السيمر / فيينا / الثلاثاء 11 . 08 . 2020
٥. إغتيال قادة النصر كان حدثا فارقا . والموقف من الجريمة أدى إلى حصول إفتراق حاد بين الفريقين .
الجريمة دفعت الفريق الثاني للإصرار على طرد الأمريكان من العراق رافعين شعار :
(ما بعد المهندس وسليماني لن يكون كما كان قبلهما ) .
– في المقابل ، الفريق الأول كان مستعداً لغض النظر عن الجريمة والمضي قدما بالعلاقة مع الأمريكان بإعتبارهم أمرا واقعا مقبولاً ، يمكن التعايش معه وإستثمار إيجابياته .
٦. التعلق بفكرة ظهور الإمام المهدي
ترك أثراً في الرؤية السياسية للفريق الثاني .
فهم يرون أن ظهور الإمام المهدي أصبح حدثا وشيكا ، ويضعون لهذه الفكرة إعتبارا – ليس في خطابهم فحسب – بل في خططهم وعلاقاتهم ورؤيتهم الستراتيجية .
– يشاركهم في هذا الإعتقاد حلفاؤهم الثوريون في إيران ولبنان والبحرين وبلاد أخرى ، مما يعطي تلاحمهم -كمحور – زخماً معنوياً كبيراً ويخلق في نفوسهم أملاً بالنصر وثقةً بالنفس .
– هذا التبني جعلهم في قبالة (الإنجيليين) داخل امريكا ، والذين يصرون على صياغة سياسة بلدهم بما ينسجم مع نبوءة العودة الوشيكة للمسيح – حسب زعمهم .
بيد أن الانجيليين هم أكثر صراحة وتشدداً وجديةً ، ولا يشعرون بالحرج من التصريح بمعتقداتهم والإلحاح في ترجمتها إلى منهج سياسي يدخلون لأجله الحروب ويخططون لعشرات سنين مقبلة – دون أن يتهمهم أحد بالرجعية أو الطائفية .
– يقول جوناثان كوك :
(كان بومبيو صريحاً وواضحاً إزاء معتقداته الإنجيلية منذ ما قبل دخوله الحكومة، ففي عام 2015 أعلن أمام جمع من الناس:
“إنه نضال لا يتوقف … إلى أن تتحقق النشوة. فكونوا جزءاً منه، كونوا في صف المقاتلين.” ) – المصدر https://m.arabi21.com/Story/1193631
– في المقابل يستبعد الفريق الأول من الشيعة موضوعة الظهور تماما من حساباته السياسية ويعتبرها مسألة غيبية ، لا يصح معاملتها كأمر محتمل الحدوث ، بل هي فكرةٌ مثالية بعيدةُ عن التحقق في زماننا .
وهم قد بنوا فهمهم للأحداث ورؤاهم السياسية ، على إعتبارات واقعية ومادية بحتة ، تتضمن عزل الرؤى الدينية عن السياسة ، ومن ذلك شطب فكرة الظهور تماما .
~~~~~~~~~
💠 الخلاصة : وفق الإعتبارات السابقة يؤمن الفريق الثاني أن امريكا وحلفاءها باتوا على قناعة تامة بوجوب عرقلة أية نهضة شيعية في العراق . فالشيعة شكلوا تحديا مزعجا لمخططاتهم .
– كما ينظرون بواقعية تامة لكون الأمريكان مصرين ليس على عرقلة الشيعة فحسب ، بل على إقصائهم تماما من إدارة العراق.
– فهم قد جربوا بعد ٢٠٠٣ إستمالة الشيعة لصفهم ، لكنهم فشلوا ، وتغلبت قوى شيعية ممانعة على المشهد ، وهيمنت على الواقع السياسي ، وبقيت فارضةً هيمنتها إلى حد قريب ، وقد عرقلت هذه القوى أهم المشاريع الأمريكية في العراق . .
. . وقد رد عليهم الأمريكان بقسوة عبر إضعاف مؤسسات الدولة وعرقلة النهوض وتشجيع الإرهاب وإفشال الحكومة في الملفات الخدمية كالكهرباء والصحة وغيرها.
– اليوم لا يبحث الأمريكان عن شيعة نزيهين ، مهنيين (حبابين) كي يدعموهم لاعادة بناء العراق .
– بل يبحثون عن واجهات شيعية تصلح لتمرير خططهم التي فشلت بالسابق .
– ومن المرجح أنهم رسموا لهذه الواجهات الشيعية أمداً محدوداً لعبور هذه المرحلة الإنتقالية ، قبل رميهم والمجيء ببديل جدّي.
– إذ أنهم آمنوا تماماً بلزوم تسليم الإدارة الفعلية للعراق إلى السنة والبعثيين ، فهم أكثر طواعية وقدرة على القبول بمطالبهم ومنها معاداة ايران والتطبيع مع الدويلة العبرية.
– قرار إقصاء الشيعة لا رجعة فيه.
– السلاح المعنوي الذي يمتلكه الأمريكان في مشروعهم هذا لإقصاء الشيعة هو (فساد الأحزاب) و (الفشل الاداري) و (رفض الشارع) الذي عبرت عنه الإحتجاجات ، و ( غضب المرجعية الدينية ) .
– أسلحة يعتقد الأمريكان أنها كافية لمنحهم الغطاء المعنوي اللازم للمضي في إنقلابهم.
– على أرض الواقع : هم شرعوا بتنفيذ الإنقلاب في نظام الحكم كله .
فقد إبتدا التغيير عند منصب رئاسة الوزراء ، وهم ماضون بخطى حثيثة نحو إزاحة كامل الطبقة السياسية الشيعية مع اعتناء خاص بالمناصب الأمنية.
– وهم حاصلون على دعم أطراف شيعية :
١. بعضهم عملاء خاضعون لارادتهم.
٢. وبعضهم تبنوا أطروحة الفريق الأول .
٣. وبعض من الحالمين ينظر حصرا إلى ضرورة إزاحة الأحزاب الفاسدة ، وهو حلم لن يتحقق -حسب ظنهم- الا بقوة الأمريكان .
٤- بينما يرمي البعض الآخر بالإعتبارات الوطنية وراء ظهره ، ويركز على خلافه مع النموذج الإيراني كمنافس آخذ بالتمدد معنويا في الساحة الإسلامية عموما ، والعراق بوجه الخصوص .
المعمار
تحليلات في الشأن العراقي- الشيعي