الرئيسية / مقالات / كربلاء لمن يعرفها

كربلاء لمن يعرفها

السيمر / فيينا / الأربعاء 29 . 09 . 2021 

سليم الحسني

هذا طريق الحسين نعرفه. نعرف شواخصه وعلاماته ووجوه السائرين فيه، مشيناه من قبل مراراً، ما كان المسير يطول بنا، كنا نقطعه بساعات وأيام، فما بالنا لم نصل الضريح وقد مضت علينا السنين؟
هل زحفت الأرض بكربلاء لمكان بعيد يا شيخ الزوّار؟
ـ لا يكون ذلك، فضريح الحسين وتد الأرض. تزول الجبال ولا يزول. تسيخُ الأرض ويبقى القبر ربوتها العالية. إذا ضلّتْ النجوم مسارها استعانت بضريحه تهتدي لطريقها. لو عاد طوفان نوح لكان ضريح الحسين سفينته.

لن تترك كربلاء مكانها. لن يغادر قبر الحسين موضعه. لن ينطفئ وهج النور من ضريحه. إنما يضلّ الناس طريقه فيطول بهم المسير. يعتمدون علامات الأرض فلا يصلون، وطريق الحسين لا تهدي إليه إلا بوصلة القلب.

أيها السائرون الى كربلاء سيطول بكم المسير، ليس كل من مشى بلغ المنتهى، ولا كل من طاف بالضريح عرف الحسين. لقد تاه قوم موسى أربعين عاماً، أُشربوا في قلوبهم العجل فتاهوا، كان نبيّهم يسير معهم لكنهم لم يصلوا، فقد رافقوه بأجسادهم وفارقته قلوبهم.

أيها السائرون الى كربلاء، هذا مكاني منذ وصل الحسين الى كربلاء، وقفتُ الدهر كله أرى جموع القادمين، رأيتُهم على جبال اليمن يبلغون قبر الحسين أسرع من هدهد سليمان، رأيتُهم على حدودهم يدفعون عنها الشرّ، فتطوف قلوبهم بالضريح.

رأيتُ الثابتين على السواتر يدفعون شرّ داعش، كانوا يطوفون كل ساعة بقبر الحسين، يمسح العباس رؤوسهم المتربة، يرافقهم الأكبر بجرحه النازف الى خطوط النار.

وشاهدتُ على أرض لبنان رجالاً عرفوا الحسين حين حملوا بنادقهم، فارتعدتْ جموع صهيون، فكانوا لصق شباك الحسين.
رأيتُ قوماً من الشرق من إيران، يتنسّمون أنفاس كربلاء، فتثور فيهم نهضة الحسين كل يوم. يقفون ضد شياطين الأرض، يصفعون كبيرهم، يمدّون يدهم لأنصار الحسين حين يهجم عليهم أبناء يزيد.

أيها السائرون الى كربلاء، أتسألون عن الطريق الى الحسين وهذه آثار أصدق الأدلاء على الطريق؟ هذا أثرُ الصدر وخلفه بنت الهدى، وهذه خطوة قاسم ترافقها خطوة جمال. اسلكوا دربهم فستطوى لكم الأرض وتحتضنون الضريح بطرفة عين.

٢٩ أيلول ٢٠٢١

اترك تعليقاً