السيمر / فيينا / الاربعاء 29 . 07 . 2020
سليم الحسني
فئة من الناس يغلي الدم بعروقهم حين تنكشف سرقات معمم يستغل موقعه. تثور فيهم مشاعر الحرص على المرجعية والمراجع، يتنادون من كل زاوية لمواجهة الحرب على المرجعية كما يزعمون.
لكن هؤلاء يتحولون الى قطع خشبية جامدة، عندما يجري النيل من المرجع الشهيد السيد الصدر، فخر المرجعية والحوزة والشيعة.
يلتزم هؤلاء بصمت الحجارة عندما يمرّ الكلام بالطعن على أستاذ الفقهاء وأكبر مراجع الدين المعاصرين، وأحد أعلام الشيعة عبر التاريخ، وهو السيد الخوئي.
عند هؤلاء، الحاشية هي المرجعية وليس المرجع. إنهم يفضّلون الوكيل الثري على المرجع الزاهد.
في زمن بني أمية ابتكر الحجاج بن يوسف الثقفي شعاراً ماكراً، ثبّت به موقع بني أمية، واعتمدوه منهجاً في تضليل الناس وصناعة جماعات بشرية تابعة مطيعة عاجزة عن التفكير.
ففي هجومه على مكة المكرمة وحين وجد أن جيشه أصابه التردد لأن أمامهم الكعبة المشرفة التي يستقبلونها في صلاتهم. تحرّك الشيطان في رأسه، فأطلق قوله: (خليفة المرء أكرم من رسوله) لقد حاكاهم بعقولهم، فرئيس القبيلة حين يستخلف أحداً مكانه، فهو أكثر منزلة وكرامة من الرسول الذي حمل اليه البريد بتعيينه خليفة له وممثلاً عنه.
بشعار الحجّاج الثقفي هذا، صار الخليفة الأموي أفضل من رسول الله، فالخليفة هو خليفة الله، بينما النبي رسول الله. والتزم جيش الحجّاج بهذه العقيدة الضالة، فتسابقوا يرمون الكعبة بالمنجنيق ويستبيحون أهلها، لأنهم يمتثلون لأمر الخليفة.
يروي التاريخ أن العديد من قادة الجيش الأموي الذين شاركوا في قتل الحسين عليه السلام، وشاركوا في استباحة المدينة ومكة وغيرها من الوقائع، كانوا يبكون حين يحضرهم الموت، خوفاً من تقصيرهم في طاعة الخليفة الأموي. وتذكر كتب التاريخ أن بعضهم كان يردد وهو على فراش الموت: (إلا الطاعة، إلا الطاعة) أي أنه يخاف من عقاب الله يوم القيامة لأنه قصّر في طاعة الخليفة، فكل ذنب هيّن يغفره الله، إلا طاعة الخليفة، فالتقصير فيها لا يُغتفر.
صنع الأمويون عقيدة عدالة الصحابة، ومنها صار الصحابي أفضل من الرسول، فقد عطلّوا سنة الرسول (ص) والتزموا أقوال الصحابي.
وصنع الأمويون عقيدة طاعة الخليفة، واقنعوا بسطاء الناس بها، فصاروا يطيعون الخليفة ويعصون الله.
كان ذلك منهجاً معتمداً من قبل الأمويين وسار عليه الحكّام من بعدهم دولة بعد دولة، واستغل المنهج البارعون في الخداع والتضليل، فدسوه في أذهان البسطاء من الشيعة، فصاروا يرون الوكيل هو المرجع. ووصل الحال أنهم يسكتون على تشويه سمعة المرجع الكبير صاحب المواقف والعطاء، وينتصرون لوكيل يستغل اسم المرجع وعنوانه ويشوّه سمعته من خلال ممارساته.
زالت دولة بني أمية، وبقي منهجها مستمراً. فهناك فنّانون بارعون يريدون للمنهج المخادع أن يبقى. وهناك جماعة بشرية تأنس بالخديعة، وتشعر بالاستقرار والهدوء حين تكون ساذجة بسيطة، فالتفكير مُتعب، والإرادة مرهقة.
٢٥ تموز ٢٠٢٠