السيمر / فيينا / الخميس 25 . 11 . 2021
تبدو القيادة السعودية أكثر إهتماماً من العراقيين أنفسهم في الترويج المبكّر لفكرة إستخلافِ السيد السيستاني.
وهو ما عكسه الإعلام السعودي من خلال كتابات ولقاءٍ متلفز تعمدوا فيها إظهار الإرتياح لنبأِ تصدي الشيخ الإيرواني للمرجعية.
… الأمر الذي يظهر مدى إهتمام الأطراف الخارجية (المعادية منها بالخصوص) بمن سيتصدر المشهد الشيعي في النجف الأشرف وإستكشاف توجهاتِه، ومساعيهم للتأثير في اختيار الخليفة، لما لذلك من إنعكاس كبير على الوضع السياسي في المنطقة.
▪️تعقيدات المشهد العالمي والاقليمي والمحلي قد ألقت بظلالها على موقع المرجعية الدينية…
كما ان تدخّل السيد السيستاني في القضايا السياسية قد فرض على المرجع الذي سيخلفه أداء دورٍ يتخطى الدور النمطي الذي لعبه المراجع السابقون.
▪️مع كل التغيرات الكبيره التي حصلت في العالم والتي اثرت على دور الزعامة الروحية مما ضاعف مهامّها ، برزت حاجة الفقهاء المرشَّحين للمرجعية إلى إمتلاك خبراتٍ إداريةً تمكنهم من التولي المباشر لشؤون المرجعية وإمتداداتها العالمية، بلحاظ الجدل الكبير الذي أُثِير عن دور الأبناء والوكلاء في الإمساك بالسلطة الفعلية، ورسم السياسات بما يتخطى حدود التوكيل.
هذه الضرورة تستلزم إشراك الفقهاء الكبار في مباحثات مكتب المرجع الأعلى وأخذ مشورتهم في جميع القرارات التي تخصّ الشأنَ العام، وإطلاعهم على دقائق الشؤون المرجعية، كي يصبح الزعيم الجديد قادرا على ملئ الفراغ فوراً دون أن تتعرض قراراته للإرباك.
▪️لا تنطبق هذه الرؤية على الوضع الحالي، فقد بقيت الشخصيات الكبيرة المؤهلة للتصدي معزولةً إدارياً عن غالبية شؤون المكتب.
مما يعني أن المرجع القادم سيكون مضطراً للإستعانة بطاقم المكتب الحالي لإدارة شؤون المرجعية في هذا الظرف المعقد
.. الأمر الذي سيعزّز فرصَ إستمرار الزعامة القادمة على النهج الذي سارت عليه زعامة السيد السيستاني – خصوصاً في الملفات الخارجية والسياسية التي تنطوي على تعقيدات كبيرة .!
▪️أكثر من ذلك: يتوقع السعوديون وأمثالهم أن الشيخ الأيرواني يميل للعودة بالمرجعية إلى وضعها التقليدي المبتعدِ عن السياسة تماماً ، بعد جدلٍ لم يُحسم لغاية اللحظة عن أرجحّيةِ نهج السيد السيستاني في التدخل الإنتقائي، وما يعتقده بعضُ الفقهاءِ أنه كان إقحاما للمرجعية في ملفاتٍ لم تؤتِ ثماراً نافعة، بل جعلت مكانتها عرضةً للخطر.
▪️ هذه النقطة بالذات تحظى بإهتمام القوى الخارجية.
.. فبقدر ما أزعجهم وُجودُ مرجعِ للشيعة لم يعثروا له على زلّةٍ (كالسيد السيستاني) نظراً لعقلانيّتِه وسلميته والزهد والعفاف الذي يعيش به هو وأسرتُه ..
.. بقدر ما ينظرون إلى إيجابيات الحفاظ على نهجِهِ البعيد عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعدم دعمه إستعمال القوة في مقاومة الإحتلال.
▪️عملياً – لقد إستفادت السعودية من هذه الميزة .. إذ لم يصدر عن النجف الأشرف أي إدانةٍ لحربها الظالمة على اليمن، ولا لقمعها الشيعة داخل المملكة، وإعدامها الناشطين المدنيين وعلماء الدين.
وكذا الأمر مع البحرين وما يجري فيها من قمعٍ وإجرامٍ بحق الأغلبية الشيعية.
▪️وهم يدركون أن ثباتَ النجف الأشرف على هذا النهج، وبقاء دورها الريادي في العالم الشيعي، سيبقيها عاملَ تحجيمٍ يحدُّ من إتساع النهج المقاوم الذي تتبناه قيادةُ الجمهورية الإسلامية وحلفاءُها بالمنطقة، والذين يعرقلون المشاريع الأمريكية ويقضّون مضاجع الكيان الغاصبِ بصواريخهم وصمودهم ورفضهم الخضوعَ والإستسلام.
٢٥ -١١ -٢٠٢١
المعمار
كتابات في الشأن العراقي – الشيعي