السيمر / فيينا / الخميس 09 . 04 . 2020
أياد السماوي
في التاسع من نيسان من كلّ عام تعود ذاكرة العراقيين إلى ذلك اليوم الذي سقط فيه صدّام ونظامه , لتستذكر ذلك المشهد التأريخي الرائع الذي سقط فيه صنم العراق الأكبر لتدوس عليه أقدام العراقيين .. ففي مثل هذا اليوم قبل سبعة عشر عاما سقط أعتى نظام فاشي ودموي عرفته البشرية في تأريخها الحديث .. وفي مثل هذا اليوم سقط رمز من رموز الظلم والجور والقتل .. وفي مثل هذا اليوم انتهت حقبة البعث المظلمة وانتهت معها دولة المنظمة السرّية ودولة الجريمة المنظمة .. وفي مثل هذا اليوم ولّى وإلى الأبد صدّام وعزّت الدوري وعلي كيمياوي وعبد حمود والمعتوه عدي .. وفي مثل هذا اليوم سقطت عصابة البعث المجرمة وسقط معها نظام القتل والتدمير والاغتصاب والاغتيالات .. وفي مثل هذا اليوم لم يعد لأحواض التيزاب وجود لتذاب فيها أجساد المناضلين والمجاهدين .. وفي هذا اليوم كشف النقاب عن مقابر النظام الجماعية وجرائم البعث المجرم بحق الشعب العراقي .. وفي مثل هذا اليوم لم يعد أبن تكريت أو الرمادي محافظا أو مديرا للأمن على البصرة والسماوة والناصرية وكربلاء والنجف .. وفي مثل هذا اليوم اكتحلت عيون الأمهات والزوجات اللواتي فقدن أبنائهن وأزواجهن في أقبية سجون صدّام ومقابره الجماعية .. وفي مثل هذا اليوم بكى أيتام البعث من الرفاق والرفيقات بدموع من دم على رحيل صدّام وعدي وقصي وعلي كيمياوي وبرزان وأخوته .. وفي مثل هذا اليوم استعاد الإنسان العراقي كرامته وحريته ولم يعد لأحد أن يجبره للانتماء لهذا الحزب أو ذاك .. وفي مثل هذا اليوم أسدل الستار في العراق وللأبد على حكم أبناء القرية .. وفي مثل هذا اليوم بدأت رحلة العراقيين مع أحزاب الفساد والانحطاط والجريمة المنظمة …
ففي مثل هذا اليوم بدأت حقبة جديدة في تاريخ العراق والعراقيين .. حقبة لا تّقل مأساة ومعاناة عن حقبة نظام البعث المجرم .. ففي مثل هذا اليوم بدأت رحلة العراقيين مع أحزاب الفساد والانحطاط والجريمة .. ففي الوقت الذي كانت فيه آمال العراقيين وعيونهم تتطلّع إلى نهاية حقبة معاناتهم مع نظام القتل والإبادة , من خلال نظام جديد يستطيع فيه الإنسان العراقي ممارسة حقّه في الحياة الحرّة الكريمة وحقّه في في التعبير عن رأيه واختيار من يراه صالحا للحكم .. يفاجئ العراقيون بمجموعة من العصابات الشيعية والسنيّة والكردية تسطو على الحكم بمساعدة العاهرة أمريكا .. عصابات لم يرى العراقيون مثيل لها في الفساد والانحطاط والجريمة .. ففي مثل هذا اليوم بدأت رحلة السقوط والانحطاط الأخلاقي والمجتمعي .. لقد استطاعت هذه العصابات المنظمة أن تنتزع من العراقيين الذين قاوموا الظلم والديكتاتورية وقدّموا عشرات الآلاف من الشهداء قربانا على مذبح الحرية , إنسانيتهم ودينهم ووطنيتهم وحبّهم لبلدهم وشعبهم , وجعلت منهم مجرمين وقتلة ولصوص , حتى أصبح العراقي بسبب انتمائه لهذه العصابات الطائفية المجرمة مستعدأ لقتل أخيه العراقي من دون أي سبب .. وسيطرت على مقدرات البلد عصابات ومافيات تحت مسمّيات طائفية وقومية برعت في نهب وسرقة المال العام وقتل كلّ من يقف بوجهها .. واصبح المال العام نهبا لهذه العصابات وقياداتها المنحطة دينا وسلوكا .. فبعد سبعة عشر عاما من سقوط نظام الطاغية صدّام .. ها هو العراق يتحوّل إلى رماد وركام وينعدم فيه الأمن وتنتشر فيه الجريمة والفساد والمرض والجوع والتخلّف والبطالة .. ويتراجع فيه الحس الوطني وتنحدر فيه الأخلاق والقيم والمبادئ .. لقد سرقتم وسلبتم منّا فرحتنا بسقوط الديكتاتورية .. سلب الله أعماركم جميعا …
في التاسع من نيسان الخالد / 2020