كان المنتظر من مصطفى الكاظمي أن يكون صريحاً مع الشعب، أن يقف في المفاصل المهمة فيكشف الحقائق لما يدور في الغرف السرية مع قادة الكتل السياسية. وكان المتوقع أن يصرّ على رفضه الإملاءات والضغوط.
كنتُ متفائلاً في أيامه الأولى، وكان سبب التفاؤل أنه بدأ بالمصارحة والكلام المكشوف، لكنه تخلى فجأة عن ذلك، وأنتقل الى درب رؤساء الوزراء السابقين، يفعل ما فعلوا ويخطو نفس خطواتهم.
اختيارات بائسة، تعيينات مخيّبة، تدوير للفاسدين، واستجابة مفتوحة لما يطلبه برهم صالح وعمار الحكيم ومقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي وهادي العامري ومسعود البارزاني.
كيف يمكن أن نتوقع تحسن الحال ولو بخطوة واحدة، إذا كان أصحاب القرار هذه المجموعة من المتحكمين بالمشهد العراقي بما عليهم من ملفات وفساد وتجاوزات؟
كانت حقبة فاسدة عندما كان رؤساء الوزارات السابقة من إسلاميي السلطة. ومع الكاظمي الليبرالي بدأت حقبة جديدة تحفظ الخيبة السابقة، وتزيد عليها أكوام الضعف والتدهور والتفكك.
جاءت الى الكاظمي فرصة التاريخ لكي يصنع يوماً شاخصاً في العراق، يكون بداية التصحيح والعلاج والبناء، لكنه فرّط بالفرصة في ساعاتها الأولى، فتكشّفتْ الأيام المقبلة سريعاً، حيث بانت طلائعها ترفع البؤس والتدهور والضياع أمام أنظار العراقيين.
كل الجهات منتفعة من الكاظمي. كل الأطراف أمسكت مفاتيح العراق. سيكون الانهيار سريعاً. لن يراجع رئيس الوزراء نفسه، وضع قدمه على الطريق الخاطئة مثل السابقين، وقد أقنع نفسه بأنه يختلف عنهم.
فرصة نادرة قبضها الكاظمي لساعة واحدة، ثم أفلتها.
٩ تموز ٢٠٢٠