السيمر / فيينا / الثلاثاء 12 . 07 . 2022
اسعد عبدالله عبدعلي
لا اتذكر التاريخ بالتحديد, لكن اظنه اليوم الثالث من العيد الاضحى لعام ضاع رقمه مني, كانت القرية تغط بنوم عميق, الا من صور الريس بملابس الحرب, والتي وضعت في كل الشوارع لتبث الرعب بين الناس, كأنه ينظر الينا شزرا, يحاول ان يخيفنا عبر صوره, لا اعلم لماذا لا يضحك في الصور! لماذا لا يكون بشوشا مع الناس ولو عبر صورة!؟ بل يحاول دوما ان يظهر بصورة الغاضب المتشنج! حتى يحترمه الناس, – هكذا يظن – مع ان البلاد هو من جعلها جحيما علينا, واقول كلما شاهدت صورة له: “الا لعنة الله على الريس, وعلى ابن الريس, وعلى ام الريس, وعلى بنات الريس”, لكنه قولا في السر! خوفا ان يسمعني الجدار ويكتب تقريرا في حقي, فاسجن واقتل ويهدم داري.
قد خرجت صباحا طلبا لشراء البيض والصمون, ولحظتها شعرت اني اسكن في قرية اشباح انها شبه مهجورة, يخيل الي ان ليلها خمرا ومخدرات وشجارات بين المخمورين, فالصراخ واطلاق النار يمزق سكون ليل القرية, وكل ما يمكن ان تتصوره من انحراف انساني تجده, فالسلطة تمنح الحرية فقط في كل ممارسة للخطيئة, لا اعلم متى ينتهي هذا الكابوس.
ها هي القرية متعبة بعد ليلة ارهقها السكر, كأن القرية نائمة وهي خائفة بفعل الكوابيس التي تعشعش في راسها, فقط اشاهد العصافير الخالية من صوت الزقزقة وهي تحاول الهروب من سماء القرية, ونباح الكلاب وهي تجتاح الازقة وتعبث بالنفايات, ولا يمكن ان انسى تلك الرائحة العفنة التي تفج الرؤوس, بفعل تراكم النفايات في شوارع القرية.
جاء عامل النفايات يجمع بقايا القرية, قناني الخمر واعقاب السكائر وملابس داخلية ممزقة, كانت عيون العامل تبحث عن الاشياء المكسورة والمهشمة والمتشظية, وقد وجد كتابا يتحدث عن الاخلاق محشورا في قنينة خمر, نظر اليه بحزن ثم رماه بالكيس, وكان الكثير من الكتب بين اكياس النفايات فالناس هجرت القراءة منذ الاف السنين! كان يجد بالبحث عسى ان يجد ورقة نقدية مرمية على سبيل المعروف! لكنه لا يجد الا ما لا قيمة له.
احيانا أتسائل عن سبب توقف الزمن عند عام 1993؟! فالأيام تشابهت علينا, (فالعواهر والقوادين) لهم السطوة, والنفاق هو سر النجاح, والدين والوطنية لعق على اللسان, التعفن مازال ينتشر في كل الشوارع, والنفايات في كل مكان, والريس مازال غاضبا على الشعب, والشعب مستمر بالخنوع والصمت المريب.