الرئيسية / مقالات / كفُّ العباس أم كفُّ قاسم؟

كفُّ العباس أم كفُّ قاسم؟

السيمر / فيينا / الأثنين 16 . 08 . 2021 

سليم الحسني

كفّكَ هذه المقطوعة أم كفّ العباس؟ الخاتم نفس الخاتم، والمكان نفسه كربلاء، قرب المطار. على شاطئ العلقمي. وشظايا الحقد الشيطاني تملأ المكان. هي كربلاء أعرفُها وهل يخطئ المحارب أرض المعركة؟ هل ينسى الجريحُ نزفه؟ أتغيبُ الطفُّ عن عيون القلب؟
شهدتُ كربلاء أول مرة ورأيتُ الحسين يعانق العباس. وشهدت كربلاء آخر مرة، وكان قاسم يعانق الجمال، وفيهما وقفتْ زينب تخطب.
كان العطش يذبحني، وكان الخوف يهزني. كفٌ سقتني شربة ماء، وأخرى مسحتْ الخوف من قلبي. نفس اللمسة على شفتي وصدري. فما عدتُ أعرفُ أهذه للعباس أم كفّ قاسم؟
في المرة الأولى جاء الأمر من القصر بقتل الحسين وقاسم. في المرة الثانية جاء الأمر من القصر بقتل العباس وجمال. القصر هو القصر، حرس وحقد ونار. والحاكم نفس الحاكم، طائش مغرور أهوج. والقاتل يكرر فعلته بقطع الذراع.

كفّكَ هذه المقطوعة يا عباس أم كفّ قاسم؟

قربة ماء ينتظرها العطشى، ثقبها سهم أمويّ غدّار. قرآن تتلو أوراقُه آياته، مزّقه وحشيٌ مجنون. خفافيش تجوب الفضاء. يزيد يرافق ترامب، يمشي معه كتفاً بكتف. أشباح تتخفى وراء التل ووراء الجدار. نار بدخان أسود، خيام محروقة، أو مركبة حديد. ظلام حالك، هو عتمة الليل أو كسوف الشمس أو إغماضة مغدور. صوت عميق من بعيد: انكسر ظهري. والكفُّ على التراب والخاتم في الأصبع حزين. إنها كربلاء هذه ملامحها، وهذا صوت الحسين، لكن الكفُّ لمن؟
أرسلتُ روحي تتلمسها، فللروح حاستها الخارقة. لم ترجع الروح لي، حملتْ الكفّ في أحضانها، وجاءت جموع تتلو جموعاً، تشيّع قتلى كربلاء.
صارت الكفّ شعاراً. قبضة غاضبة تهتز منها جبال الأرض. رفعتْ رايةً تموج عليها الريح. خطّتْ على الأفق حروف الحسين. فعرفتُ أنها كفّ قاسم والعباس.

١٥ أغسطس ٢٠٢٠

اترك تعليقاً