناني والصمودِ الإيراني واليمني..

لعل أخطر ما في عملية تحوّل المزاج تلك – أنها كانت ناعمة وعفوية ، حتى الناس لم يدركوا أنهم قد أصبحوا مندفعين ميالين لخط المقاومة إلى هذا الحد ..
.. لكن الزعامات كانت ترصد التحول بوضوح.!
▪️ عندما لاحت تباشير هزيمة داعش (وقبل الاعلان الرسمي للنصر) نضج القرار بازاحة العبادي، بعد أن تلكّأ في أداء ما طلبته منه السفارةُ وجهتان شيعيتان مهمتان. مطلبهم كان :-
(إقصاء المهندس عن قيادة الحشد)
.. وذلك تمهيدا لتقليص المؤسسة وتسليم قيادتها الى إدارة العتبات، وتسريح أعدادٍ كبيرة من عناصرها ، يلي ذلك إجراء غسيل عقائدي للمتبقين تحت لواءِه لضمان إبتعادهم عن الخط الثوري بالكامل ..
بخلاف ما كان يروج بالإعلام من إصرار السفارة على العبادي، كان مطلب إستبداله محسوما لديها . تمت معاملة الرجل كورقة محروقة . إنسجم ذلك المطلب مع قناعة زعامات شيعية معينة كانت تنظر لمديات أبعد من الآخرين :
– فهو لن يلبي إحتياجاتها للمرحلة القادمة. لقد إستُنفِذت الحاجة إليه.
– كما أن حصوله على ولاية ثانية قد يؤدي لإنتفاخه أكثر من الحد المقبول.
– إخراج الدعوة من سباق رئاسة الوزراء كان امرا مهما للمرحلة القادمة والتي يتوقع منها ترسيخ إقصاء الإسلاميين عن المواقع المهمة في السلطة.
– أصبح ذلك متاحا بشكل أكبر بعد تشظية حزبيهما الرئيسيين: المجلس الأعلى والدعوة وتحويلهما إلى كيانات صغيرة متنازعة.
– لقد آن الأوان للمجيء برجل معروف بالطاعة سلمي التوجه يكره الصِدام ويراهن على الحلول السلمية، يمتلك رؤية مستقلة ، ليس خاضعا لحزب معين ، لا تربطه بإيران وشائج قوية، وليس عليه فيتو من الأطراف الرئيسية ..
كان المطلوبُ شخصاً يحقق نجاحا داخليا معقولا لإسكات الجماهير ، قادرا على التهدئة.
كما كان متأملاً منه التعاونُ -حين يُطلب منه- في تصفيةِ مؤسسة الحشد وفك إرتباطها بإيران والمقاومة. مثّلَ ذلك الأولويّةَ القصوى لدى طرفين شيعيين قويين.
لم تكن عند أصحابِ القرار خشيةٌ من تضاءلِ فرصِهِ بالنجاحِ، بل ربما راهن البعض على فشله ، الذي كان سيعني حرقَ وجهٍ اسلاميٍّ آخر .

____ التتمة في الحلقة 6

المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي

03 . 11 . 2020

اترك تعليقاً