السيمر / فيينا / الجمعة 22 من تموز الاغر 2022
مهدي نمر الكناني
هذه الجزيرة بموقعها وتكوينها ،لو كانت في بلد يحب حكامه وطنهم ، لحولوها الى جنة من جنان الارض. فهي عبارة عن قطعة ارض شبه مستديرة،يبلغ قطرها حوالي 500 متر، تحيط بها المياه من جميع الجهات تماما، حيث يحدها نهر الداكير من ثلاث جهات ،
ومن الجهة الرابعة شط العرب.وكان يربطها بشارع الداكير(الكمارك)جسر مقوس ومرتفع، يشبه جسر(هاردبرج) ليسمح للسفن المتوسطة والصغيرة بالمرور من تحته.
ومياه نهر الداكير كانت صافية عذبة، ولطالما كنا نسبح بها ونصيد انواع السمك، واليوم تحولت الى مستنقعات آسنة .
وتتكون المنطقة السكنية فيها من 25 دارا فقط اضافة الى عدد من الدور يمين شارع الداكير. وقد تغير ساكنوا هذه الدور على مر العقود.
وفيها(الدوكيارد) Dockyard (المسفن) لتصليح السفن. ومنه أخذت تسمية المنطقة وحرفت تبعا للسان العربي الى الداكير وهو اقدم واكبر دوك في منطقة الخليج .
وقد بنته وملكته شركة ماكنزي ( .Gray Mac Kenzie Co) الانكليزية سنة 1920.ثم استملكته شركةالموانئ العراقية واسمته المزلق البحري. وكان مديرة شخص انكليزي اسود اسمه هربرت. كما كان يوجد هناك ماكنا نسميه الكودي (الجودي) ،لصناعة السفن المتوسطة والصغيرة (واستوت على الجودي).
ومن اهم المنشئات في الداكير كان ميناء العشار لنقل الركاب. وهو من اقدم موانئ نقل الركاب في المنطقة.وكان ينقل الركاب والبريد بين العراق ودول العالم المختلفة. كذلك كانت ولازالت هناك مديرية كمارك المنطقة الجنوبية. ولعل اهم ماكان يميز المنطقة ،وجود عشرات الوكالات البحرية الوطنية والاجنبية.
قبل ان يصدر قانون(41لسنة 1969) سيء الصيت، الذي اغلق وصادر كل هذه الوكالات ،بحجة العمالة والتبعية للاستعمار. فكان ذلك اول مسامير الفشل في نعش الموانئ العراقية التي تحولت الى موانئ استهلاكية وللأستيراد فقط،ثم جاءت غوارق الحروب لتجعل من شط العرب الى مجرد نهر للقوارب الصفيرةفقط.
من اوائل الاسر والبيوت التي سكنت المنطقة الشيخ عبد العزيز الفالح السعدون ويعقوب وجوزيف بولص.
حيث كانت تجري في حديقة منزلهما كل يوم خميس حفلات موسيقية حتى ساعات الصباح ونحن ننظر اليهم من خلال مشبك السياج الحديدي، فلم يعترض احد من المنطقة على ذلك ،مثلما كان من الجيران من الناس المؤمنين والذي يؤدون فرائضهم في المساجد والحسينيات.وبيت الشيخ نايف السعدون وادور افرام ود. محمد علي باشا (رئيس الصحة) وعبد الحميد الطوخي وجوزيف القس ود. قيصر معتوق (والذي كان لايخرج سوى لعيادته ويعود مع ماتسوقه للاكل ولايخرج الا عصر اليوم الاخر مما اتاح للمهربين ان يأخذوا سيارته الهلمن يوميا للتهريب منتصف الليل ويعيدونها فجرا بعد ان يملاؤها بالوقود. وكان يتباهى بان سيارته لاتصرف وقودا) وبيت مارسيل يعقوب وسيمون كاربيان والتاجر اليهودي الشهير عزرا لاوي ، وبيت عبد القادر السياب وبيت مارو والشيخ مجيد الشيخ خزعل والكويتي جاسم غلوم.
وقد خرج من جزيرة الداكير عدد من الشخصيات التي كان لها تأثيرا بالمشهد البصري والعراقي مثل الاستاذ الجامعي الدكتور يوسف لازم لاعب نادي الطلبة سابقا ورجل الاعمال الاستاذ صادق العلي (ابو داليا)، والخبير الاقتصادي الشهير الاستاذ الدكتور نبيل جعفر المرسومي ،والاستاذ الدكتور صلاح عطية عميد كلية التربية الرياضة سابقا ولاعب كرة القدم المتميز.وكذلك تاجر الدوب المعروف سيد غالب عصفور (والد طبيبة الاطفال جنان غالب). والفنان المرحوم الاستاذ جبار داود العطية .وكذلك المشرف التربوي الاختصاصي الاستاذ كاظم الاسدي/ابو هبة.
ومن اصحاب المعامل والورش كان هناك الاسطى مصطاف التورنجي واولاده والاسطى محمد صالح القرغولي والد لاعب الميناء السابق مهدي محمد صالح. ومحلات سيد غالب وجابر وزير وبيت طليا وعلوة حجي طوينة.ومحل كاظم ماطورجي للادوات الاحتياطية ومعامل تورنة وميكانيك محمد ماجد ومحمد امين. ومقهى حجي حطاب موحي.
واهم مايؤلم في الموضوع ،ان وزارة الثقافة كانت قد استملكت هذه الجزيرة في السبعينيات ودفعت تعويضها للملاك ، لغرض تحويلها الى منتحع سياحي يشتمل على فنادق وحدائق وبحيرات. الا ان ذلك كان كتشكيل اللجان التحقيقية لايتعدى الورق الذي كتب به.
شكرا جزيلا للصديقين العزيزين وصادق العلي والدكتور يوسف لازم، اللذين ذكراني ببعض الاسماء التي ازالتها سنوات العمر من الذاكرة.