السيمر / فيينا / الخميس 20 . 10 . 2022
سليم الحسني
بعد استقالة عادل عبد المهدي، كلّف رئيس الجمهورية برهم صالح محمد توفيق علاوي لتشكيل الحكومة. كان أمام علاوي فرصة مناسبة للحصول على التأييد وسط أجواء ساخنة من التظاهرات والاعتصامات، وبعد تداول مطوّل حول المرشحين لتشكيل حكومة مؤقتة مهمتها إجراء انتخابات مبكرة.
بدأ علاوي اتصالاته وعقد اجتماعاته لاختيار الوزراء، لكنه اصطدم بتشدد الكتل السياسية في الحصول على حصصها من الوزارات. وكان قادة الكتل يستخدمون عامل الزمن للضغط عليه، وكانوا يتوقعون أنه مع اقتراب نهاية الفترة المحددة له سيضطر الى الخضوع لطلباتهم.
فاجأ محمد توفيق علاوي قادة العملية السياسية بتمسكه بموقفه، وترك هذه المهمة التي يشتريها المتنافسون بماء الوجه. خسر علاوي بحسابات السياسة أهم موقع في الدولة، لكنه سجّل نصراً عليهم بمعايير القيم والبناء الحقيقي للدولة.
بعد علاوي جاء الكاظمي الذي أعاد الأمور الى سياقها المألوف، أي الاستجابة لما يريده قادة الكتل، فكانت حكومته مثل السابقات من حيث المحاصصة ومن حيث خضوعها لأسعار السوق في البيع والشراء. وكانت النتيجة أن سجّلت أعلى المستويات في منسوب الفساد، وحصلت الكتل السياسية على علاوات إضافية مضاعفة من السرقات بسهولة ويسر.
بعد نهاية حكومة الكاظمي، تم تكليف محمد شياع السوداني. وقد بدأ أيام تكليفه بسلسلة من التغريدات والشعارات الكبيرة كما هي عادة المكلفين. لكنه اختلف عن سابقيه باحترامه لعامل الوقت وحرصه على الزمن، فقد سعى الى أن يخوض قادة الكتل في التفاهم على صفقاتهم الوزارية بسرعة، ليجري الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.
يعرف السوداني ويعرف غيره أن الاعتراض ومواجهة الكتل السياسية في رغباتهم وشروطهم وطلباتهم، يعني تكرار تجربة محمد توفيق علاوي. والرجل لا يريد أن يترك الميدان، لعله يرى أنه يستطيع تصحيح الأوضاع، ويتمكن من محاربة الفساد. وعلى فرض أنه يعجز عن ذلك فلن يكون بدعاً من الرؤساء السابقين. ما يحتاجه السوداني أن يجد شعارات جديدة غير التي تم استخدامها سابقاً مثل: من أين لك هذا؟ وسأضرب بيد من حديد، والحرب على الفساد، ومكافحة الفاسدين، فالتغيير مطلوب.
الضمير هو الذي جعل محمد توفيق علاوي لا يحتل منصب رئيس الوزراء. والضمير هو الذي جعل الآخرين يحتلون المنصب. هناك فرق بين الاثنين.
٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٢