السيمر / فيينا / الاحد 23 . 08 . 2020
محمد جواد الميالي
كل الأفكار التي تؤثر على العالم يكون مصدرها الدول العظمى، متحكمة بتوجيه العقل البشري، وهي ليست عشوائية او تلقائية بل تخضع لدراسات مختصة، لتعلم جيداً كيف تخلق فجوة مبهمة، بين المتهم وبين الضحية، لتكون أصابع الإتهام موجه دائماً بعيدا عنهم، لكنها مباشرة بإتجاه العدو الحقيقي للمتهم.
أكثر الشعوب عرضة لهذا التنويم المغناطيسي، هي تلك التي تأمل بأن تعيش حياة مستقلة، تسودها العدالة والتعاون والسلم بين الجميع، لذلك تكون سهلة الأنقياد تحت سلطة الأنظمة الشمولية وأنحرافاتها، التي تكون مهيئة أساساً لتهديم كل قواعد تطور المجتمع من القيم المثلى القدوة و الأسرة، لتخلق جيلا متهالكا على هيئة مواطنين، داخل دولة منهارة سياسيا، وبالتالي نقص الخدمات وضياع الحقوق وعدم وجود الأمن، يسهل على المتهم الأول أن يخلق أحتجاج، يرسمه الإعلام على أنه تظاهرات عارمة ضد الدولة، ويصور للعالم على أنها ثورة جياع ضد الإسلام السياسي، وعدم قدرته على قيادة النظام.
السؤال الأهم هل حقاً الإسلام السياسي لا يصلح لقيادة الحكم؟ أم أن المتهم الحقيقي يخلق هذا التظليل تجاه فئة معينة، لا يريد لها أن تكون مشاركة في السياسة؟
الحكم الإسلامي يختلف في تطبيقه بين أوطان الشرق الأوسط كالإمارات العربية، السعودية والبحرين، التي تعتمد الإسلام السني في الحكم، مع نظام الملوكية الذي تنتقل به السلطة بالوراثة، وأضطهاد للمكونات الدينية الأخرى في الشعب، وخاصة المكون الشيعي.. وعدم السماح بأن يكون لهم أي تمثيل في قرارات الدولة. “هي دكتاتورية من نوع آخر” أما الدول الجمهورية كالعراق ولبنان، فإنها تعتمد على نظام ديمقراطي، يتيح للجميع أن يكون له قدم مشاركة في منظومة إدارة الدولة، لكن الغريب أن الماكينات الإعلامية، لا تقترب من أنظمة الحكم في الأوطان التي تكون راضخه للكيان الصهيوني، وتعترف به دولة على حساب فلسطين المحتلة، كما يحدث في السعودية، البحرين والإمارات، لكنه دائماً ما يسارع إلى أن ينتقد بشدة، أنظمة الحكم التي يكون للشيعة دور فيها.. فلماذا الشيعة؟!
ما يحدث حقاً أن الإعلام يحرف الحقيقة من المتهم الأول إسرائيل إلى العدو الأول والأخير لهذا الكيان وهم الشيعة، هذا العداء الأزلي مازال ينبض في قلب الصهاينة خوفاً من الروافض، لذلك كلنا نعلم أن ما حدث من طائفية، وسيارات مفخخة إلى داعش، كلها بتخطيط صهيوني وتنفيذ أخوة العروبة..
كل ذلك لإفشال الديمقراطية في العراق، لأن نجاحها سيفتح أعين الشعوب القابعة تحت الدكتاتورية الملوكية في الخليج العربي ويهدد النظام فيها، إلا أن فجوة الإعلام نجحت نوعا ما في أن تخلق تغييبا لفكر الشباب العراقي الشيعي، فنجد أن بعضهم بدأ يطالب بأن نضع الأيادي مع إسرائيل، ونسير على خطى الجامعة العبرية بالتطبيع، فهم متناسين كل هذه الدماء وأجساد الأطفال التي سقطت لتقوم دولة الأحتلال، وآخرها أنفجار مرفأ بيروت..
للأسف بازار المصالح سيجر العديد من الدول إلى إعلان عمالتها وزواجها اللوطي من الكيان المغتصب، أما القدس فستكون في طي النسيان، وسيأتي الصباح الذي نجد في كل العرب هم مجرد خدم تحت أقدام حاخامات الكيان، عندها سيحققون نبؤتهم بأنهم شعب الله المختار، وأن العرب مجرد عبيد لديهم..