الرئيسية / مقالات / السوداني والصدر وقادة الإطار

السوداني والصدر وقادة الإطار

السيمر / فيينا / الأربعاء 27 من تموز الاغر 2022 

سليم الحسني

كانت خطوة انسحاب السيد مقتدى الصدر من البرلمان، واحدة من الخطوات التي تُسجّل له في تاريخه السياسي، فقد ضحى بموقع كتلته الكبير في مجلس النواب، والذي منحه ثقلاً دستورياً مؤثراً لا ينازعه عليه أحد.
انسحاب الصدر أنهى حالة الأزمة المستعصية، وفتح المجال بحرية كاملة أمام الإطار التنسيقي لاختيار مرشحه لرئاسة الوزراء، أي أنه فتح بيده بوابة الحل أمام الجميع، مختاراً التضحية بمكسبه الانتخابي.
وبعد مفاوضات وتفضيلات خاضها قادة الإطار استقر رأيهم على اختيار محمد شياع السوداني بالإجماع كما أعلنوا ذلك رسمياً. وقد جاء اختيار السوداني مطابقاً للدستور والسياقات المتعارف عليها بدون أي مخالفة. وهنا كان المطلوب على جميع الأطراف السياسية احترام هذا الاختيار، بصرف النظر عن تقييم السوداني بين نظرات السلب والايجاب، فهذا يُترك وراء الظهر بعد أن تم الاتفاق عليه. وقد كنتُ شخصياً امتلك ملاحظات عليه وأراه غير جدير بهذا المنصب ولا بهذه المرحلة الصعبة، لكن بعد اختياره يجب النظر الى ما سيقوم به في مهمته الجديدة وفي إدارته للحكومة.
لكن التطور الخطير الذي حصل هو بروز اعتراض السيد مقتدى الصدر على اختيار السوداني، وهو اعتراض سابق لأوانه، فالرجل لم يمارس الحكم بعد. ولم تتضح خطته وبرامجه وطريقة أدائه، وعليه فان رفضه السريع وباللجوء الى الشارع لتهييج الأوضاع لا يتناسب مع التضحية البرلمانية التي قدمها زعيم التيار الصدري.
كان على التيار الصدري أن ينتظر تشكيل الحكومة واختيارات الوزراء، وأن يصبر حتى تظهر ملامح حكمه، وعند ذاك لكل حادث موقف وحديث.
ربما يكون السيد مقتدى الصدر قد استجاب لوجهات نظر متشنجة، وربما جاءته معلومات مُضللة، فلجأ الى الرفض السريع، وما كان ذلك متوقعاً منه بعد أن أقدم على خطوته المهمة في الانسحاب، والتي وضع فيها قادة الإطار في زاوية مُحرجة لا يمكنهم معها تبرير أي خطأ يحدث في حكومة السوداني.
كان السيد مقتدى الصدر على مبعدة خطوة واحدة من تسجيل تجربة ممتازة في الإيثار وفي صناعة الأمل، لو أطال صبره لعدة أشهر بعد تشكيل الحكومة، ففي هذه الحال سيكون النجاح محسوباً له أولاً ثم لقادة الإطار التنسيقي لأنه هو الذي منحهم هذه الفرصة. وإذا جاء الفشل فسيكون هو القارئ البصير بالأوضاع، وصاحب الحجة القاطعة على عجز الإطاريين في الاختيار.
حتى الآن لا تزال الفرصة أمام السيد مقتدى الصدر لمعالجة الموقف، وعدم التفريط بتضحيته الكبيرة في الانسحاب. والأهم من ذلك أن يمنع اشتعال أية شرارة وسط الدائرة الشيعية.

٢٧ تموز ٢٠٢٢

اترك تعليقاً