السيمر / فيينا / السبت 03. 06 . 2023
شهد العالم خلال الايام القليلة الماضية، ردة فعل امريكا على انتخاب الأمم المتحدة بالإجماع، ممثل إيران الدائم لديها، نائبا لرئيس الجمعية العامة ومقررا للجنة نزع السلاح في المنظمة الدولية، حيث حملت البعثة الأميركية في نيويورك على قرار انتخاب ايران، وتعهدت بمواصلة جهودها لمعارضة أي دور قيادي لإيران في منظومة الأمم المتحدة، ورغم ان ردة الفعل الامريكية كانت متوقعة، الا انها جاءت كتأكيد اضافي، على النظام العالمي المتوحش الذي تضطلع فيه امريكا بدور الزعيم.
قلنا ان ردة فعل امريكا كانت متوقعة بل اكيدة، لسبب بسيط وواضح، وهو ان ايران، تعتبر من اهم القوى الاقليمية الفاعلة على الساحة الدولية، التي كانت ومازالت تعمل بكل ما اوتيت من قوة، على مناهضة النظام الدولي الحالي الذي تتربع على عرشه قوة متغطرسة جشعة مستكبرة، مثل امريكا، تعمل على فرض ارادتها على العالم اعتمادا على قوتها العسكرية، دون ادنى مراعاة لمصالح الشعوب والدول، فهي تبتز وتسرق حتى حلفائها، وتفتخر علنا بسياستها هذه القائمة على الغزو والحروب والاحتلال ونهب ثروات الشعوب وخيراتها.
امريكا زعيمة النظام العالمي الاحادي القطب الحالي، ومنذ اكثر من اربعين عاما، جندت كل امكانيتها لمحاربة ايران، عسكريا واقتصاديا وسياسيا واعلاميا ونفسيا و..، وفرضت حصارا غير مسبوق على الشعب الايراني، شمل حتى الغذاء والدواء، وباتت تطارد حتى ناقلات النفط الايرانية في اعالي البحار، والشاحنات الايرانية المحملة بالبضائع في جميع دول العالم، الا انها وبفضل صمود الشعب الايراني، وحكمة قيادته، تمكنت ايران، ليس فقط في افشال الحظر الامريكي الارهابي، بل كسرت هيبة امريكا ومرغتها بالتراب، بعد ان تحولت استراتيجيتها في مواجهة الارهاب الامريكي، وعلى راسه الارهاب الاقتصادي، الى مدرسة للشعوب الحرة التواقة للتحرر من تداعيات الحظر الاقتصادي الظالم المفروض عليها، وتحويلها الى فرص.
يمكن وضع مشاركة ايران في اجتماع وزراء خارجية دول “البريكس” وأصدقاء “بريكس”، بمدينة كيب تاون في جمهورية جنوب أفريقيا، والذي عقد تحت شعار “شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة” في اطار جهود ايران الرامية، بناء عالم متعدد الاقطاب، لا تهيمن عليه دولة واحدة، تبتلع المنظمات والقوانين والاعراف الدولية، وتفرض قوانيها الظالمة، على انها قوانين دولية، يعاقب كل من يتجرأ على الوقوف في وجهها، كما هو حاصل اليوم، في ظل التفرد الامريكي بمصير العالم.
ان المشاركة النشطة لوزير خارجية ايران حسين اميرعبداللهيان ، في اجتماع وراء خارجية “بريكس بلس” في جنوب إفريقيا، وعقده حوالي 10 اجتماعات ثنائية مهمة، مستعرضا مع من التقاهم، الخبرة العالية في التواجد النشط لايران في المؤسسات والمبادرات الدولية، وامتلاك ايران احتياطيات كاملة من الطاقة، وشبكات النقل والترانزيت القصيرة والرخيص، وما حققته من إنجازات علمية باهرة، وقبل كل شيء امتلاكها الإرادة القوية للمشاركة في إنشاء نظام عادل في العالم، وهو ما يؤهلها ان تكون شريكا مهما في البريكس.
تعتبر ايران هي إحدى اهم الدول الرائدة في مجال التعددية، وتربطها علاقات ثنائية سياسية واقتصادية مع دول البريكس، في اطار منظمات دولية واقليمية متعددة، مثل “منظمة شنغهاي للتعاون”، و “اتحاد البلدان المطلة على المحيط الهندي”، و “مجموعة البلدان النامية المعروفة باسم مجموعة الـ 77”.
من المتوقع ان تنظم ايران رسميا الى منظمة شنغهاي للتعاون في القمة المقبلة للمنظمة التي ستعقد في العاصمة الهندية نيودلهي، في شهر تموز/يوليو القادم، بحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
بالنسبة لإيران، يمكن أن تكون “بريكس” الهدف المهم التالي في اطار سياستها الرامية الى بناء عالم متعدد الاقطاب، بعد ان كانت من بين أوائل الدول التي أعلنت رسميا عن اهتمامها بالمشاركة في إطار عمل المجموعة، نظرا لمطابقة اهداف بريكس مع اهداف ايران، وهذا ما دفع وزير خارجية ايران الى الطلب من نظيرته الجنوب افريقية، تحديد اليات انظمام الدول الاخرى الى بريكس، وهو طلب، تعهدت الوزيرة على مناقشته خلال الاجتماع الحالي، على ان يتم الاعلان عن النتائج خلال الاجتماع القادم لهذه المنظمة.
ان النشاط الدبلوماسي لايران في اسيا، وسعيها للانضمام الى تحالفات اقليمية مثل شنغهاي وبريكس والاتحاد الأوراسي و..، يأتي في اطار عملها الدؤوب لبناء نظام عالمي الجديد، يتم فيه تكبيل القوة الامريكية المتوحشة، ومنعها من العدوان على الشعوب أنى شاءت، وتدفيعها ثمن غطرستها وجبروتها، بعد عقود طويلة من الاستفراد بالعالم دون منازع.