الرئيسية / مقالات / مشاريع الغاز في الشرق الاوسط

مشاريع الغاز في الشرق الاوسط

السيمر / الجمعة 12 . 02 . 2021

اسعد عبدالله عبدعلي

ثروات الشرق الاوسط متنوعة وكثيرة جدا, كان من الممكن ان تجعل شعوب المنطقة الاكثر ثراء في العالم, لكن ابتليت دولة المنطقة بحكومات وانظمة لا تعرف كيف تستغل ثروات المنطقة, حيث ابتليت المنطقة بصراعات وحروب لا تنتهي, الامور جدا معقدة في ارض الشرق الاوسط, وهي تشمل العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن ومصر, وتدخل ايضا تركيا وايران ضمن نفس الدائرة, والملاحظ ان القوى العالمية داخله في كل ما يحدث في هذه البلدان من حروب وتقلبات سياسية ومحن.

ان احداث الشرق الاوسط اخذت بعدا دوليا, مع تدخل القوى العالمية (امريكا والقوى الاوربية) بكل صغيرة وكبيرة, وسيكون موضوعنا محدد عن اكتشافات الغاز وتأثيراتها الحالية.

· مفاجئات مصرية

في عام 2014 تم اكتشاف حقل “ظهر” في مصر والذي تقدر موارده ب 30 ترليون قدم مكعبة متزامن مع اكتشاف حقول غاز في دويلة اسرائيل تقدر ب 35 ترليون قدم مكعب, اي ان خزين هائل في منطقة الشرق الاوسط فقط,, , ما تم التصريح به في مصر والصهاينة, وهذا احد اهم اسباب الاهتمام العالمي بالمنطقة, حيث اشارت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن حوض شرق المتوسط لديه موارد نفطية تقدر بنحو 1.7 مليار برميل، و122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي, اي انها ثروات لا تنتهي الا بعد عقود طويلة, ولها تأثير على الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية, وقد شرع المصريون مبكرا في استغلال الغاز عبر توفيره محليا ثم اتجهوا للخطوة الاكبر عبر تصدير الفائض, وها هم اليوم يجنون ثمار اجتهادهم المبكر في قضية الغاز.

غير ان العراق ولبنان وسوريا ماتزال متخلفة في خصوص استغلال ثروات الغاز, والاسباب بالأساس سياسية.

· اتفاقيات اقتصادية للنهوض

بعض دول المنطقة تنظر للأمر باعتباره طوق نجاة هبة لها من السماء ويجب استغلالها على اكمل وجه, والا عد التهاون في هذا الموضع جهل وغباء, كحال بعض البلدان (كالعراق وسوريا) والتي من سوء حضها انها تحت قيادات لا تفهم اهمية الثروة وكيفية تنميتها والاستفادة منها! لذلك ظهرت اتفاقيات اقتصادية لتنظيم استغلال الموارد والغاز هنا بالخصوص, وسنذكر هنا اهم ثلاث اتفاقيات جرت في منطقة الشرق الاوسط:

اولا: اتفاقيات تصدير: بدأت دويلة اسرائيل بعقد الاتفاقيات بما تملك من قيادة اقتصادية تفهم الحاضر وتفكر للمستقبل بعكس ساستنا النائمون بالعسل, فكانت اتفاقية تصدير الغاز الخام الى الاردن ومصر لتلبية السوق المحلية لكليهما, او بغرض اعادة تصديره الى الاسواق الاوربية مستفيدة من منشات الاردن ومصر المتطور في مجال الغاز.

ثانيا: خطوط أنابيب نقل اقليمية: وبالتزام مع الاتفاقية الاولى ظهرت مقترحات عديدة تنظم عملية حركة الغاز عبر جغرافيا الشرق الاوسط كي يصل للأسواق المطلوبة, مثل خط انابيب بين تركيا ودويلة اسرائيل, واخر بين لبنان وقبرص, وخط انابيب عملاق ( ايست ميد) ويمتد بين دويلة اسرائيل وقبرص واليونان حتى ايطاليا.

الغريب.. ان العراق وسوريا ومصر بقيت بعيدة عن اتفاقيات لخطوط انابيب نقل الغاز!

ثالثا: منتدى غاز شرق المتوسط : اسست مجموعة من بلدان المنطقة بالتعاون مع دول اوربية وهي ( مصر ودويلة اسرائيل وقبرص واليونان وايطاليا والاردن والسلطة الفلسطينية ) منتدى غاز شرق المتوسط, ومقره الرئيسي في القاهرة, الهدف منه تدشين سوق مشتركة للغاز الطبيعي بين بلدان المنتدى, سوق مشتركة للغاز الطبيعي، وتعزيز الاستخدام المشترك للبنى التحتية مع العلم أن المنتدى يحظى بدعم من أطراف أوروبية متعددة وهذا ما يتضح في مطالب فرنسا مؤخراً بالانضمام للمنتدى.

اهم التحديات اقتصادية:

هذه الاتفاقيات والمشاريع الاقتصادية تواجه تحديات كبيرة قد يكون اخطرها عدم استقرار المنطقة سياسيا مما يجعل الاستثمار فيها معرض لمخاطر كبيرة, ونعرض هنا اهم التحديات :

1- فائض السوق العالمية:

تعاني اسواق الغاز العالمية من فائض في المعروض في الوقت الراهن في وقت ازدياد مشاريع الانتاج والتصدير في مختلف بقاع العالم, مما يزيد من حد المنافسة بين المنتجين ويؤدي للضغط على اسعار الغاز لتتهاوى مستقبلا, وتحول كبار المستهلكين نحو الوقود الاحفوري مما يعني انحسار استخدام الغاز مستقبلا.

2- البحث عن اسواق جديدة:

المهمة الاصعب امام المنتجين في الشرق الاوسط, هي البحث عن اسواق جديدة, كي يمكنهم تسويق انتاجهم من الغاز الطبيعي, فمن الصعب الدخول حاليا للسوق الاوربية بسبب وجود منتجين كبار مثل روسيا والنرويج, والتي تتميز بجاذبية اسعارهم مقارنة باسعار غاز شرق المتوسط, كما تواجه منافسة شديدة من عمالقة اسيا في انتاج الغاز ( الصين والهند) مع وفرة المعروض من منتجين اخرين مثل (استراليا).

3- جاذبية منخفضة لغاز المتوسط:

تشير التقديرات إلى أن أسعار توريد غاز شرق المتوسط سترتفع عن المتوسط العالمي للغاز في المستقبل، والأمر الذي يعود لاعتبارين وهما ارتفاع تكلفة استخراج الغاز من شرق المتوسط نظراً لوجود الموارد بالمياه العميقة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف مشاريع نقل وتسويق الغاز.

اي ان جانب الاسعار مستقبلا لن يكون في صالح المنتجين من منطقة الشرق الاوسط.

· الختام:

في ظل الصعوبات الاقتصادية والفنية التي قد تلاقيها عملية تنمية موارد الغاز في شرق المتوسط، فلا غنى عن تعزيز التعاون الإقليمي, كخطوة جوهرية نحو تلبية احتياجات الأسواق المحلية في المنطقة من الطاقة, بيد أن ذلك يتطلب تذليل العقبات الجيوسياسية, والصراعات القائمة بين بعض أطراف المنطقة, وعلى العراق وسوريا الاهتمام في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بدل عمليات الهدر المستمرة للغاز, ولو تم الامر فهو يصب في تكوين اقتصاد محلي رصين للعراق وسوريا.

 

اترك تعليقاً