فيينا / الأربعاء 21. 08 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
مع مساعي زيادة الإنتاج خلال السنوات المقبلة، تحتاج صادرات النفط العراقي إلى منافذ جديدة، سواء من خلال خطوط الأنابيب، أو من خلال طرق مختلفة يمكنها من خلالها الوصول إلى وجهاتها حول العالم.
وفي هذا الإطار، يوضح الباحث والخبير في مجال الطاقة الدكتور دريد عبدالله، أن بغداد، خلال الـ97 عامًا الماضية، منذ تفجر نافورة النفط للمرة الأولى من حقول كركوك في عام 1927، وصولًا إلى منتصف العام الجاري 2024، كانت لديها 8 خطوط أنابيب.
جاء ذلك خلال مشاركة عبدالله في حلقة من برنامج “أنسيّات الطاقة”، عبر مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، التي قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، بعنوان “العراق.. مستقبل إمدادات الطاقة بين الفرص والتحديات ودور دول الخليج”.
وبحسب الخبير، فإن هذه الأنابيب كان بعضها باتجاه البحرَيْن الأحمر والمتوسط، بطول إجمالي ضخم يتجاوز 8 آلاف و500 كيلومتر، وكانت تتضمّن 25 محطة ضخ، بقدرة قصوى بلغت 5 ملايين برميل يوميًا، وذلك بين خمسينيات القرن الماضي وعام 1990.
صادرات النفط العراقي عبر الأنابيب
قال الباحث والخبير في مجال الطاقة الدكتور دريد عبدالله، إن بغداد خلال الخمسينيات والسبعينيات وصولًا إلى عام 1990 كانت تملك نحو 6 خطوط أنابيب تمر منها صادرات النفط العراقي، وكانت تملك القدرة والحركة على تصدير كميات كبيرة.
وأضاف: “الأنابيب الـ6 كانت تعمل بقدرة تبلغ نحو 4.3 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل 1.5 ضعف إنتاج النفط في العراق في ذلك الوقت، ولكن الواقع يقول إن الخطوط التي كانت فعالة بصورة حقيقية كانت 3 أنابيب، وهي جيهان كركوك، والمعجز، والأنبوب السعودي العراقي”.
وأوضح الدكتور دريد عبدالله أن الأنبوب السعودي العراقي جرت مصادرته في عام 2001، ولم يعد باقٍ سوى أنبوبين، بقدرة تبلغ نحو 1.5 مليون برميل يوميًا، أي أن هذين الأنبوبين يمكنهما تلبية نحو 40% فقط من صادرات النفط العراقي.
المشكلة في العراق الآن، وفق الخبير، أن الأنبوبين لم يعملا منذ عام 2014، منذ دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى الموصل وحتى اليوم، إذ بدأت وزارة النفط منذ يوليو/تموز 2023 أعمال الصيانة لهذين الأنبوبين، وتطوير محطات الضخ لهما.
ولفت إلى أن خطوة صيانة الأنبوبين ومحطات الضخ فيهما، تُعد خطوة مهمة، إذ إن 1.5 مليون برميل يوميًا من صادرات النفط العراقي كركوك إلى تركيا ستساعد في تطوير إنتاج البلاد في الوقت الحالي ومستقبلًا.
وتابع: “الأمر الأهم، أنه لا توجد خيارات أخرى متاحة، فالبدائل كلها صعبة التحقيق، وهناك بدائل بدأت وزارة النفط العراقية تنفيذها، ومنها (الأصعب) خط أنابيب البصرة-جاسك-كوهيه الإيراني، الذي يخرج من حقول البصرة باتجاه الشرق إلى منطقة كوهيه شمال الأحواز”.
وبحسب الدكتور دريد عبدالله، فإن طول هذا الأنبوب يبلغ نحو 350 كيلومترًا، ويرتبط مع الأنبوب الرئيس للنفط الإيراني من البصرة، من كوهيه الإيرانية حتى جاسك، وهو ميناء على خليج عمان، أي أنه يمكن ضخ صادرات النفط العراقي من خلاله بمقدار 500 إلى 800 ألف برميل يوميًا.
مشروع الأنبوب الإستراتيجي
قال الخبير في أسواق الطاقة الدكتور دريد عبدالله، إن المشكلات السياسية والتعقيدات المالية أدت إلى أن يصبح مشروع الأنبوب بعيدًا، والآن يفكر العراق جديًا في تطوير أنبوب إستراتيجي، يربط الجنوب العراقي المتخم بالنفط، وحقول الجنوب جميعها بالوسط والشمال، ويسمى الأنبوب الإستراتيجي.
وأكد أن هذا الأنبوب جرى بناؤه في منتصف السبعينيات، واحتاجت وزارة النفط العراقية الآن إلى تطويره، بإضافة أنبوب ثانٍ أضخم منه، من البصرة باتجاه منطقة تُسمّى “حديثة”، تستعمل لتوزيع النفط العراقي بين الشمال والشرق والغرب، وقد بدأ العمل على تطويره منذ 3 أشهر، ويمكن أن يكتمل خلال العام المقبل.
وأوضح الدكتور دريد عبدالله أن فكرة وزارة النفط هي زيادة الضخ باتجاه الشمال، أي باتجاه كركوك، ومنها إلى الخط العراقي التركي حتى ميناء جيهان التركي، وهذه هي الإستراتيجية الرئيسة للوزارة خلال السنوات الـ3 المقبلة.
وأضاف: “الفكرة الرئيسة عبارة عن تقوية صادرات النفط العراقي أو زيادتها من البصرة والجنوب عمومًا، باتجاه الشمال، وإيصال هذه الصادرات إلى كركوك، ومن ثم ربطها بالأنبوب العراقي التركي، الذي يخضع للصيانة في الوقت الحالي”.
وخلال الأشهر الـ3 المقبلة، من المتوقع بدء التشغيل الأولي في الأنبوب، وهو أمر مفيد؛ لأن هناك فكرة يدور حولها الكثير من اللغط، وهي إنشاء أنبوب يصل إلى ميناء العقبة الأردني، من خلال ربطه بالأنبوب الإستراتيجي العراقي، ومن ثم باتجاه الحدود العراقية الأردنية، ومن ثم إلى شمال مدينة عمّان، بقدرة 1.5 مليون برميل يوميًا.
وردًا على سؤال من مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، بشأن نوع الخلاف داخل الحكومة العراقية حول أنبوب البصرة-العقبة، قال عبدالله إن الخلاف سياسي أكثر من كونه تقنيًا، إذ يمكن من خلال العقبة أن تذهب صادرات النفط العراقي مباشرة إلى إسرائيل.
ومن ثم، وفق الدكتور دريد عبدالله، يمكن أن يشتري الإسرائيليون صادرات النفط العراقي، مثلهم مثل بقية المستثمرين، ولا تسمح وزارة النفط ممثلة في شركة “سومو” إلا بالبيع إلى ملاك المصافي، والمصفاتان الموجودتان في إسرائيل ملاكهما ضمن القائمة السوداء.
بمعنى، أنه لا يمكن الآن ولا في المستقبل القريب أو البعيد، ولا حتى في الماضي، بيع النفط العراقي مباشرة من شركة سومو ولا من وزارة النفط إلى أي جهة خاصة أو عامة داخل إسرائيل، وفق ما قاله الخبير الدولي.
صادرات نفط كردستان إلى إسرائيل
ردًا على سؤال من خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، بشأن صادرات نفط كردستان إلى إسرائيل وطريقة بيعها هناك، قال الخبير في أسواق الطاقة الدكتور دريد عبدالله، إن هناك تعقيدًا يجب أن يعرفه الجميع، وهو أن النفط في إقليم كردستان يُباع من خلال لجنة تُسمّى “اللجنة الخماسية”.
وأوضح أن هذه اللجنة موجودة في تركيا، وتبيع النفط إلى أي جهة، لذلك هناك مشترون غربيون وشرقيون ومن مختلف الجنسيات، وبصورة خاصة شركات تجارة النفط، وهذه الشركات -لأن النفط الكردستاني من النوع الرديء- تحاول خلطه بأنواع أخرى من النفوط في إسرائيل.
وبعد خلط هذه النفوط، بحسب الدكتور دريد عبدالله، يجري ضخها باتجاه ميناء إيلات، إذ يبدأ تصديره من هناك على متن ناقلات النفط، وهذه هي الفكرة الرئيسة، وخلال المدة بين 2017 و2022، كان ملاحظًا أن صادرات النفط الكردستاني لإسرائيل تبلغ نحو 500 ألف برميل.
وأضاف: “هذا رقم ضخم، كون إسرائيل لا يزيد استهلاكها اليومي على 200 ألف برميل فقط، وجزء كبير من هذا الاستهلاك عبارة عن منتجات نفطية مكررة قادمة من الولايات المتحدة والهند، وأنا أرى أنه من غير الممكن أن تذهب صادرات النفط العراقي إلى المصفاتين الموجودتين في إسرائيل”.